ما تزال تداعيات الرد الإيراني على قصف القنصلية في دمشق يتفاعل بشكل كبير، حيث نتج عن ذلك الكثير من الإعتبارات التي سيكون لها تأثيرات مستقبلية على صُعد متعددة.

في هذا المجال، تقول الأستاذة ميس الكريدي، الكاتبة والإعلامية السورية وعضو اللجنة الدستورية المصغرة، لـ “مركز سيتا” أن رد الجمهورية الإسلامية الإيرانية على ما قامت به إسرائيل باعتدائها على القنصلية “يتمحور بعدة مستويات عسكرية وسياسية واقتصادية وتكنولوجية وجيو – سياسية، وأفرز تداعيات على مستويات عدة إيراني محلي وإقليمي وعالمي لا يمكن تجاهلها وحصرها بضربة عسكرية محدودة انتقاماً من العدوان الاسرائيلي على قنصليتها.”

على الصعيد العسكري

في هذا السياق، ترى الأستاذة الكريدي بأن طهران “تعمدت إرسال عدة رسائل عسكرية لإسرائيل ودول الإقليم والى القوى العالمية بانها دولة يحسب لها الحساب على صعيد القوة العسكرية عدة وعديداً وتصنيعاً وهذا يتضمن التكتيك العسكري العالي المستوى والرسالة موجهة للعدو والصديق مع اختلاف الغاية منها كلٍ على حدا، إذ على الأول أن يفهم بأن عليه ان يحسب ألف حساب قبل إقدامه على تهديد المصالح الإيرانية في أي مكان من العالم، وعلى الثاني أن يتأكد من قوة صديقه ومن كان منهم حليفاً عليه ان يطمئن على قوة تحالفه مع دولة قوية كإيران. كل هذا ولم ندخل بعد في دلالة نوع الأسلحة التي استخدمت والتي تعتبر دلالة بالغة الأهمية لانتشار هذا النوع من السلاح الفعّال على نطاق كبير لدى حلفاء ايران في محور المقاومة والجاهزة لمهاجمة إسرائيل من كافة الجهات ودلالات هامة أخرى لا مجال لذكرها الآن.”

على الصعيد السياسي

تشير الأستاذة الكريدي بأن إيران قد أظهرت “إتقاناً منقطع النظير بتحريك دبلوماسيتها الحازمة والمرنة معاً قبل الضربة العسكرية، حيث أكدت حتميتها وفقاً للشرعية الدولية ومحذرة من عواقب أي رد إسرائيلي أو أي دعم من دول الإقليم أو القواعد المتواجدة عليها ويبدو أنها نجحت في ذلك.”

على الصعيدين الإقتصادي والتكنولوجي
في هذا الشأن، أشارت الأستاذة الكريدي إلى مسألة مهمة وهي قوة إيران الإقتصادية والدليل على ذلك “عدم قدرة العقوبات الاقتصادية الغربية التأثير – بشكل جدي – على نمو اقتصادها وقوته على الصعيدين الإقليمي والعالمي.”

أيضاً، أظهرت طهران – بحسب الكريدي – تطوراً كبيراً على المنحى التكنولوجي، بحيث لم يعد “التطور حكراً على إسرائيل والدول الغربية وروسيا والصين، إذ قامت بهجوم سيبراتي فعال على المنظومة الإسرائيلية، بالإضافة إلى قدرتها على التحكم بأعداد كبيرة من المسيرات لمسافة تزيد على آلاف كلم دون اخطاء وهذة قدرة تكنولوجية ملفتة.”

سيطرة جيو – سياسية

تشير الأستاذة الكريدي إلى أن “الحالة الأكثر فعالية والرسالة الأقوى جاءت من خلال قيام إيران بأسر سفينة اسرائيلية في مضيق هرمز مؤكدة سيطرتها الجغرافية والسياسية على المستوين الإقليمي والدولي، بالإضافة الى إرسال الرسالة الهامة جداً أن حلفائها في محور المقاومة، سورية وحزب الله في لبنان والمقاومة في العراق وحركة أنصار الله في اليمن جميعاً ذات موقع جيو – سياسي بالغ الأهمية والتأثير إقليمياً ودولياً.”

تماسك داخلي

بما يخص الداخل الإيراني، ترى الأستاذة الكريدي لأن طهران “عززت لدى الشعب الإيراني ثقته بقوة بلده وحركت مشاعره ايجابياً وعززت تمسكه بنظام ومبادئ الجمهورية الإسلامية.”

تحميل للمسؤولية

أما عن تعاطي المحيط العربي مع ايران ومحاولة تحميلها مسؤولية ما يحصل في غزة من قتل وتدمير، حقيقة الأمر – بحسب الكريدي – أنهم “يحملونها مسؤولية الصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني وهذا مالم تخفه إيران يوماً وإنما تفخر بذلك. أما ما عملية ’7 أكتوبر‘، فقد أكدت إيران – ومعها محور المقاومة – أنه كان قراراً يخص حركة حماس وأنهم لن يتخلوا عن دعم الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية في حربها مع إسرائيل، بل العمل على تعزيز صموده وإمكانياته في الدفاع عن نفسه. وعلى من يحمل من العرب مسؤولية ما يجري على الشعب الفلسطيني من قتل وتدمير في غزة، فليسألوا حماس على من اعتمدت في التوقيت ومن تخلى عنها وعن الشعب الفلسطيني بعد ذلك.”

صورة مهشمة

أما عن صورة إسرائيل في الخارج، ترى الكريدي بأنها قد “فقدت كثيراً من الحالة الشعبية العالمية بتفوّقها حتى على نفسها بالإجرام على الرغم من دعم حكومات الدول الغربية كافة وبعض الدول الإقليمية. في المقابل، اثبتت إيران إنها دولة ذات مبادئ اخلاقية وكان ردها على مواقع عسكرية فقط عكس ما تفعلة إسرائيل في كل حروبها وضرباتها حيث تشكل الأهداف المدنية الهدف الرئيس لها بغية التأثير على الحاضن الشعبي، وهو ما جعلها ’مجرمة‘ في نظر شعوب كثيرة في العالم مما سيشكل ضغط على حكومات هذه الشعوب للضغط عليها.”

ختاماً، تقول الكريدي بأنه وعلى الرغم من أن الرد العسكري الإيراني شكل صدمة لإسرائيل “إلا انه من المتوقع إلا تقوم هي بالرد على الرغم من السجال داخل الحكومة والمجتمع الإسرائيلي لعلمها بصعوبة ما ستواجهه من ردود قاسية أو أي حرب مفتوحة في الإقليم لا تحتملها ولا تريدها قوى الإقليم ولا الدول الكبرى، إلا إذا اتّبعت الحكومة الإسرائيلية الحمق المطبق في قرارها.”

مصدر الصورة: ميس الكريدي

أقرأ أيضاًالإيقاع الأميركي وتعقيدات طوفان الأقصى والحرب على غزة