خاص “سيتا”

كمال مساعد*

تنتشر القواعد العسكرية الأميركية في 130 بلداً حول العالم تقريباً، ويزيد عددها عن الألف وفق بعض التقارير العسكرية، وتترواح مهماتها بين القيام بالعمليات العسكرية والتدريب المشترك مع قوات الدول المتواجدة بها، والمشاركة في عمليات حفظ السلام، كما سعت أميركا إلى عقد الاتفاقات الأمنية مع العديد من الدول حول العالم من أجل ذلك.

واستخدمت تلك القواعد في فرض الأمن، ومساندة الأنقلابات العسكرية، والقيام بعمليات نوعية ضد ما أسمته مكافحة “الإرهاب”، وبصفة خاصة في فترة ما بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وما تمخضت عنه من احتلال لكل من الأراضي الأفغانية والعراقية عامي 2001 و2003 على التوالي.

ويصل عمر بعض هذه القواعد إلى حوالي 50 عاماً، أي منذ الحرب الباردة مثل تلك الموجودة في اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية، في حين أنشأت قواعد عسكرية حديثة نسبياً، كتلك التي شاركت في عملية غزو العراق وأفغانستان.

دواعٍ عسكرية وإستراتيجية

دائماً ما تعرض الولايات المتحدة أسباباً عسكرية وإستراتيجية لبناء مثل تلك القواعد، وفي هذا يذكر الجغرافي الأميركي بكلية “إيفرغرين” في أوليمبيا بواشنطن “زولتان غروسمان” أن الولايات المتحدة، منذ سقوط حائط برلين عام 1989، أنشأت مجموعة من القواعد العسكرية الأميركية بلغت 35 قاعدة جديدة بين بولندا وباكستان –باستثناء التي أنشأتها في العراق- وهو ما أطلق عليه تشكيل “مجال نفوذ” لأميركا في المنطقة.

وقد اتجهت الأنظار صوب القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في العالم العربي بسبب مشاركتها في العمليات العسكرية التي دارت على الأراضي العراقية إبان عملية الغزو التي قادتها أميركا بالتحالف مع دول أخرى.

وتنقسم القوات الأميركية إلى قوات بحرية وجوية وبرية. وتتجسد القوات البحرية في حاملات الطائرات والأساطيل المتواجدة في الخليج وبحر العرب والبحر الأبيض المتوسط، وحاملات الطائرات الأميركية “يو.أس.أس ايزنهاور”، وهي حلت في شمال بحر العرب مكان حاملة الطائرات “يو.أس.أس ابراهام لينكولن” التي عادت الى الولايات المتحدة، على أن تلتحق بهاً حاملة طائرات أخرى هي “يو.أس.أس جون ستينيس”. ويرافق حاملة الطائرات “يو.أس.أس ايزنهاور” طراد ومدمرة بصواريخ مسيّرة عن بعد.

أما القوات الجوية، فقد نشر الجيش الأميركي عدداً غير محدد من الطائرات المقاتلة من طراز “اف – 22” في قاعدة “الظفرة” في دولة الإمارات العربية المتحدة المقابلة لإيران. وتعتبر هذه الطائرات “الشبح”، التي لم تنشر بعد خارج الولايات المتحدة، الأكثر حداثة في الترسانة الجوية الأميركية، وهي قادرة على بلوغ سرعات تفوق سرعة الصوت.

كذلك نشرت الولايات المتحدة طائرات من طراز “اف – 15 سي” أقدم منها، في قواعد المنطقة العربية على ما أفادت صحيفة “نيويورك تايمز”. وتحمل كل حاملة طائرات ستين طائرة. أما القواعد الأميركية في دول الخليج العربية فهي على الشكل التالي:

• الكويت

ينتشر نحو 15 ألف جندي في “غريفجان”، كما تعمل الولايات المتحدة مع حلفائها أيضاً من قاعدة علي “السالم” الجوية في الكويت، وقد طلب الجيش الأميركي من الكويت إذناً لنشر ثلاثة آلاف رجل إضافي. وفي الكويت، توجد الفرقة الثالثة من المشاة الأميركية “المجوقلة” في “معسكر الدوحة”، بمعدات متنوعة – دبابات وعربات مدرعة وطائرات هليكوبتر وأكثر من 80 طائرة مقاتلة ووحدات من القوات الخاصة سريعة الانتشار.

• البحرين

يتخذ الأسطول الخامس الأميركي من المنامة مقره العام ويسيطر على منطقة تشمل قناة السويس والبحر الأحمر وبحر العرب والخليج. ويخدم في هذا المقر الأميركي في المنامة 4200 جندي أميركي، ويضم حاملة طائرات أميركية وعدداً من الغواصات الهجومية والمدمرات البحرية وأكثر من 70 مقاتلة، إضافة إلى قاذفات القنابل والمقاتلات التكتيكية وطائرات التزوّد بالوقود المتمركزة في قاعدة “الشيخ عيسى” الجوية.

