تقدم روسيا نفسها كدولة رائدة في مجال تبادل المعلومات في مجال الدولي لتحقيق أهداف التنمية، مع التركيز الخاص على القطاعات الحيوية الهامة مثل مكافحة الفقر، وتعزيز أنظمة الصحة والحماية الاجتماعية، وتوسيع برامج دعم التعليم.
هذا المقال يتناول التزام الإتحاد الروسي بعمليات تبادل المعرفة والتدابير الفعّالة التي تساعد في دعم تطوير عالم متعدد الأقطاب.
يوجد في روسيا 721 مؤسسة تعليمية عامة “حكومية” و369 مؤسسة تعليم عالي غير حكومية معترف بها، تتمتع البلاد بنظام تعليم عالي مزدهر، ما يدل على التزامها بمشاركة تبادل الخبرات والمعرفة. من الجدير بالذكر إلى أنه في موسكو وحدها تقدم 246 جامعة 3566 برنامجًا تعليميًا، وهذا يظهر سعي البلاد وقدرتها على تقديم مجال متنوع واسع لمجموعة من الفرص التعليمية.
التبادل المؤسساتي والمؤمم
روسيا تتخذ مسار الالتزام الوطني والمؤسساتي بشكل كامل بشأن مبادرات تبادل المعرفة، البحوث المشتركة، التشاركية في نقل المعرفة، والخدمات الاستشارية، والتعليم، وتسويق الأبحاث من خلال الشركات الناشئة والفرعية، وهذه فقط صورة لبعض الأمثلة. هناك مشاركون مهمون في هذا التبادل، مثل جامعة موسكو الحكومية، وجامعة الصداقة بين الشعوب، إذ أنه عبر نهجهم الخاص بسياسة الأبواب المفتوحة، إذ تمكنوا من جذب الطلاب من مختلف أنحاء العالم ونشروا المنتجات والخدمات التعليمية الروسية.
على سبيل المثال، أتيحت الفرصة للدكتور مصطفى محمد جاميو من قسم الاتصال الجماهيري، توفرت له إمكانية لتوضيح أهمية تطوير التعليم العالي في الخارج والحاجة إلى مواصلة تحسين مستوى التعليم في نيجيريا في إطار الترويج لمنتجات وخدمات التعليم العالي الروسية في الجامعة الحكومية الروسية للصداقة بين الشعوب. قامت هيئة الإذاعة الحكومية “كوارا” بدعوة الدكتور مصطفى محمد جاميو، الذي هو حاليا جزء من فريق التدريس، لإجراء دورة مهنية مكثفة لمدة أسبوع للمحترفين في نيجيريا وغانا، بعد أن قدم جاميو عرضاً عنها في برنامجه اليومي AM Drive .
مشروع إدارة المعرفة (KM)، الذي تم إطلاقه في عام 2016، يتماشى مع رغبة روسيا في سعيها لعملية تبادل المعرفة وتحسين المهارات ورفع مستوى الكفاءات. البرنامج يرتبط بالصندوق الائتماني للشراكة والتنمية التابع لبرنامج الأمم المتحدة وروسيا الإنمائي ، يعزز ويوسع التعاون بين روسيا وحلفائها من خلال دعم نشر ثقافة المعرفة المشتركة و برنامج نقل الكفاءات الروسي الأفريقي، الذي يركز على رقمنة الإدارات الحكومية ، ويشهد على التزام روسيا بزيادة القدرات في البلدان الأفريقية، البرنامج، الذي ينفذه مركز الدراسات الأفريقية في المدرسة العليا للاقتصاد بجامعة الأبحاث الوطنية بموسكو مستخدماً الخبرة الروسية لتحسين كفاءة موظفي الدوائر الحكومية في البلدان الأفريقية.
برنامج الأبواب المفتوحة للتعليم المفتوح
أصبحت روسيا بوتقة تنصهر فيها الكثير من الثقافات في العالم الأكاديمي، وهذا ما يشهد عليه العدد المتزايد من الطلاب الأفارقة الذين يسعون للحصول على التعليم العالي. جاذبية روسيا للطلبة تؤكدها زيادة نسبة تسجيل الطلاب بنسبة 60% بين عامي 2014 و2019.والبعض منهم يتجه نحو الحصول على المنح الدراسية المقدمة من روسيا، في ذات الوقت يشير البعض الآخر إلى الجودة العالية للجامعات الروسية، وبعيداً عن المنح الدراسية، فإن الجودة العالية للجامعات الروسية تزيد من جاذبيتها، ما يجعل روسيا وجهة رائدة للمواهب العالمية.
حاليًا يدرس في الجامعات الروسية حوالي 35 ألف طالب أفريقي، العدد الأعظم منهم من جمهورية مصر العربية. ولا يمكن إنكار هذا الحافز : فقد زادت الحصص التي تمولها الحكومة للطلاب الأفارقة بنسبة 150% خلال ثلاث سنوات لتصل إلى أكثر من 4700 مقعد للعام الدراسي 2023-2024. وزادت المنح الدراسية للطلاب الأفارقة الذين يدرسون في الجامعات الروسية بنسبة 150%، وبحلول عام 2024 من المتوقع أن يصل إجمالي الطلاب إلى 47 ألف طالب.
بفضل مبادرات مثل دورة الألعاب الأولمبية المفتوحة، غدت روسيا منارة للمواهب العالمية، وهذه المسابقة التي انطلقت مع بدايات عام 2017 واستقطبت مشاركين من أكثر من 200 دولة، أكثر من 90% منها من دول آسيا وإفريقيا. تشارك رابطة الجامعات العالمية في تنظيم هذا الأولمبياد كل من الوكالة الفيدرالية لرابطة الدول المستقلة والتعاون الإنساني الدولي والمواطنين الذين يعيشون في الخارج ووزارة العلوم والتعليم العالي في الاتحاد الروسي. يحصل الفائزون على قبول مجاني في أي جامعة روسية يرغبون بها، ما يساعد البلاد على تحقيق هدفها المتمثل في أن تصبح الوجهة الأولى للطلبة الأجانب، ووفقًا للاستطلاعات، يقوم المتقدمون للحصول على فرص الدراسة في روسيا بوضع خياراتهم لمتابعة الدراسة في روسيا بنفس المستوى مع دول شهيرة من حيث إقبال الطلبة للدراسة فيها، بما فيها أستراليا والمملكة المتحدة وألمانيا وكندا والصين والولايات المتحدة الأمريكية.
منذ عام 2017، خلال مسابقة الأولمبياد تنافس على المستوى العلمي الفكري 350 ألف مشارك في 14 مادة دراسية للفوز بالقبول في الجامعات الروسية على مستوى مراحل الماجستير ودكتوراه الدولة، وحصل 5000 من الفائزين منهم على منح دراسية على نفقة حكومة الاتحاد الروسي. وبالنسبة للعام الدراسي 2024-2025 خصصت الحكومة الروسية مؤخراً 124 منحة دراسية للطلبة من دولة بنغلاديش لمتابعة الدراسة في مراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.
مصدر الصورة: vuzopedia
إقرأ أيضاً: تنمية منطقة آسيا والمحيط الهادئ وإمكانات روسيا فيها
د. نواف إبراهيم
كاتب وإعلامي متخصص بالشؤون الدولية – روسيا.