صدر كتاب “خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي” للكاتب السياسي، الدكتور محمد صادق اسماعيل، مدير مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية.
الكتاب يسلّط الضوء على كل ما تحظى به بريطانيا من مكاسب أتت من عضويتها في الإتحاد الأوروبي، بقي ذلك الشعور البريطاني بالتفرد والرغبة في التميز وعدم الانتماء حاضراً لدى البريطانيين، حتى أنك قد تسمعهم يطلقون على أوروبا لقب “القارة”، وتجد إعلانات وكالات السياحة في بريطانيا تشير إلى رحلات إلى “أوروبا”، وكأنما هم يقطنون قارة أخرى.
وبالتالي فقد أثارت زوبعة الاستفتاء حول مصير بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، كل هذا الغبار الذي شتت الرؤى ليس فقط حول مستقبل الاقتصاد البريطاني بل والإقتصاد الأوروبي، بل وصل الأمر الى الجانب الآخر من الأطلسي مشوشا على القرار الأميركي حول محرك هام لعجلة الاقتصاد العالمي برمته، ألا وهو الفائدة الأميركية. وبالتالي فإن الأمر كان صادما خاصة أن بريطانيا تعد أحد الأعمدة الرئيسية في الاتحاد الأوروبي وخامس اقتصاد عالمي، ومركز أوروبا المالي، وصاحبة نصيب الأسد من الاستثمارات الأوروبية المباشرة.
ويذكر التاريخ أن بريطانيا تمسكت على الدوام بمسافة فاصلة بينها وبين كافة الدول الأوروبية، حتى بعد الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي والذي جاء متأخراً بعد رفض أولي. فعندما أعلن عن تأسيس الاتحاد الأوروبي في العام 1957 كتكتل اقتصادي، لم تكن بريطانيا من الدول المؤسسة لهذا الإتحاد، ولم تعدل عن موقفها سوى في العام 1973 أي بعد 16 سنة. وبعد عامين من الإنضمام جرى أول استفتاء على الخروج البريطاني من الإتحاد Brexit أول، لكن حينها رجحت كفة مؤيدي البقاء بـ 67% من الأصوات.
وعلى الرغم من البقاء الا أن الرغبة في الخروج ظلت تراود بريطانيا ولا أدل على ذلك من رفض لندن الانضمام إلى منطقة اليورو واعتماد العملة الأوروبية الموحدة، وتمسكها بعملتها الوطنية “الجنيه الإسترليني”، كما أن بريطانيا رفضت كذلك بالدخول في اتفاق “شنغن” أو منطقة الحدود المفتوحة بين دول أوروبا.
وقد مر الاتحاد الأوروبي بأزمات إقتصادية منذ الأزمة المالية العالمية 2009 التي ولدت أزمة منطقة اليورو، مرورا بأزمة اللاجئين والتخبط الأوروبي في معالجتها، شكلت جميعها دفعة جديدة حركت رغبة الانفصال من جديد في وجدان كثير من البريطانيين بلغت طبقا للإستفتاء أكثر من النصف.
أضف لذلك فإن الرغبة” الثقافية” ظلت أيضا هاجسا يلح على البريطانيين في ضرورة الإنفصال للحفاظ على الهوية التاريخية البريطانية، ذلك أن مسألة الهجرة المتنامية في اوروبا قد تدفع لتغير في النسيج الثقافي البريطاني والهوية التقليدية لبريطانيا وبالتالي اجتمعت كل تلك الامور “الملحة” لتحسم الخروج البريطاني من الاتحاد الاوروبي وتطرح تساؤلات جادة حول المستقبل سواء لبريطانيا أو للإتحاد الاوروبي.. إشكاليات عدة يسعى هذا الكتاب لطرحها بداية من الإضمام إلى الخروج وما يتبعه من تداعيات سواء على الإقتصاد البريطاني أو الاوروبي أو على المستقبل الذي قد يدفع دولا أخرى لمحاكاة البيركت البريطاني والرغبة في التفرد بعيدا عن التجمع الاوروبي الذي صار مستقبله غامضا ما بين بداية التفكك أو إثبات القدرة على تجاوز الخروج البريطاني والبقاء صامدا في ظل تواجد قوى إقتصادية ما زالت تتمسك بالعضوية الاوروبية.
الكتاب صادر عن دار العربي للنشر