• دولة الإمارات العربية المتحدة

تنشر الولايات المتحدة طائرات من طراز “اف – 22” في قاعدة “الظفرة” الجوية في أبو ظبي التي تستعمل أيضاً لمهمات إمدادات ومراقبة واستطلاع، بحسب الخبراء. وفي القاعدة مستودعات متعددة لأغراض الدعم اللوجيستي، إضافة إلى ميناءين مهمين يطلان على مياه الخليج العميقة، الأمر الذي يبرز أهميتهما بالنسبة للسفن العسكرية الكبيرة. كما يشكل ميناء جبل، علي في دبي، محطة للسفن والبارجات الأميركية للتزوّد بالوقود والغذاء والاستراحة.

• قطر

هناك قاعدة “العديد” قرب الدوحة، وهي من أحدث ما يكون، بنيت خصيصاً في نهاية التسعينيات من القرن العشرين لإيواء القوات الجوية الأميركية في حال حصول نزاع مع إيران وتستعمل في عمليات جوية وإمدادات ويمكنها إيواء 130 طائرة وعشرة آلاف رجل. وتشتمل قاعدة “العديد” الجوية على مدرج للطائرات يعد من أطول الممرات في العالم وهو قادر على إستقبال أكثر من 100 طائرة على الأرض. وتعتبر هذه القاعدة مقراً للمجموعة 319 الاستكشافية الجوية التي تضم قاذفات ومقاتلات وطائرات استطلاعية إضافة لعدد من الدبابات ووحدات الدعم العسكري وكميات كافية من العتاد والآلات العسكرية المتقدمة، ما جعل بعض العسكريين يصنفونها أكبر مخزن إستراتيجي للأسلحة الأميركية في المنطقة.

أما قاعدة “السيلية” فقد استخدمت في الحرب على أفغانستان حيث بلغ عدد القوات المتواجدة بها حوال 10,000 جندي، وكانت المركز الرئيسي لإدارة الحرب على العراق عام 2003. تتميز بوجود مخازن للأسلحة الأميركية هي الأكبر من نوعها. ويبلغ عدد الجنود الأميركيين المتواجدين بصورة دائمة في القاعدة نحو3000 جندي. تبلغ مساحة القاعدة 1.6 مليون قدم مربع او نحو 37 فداناً من المساحة المخصصة للتخزين، وفيها طرق تصل طولها الى أكثر من عشرة كيلومترات، وتضم منشآت ومراكز القيادة وثكنات الجنود ومستلزمات المعيشة لهم.

• سلطنة عُمان

سمحت للولايات المتحدة باستعمال قواعدها منذ عام 1980 بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وتحركت المقاتلات الأميركية “بي-1” من تلك القواعد خلال الحرب الأميركية على حركة طالبان في أفغانستان عام 2001، وفي هذه القواعد يخزن الجيش الأميركي أيضاً عتاداً.

وتستمد سلطنة عُمان أهميتها بالنسبة للولايات المتحدة من حيث موقعها كمركز متعدد المهام لخدمات دعم الجسر الجوي، وقامت الولايات المتحدة بإنشاء قاعدة جوية فيها، تتمركز فيها قاذفات طراز (B1) وطائرات التزوّد بالوقود.

• السعودية

كانت المملكة العربية السعودية تستضيف أحد مراكز قيادة القوات الجوية الأميركية الإقليمية المهمة، داخل قاعدة “الأمير سلطان” الجوية في الرياض، وبواقع 5000 جندي تابعين للجيش وسلاح الجو الأميركي، وأكثر من 80 مقاتلة أميركية، وقد استخدمت هذه القاعدة في إدارة الطلعات الجوية لمراقبة حظر الطيران الذي كان مفروضاً على ىشمال العراق وجنوبه إبان فترة العقوبات الدولية على العراق خلال حكم صدام حسين.

كما كانت القاعدة تعمل كمركزٍ للتنسيق بين عمليات جمع المعلومات والاستطلاع والاستخبارات الأميركية في المنطقة. لكن، منذ أواسط العام 2003، إنتقل نحو 4500 جندي أميركي إلى دولة قطر المجاورة، وبقي في السعودية نحو 500 جندي أميركي فقط ظلوا متمركزين فيما يعرف بـ “قرية الإسكان”. وأنهت أميركا وجودها العسكري في قاعدة “الأمير سلطان” الجوية في الرياض، هذا إضافة إلى تركيا والأردن وإسرائيل خلال الأزمة والعدوان على سورية.

• المغرب

حصلت الولايات المتحدة الأمريكية على موافقة المغرب على استخدام قواتها المسلحة لعدد من قواعد ومنشآت هذا البلد العسكرية. فالمعاهدة الموقعة مع مراكش في أيار عام 1982 سمحت لواشنطن بنقل قوات الانتشار السريع عبر هذا البلد والقيام بتزويد الطائرات الأميركية بالوقود واستخدام القواعد والمنشآت المحلية لإجراء التدريبات والمناورات.

وتملك الولايات المتحدة نقطة اتصال للقوات البحرية في “سيدي يحيى” (80 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من مدينة الرباط) لخدمة الصواريخ المضادة للسفن في منطقة المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط. كما يملك الأميركيون مراكز تدريب عسكرية في “قينيطرا” و”بوكاديلي”. وأعلنت الحكومة المغربية رسمياً أن القواعد الثلاثة المذكورة تعتبر قواعد “تدريب” للقوات المغربية المسلحة.

أما القواعد الأميركية الموجودة في وسط آسيا وأبرزها قواعد: “باغرام”، و”قندهار”، و”خوست”، و”لورا”، و”مزار شريف”، و”بولي” في أفغانستان. والقواعد الأخرى الموجودة في تركيا (أضنة) وقبرص وفلسطين المحتلة وطاجكستان وتركمنستان وأوزبكستان وجورجيا، فضلاً عن قاعدة “دييغو غارسيا” في المحيط الهادي بالمشاركة مع القوات البريطانية، والقواعد الأميركية في اليابان وكوريا الجنوبية والفيليبين.

• جيبوتي

منذ بداية سنة 2002 بدأت القوات الأميركية تتمركز في قاعدة “ليمونيه” (Camp Lemonnier)، وقد بلغ عددها 900 جندي، وإن كانت بعض التقديرات الأفريقية تقدر عددها بـ 1900 جندي. وفي 13 ديسمبر/كانون الأول 2002، وصلت حاملة الطائرات “يو.إس.إس مونت ويتني” للمنطقة، وعلى متنها 400 جندي ينتمون لكافة أفرع القوات المسلحة الأميركية.

وقد أصبح “معسكر ليمونيه” مقر قوة العمل المشتركة (Combined Joint Task Force CJTF) في القرن الأفريقي. وتقوم هذه القوة بمراقبة المجال الجوي والبحري والبري لست دول أفريقية هي: السودان وأريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا، فضلاً عن اليمن ودول الشرق الأوسط.

الى ذلك، ذكرت بعض الوكالات أن الأميركيين يملكون 180 ألف جندي في المنطقة الخاضعة للقيادة المركزية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، بينهم 71 الفاً في أفغانستان، و20 الفاً على متن بوارج حربية، وذلك بحسب وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”.

كما كشف تقرير عسكري معلومات، أنه بينما تقلّص القوات الأميركية وجودها في أجزاء كثيرة من العالم بسبب التخفيضات في الموازنة، حيث بدأت الخفض التدريجي لقواتها من أفغانستان إلى أن أنتهى الانسحاب الكامل بحلول عام 2014، فإن الوجود العسكري لهذه القوات لا يزال واسعاً. فمن أصل 1.4 مليون عسكري، هم في الخدمة الفعلية، نشرت الولايات المتحدة 350 ألفاً من قواتها العسكرية في ما لا يقل عن 130 دولة أجنبية في جميع أنحاء العالم، إذ يوجد أكثر من 750 قاعدة دولية، بعضها تعود إلى حقبة الحرب الباردة، ولكن الكثير منها تقع في مناطق القتال في الشرق الأوسط أو بالقرب منها، إضافة إلى المتعاقدين من القطاع الخاص والجنود الاحتياط والموظفين المدنيين الذين يعملون في وزارة الدفاع الأميركية.

ويشير التقرير إلى أن المنشآت العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط تعمل على إبقاء العين على إيران، كما يؤكد مهران كامرافا، مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية في جامعة جورج تاون – كلية الشؤون الدولية في قطر: كانت هناك ثلاثة أسباب لسعي الولايات المتحدة لتأمين وجود عسكري لها في جميع أنحاء الشرق الأوسط قبل حرب الخليج الأولى، وهي “تأمين مصادر النفط، وضمان أمن دولة إسرائيل، ومكافحة التهديدات للمصالح الأميركية. وفي وقت لاحق، أصبح الوجود العسكري المباشر لا على شكل إملاءات، ولكن كمظلة أمنية وبقرارات سياسة واعية من جانب دول الخليج” العربية.

 

* باحث في الشؤون الإستراتيجية

مصدر الصور: دوت مصر – الجزيرة – الشبكة الوطنية الكويتية – سبوتنيك