إعداد: يارا انبيعة
اختتمت فعاليات مؤتمر “إعادة إعمار العراق” الذي استضافته دولة الكويت، تحت رعاية أمير الدولة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في 14 فبراير/شباط 2018، بمشاركة أكثر من 74 جهة من دول ومؤسسات مالية ونقدية متخصصة، بإجمالي إسهامات قدرت بحوالي 30 مليار دولار. وبلغ عدد المشاريع الموضوعة، على القائمة المعروضة على المستثمرين والدول المانحة، 157 مشروعاً في مختلف القطاعات، تتركز نسبة كبيرة منها في مناطق وسط وجنوب العراق. في المقابل، طرحت الحكومة الكثير من التسهيلات غير المسبوقة للشركات بغية تسهل مهامها والسرعة في تنفيذ تلك المشاريع.
محاور ثلاث
تضمن المؤتمر مجموعة من الكلمات لكبار المشاركين منهم رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، والأمين العام للامم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، فيديريكا موغريني، ورئيس مجموعة البنك الدولي، جيم كيم، كما استعرض الوفد العراقي جدول اعمال تضمن ثلاثة محاور أساسية هي إعادة الإعمار وتنمية الاستثمار ودعم الاستقرار في البلاد وتعزيز التعايش السلمي بين مختلف أطياف المجتمع العراقي وتحقيق المصالحة الوطنية.
وبحثت فعاليات المؤتمر الأضرار التي تم إحصاؤها جراء الحرب والاحتياجات اللازمة لمعالجتها إضافة إلى مشاريع دعم الاستقرار والمصالحة والتعايش السلمي والإجراءات الخاصة بتهيئة البيئة المناسبة للاستثمار في نحو 212 مشروعاً في جميع قطاعات الاقتصاد العراقي منها مشاريع في كردستان.
كلفة إعمار باهظة
بدأت جلسات اليوم الافتتاحي بكلمات لمسؤولين عراقيين شددوا خلالها على أن المؤتمر سيكون أساسياً في تحقيق خطة إعادة الإعمار التي تعتمد على إعادة البناء والتعايش السلمي والاستقرار والاستثمار.
خلال المؤتمر، تم عرض فيلم وثائقي عن الدمار في محافظة نينوى بالعراق بحضور كل من مدير عام الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، عبد الوهاب البدر، وأمين عام مجلس الوزراء العراقي، الدكتور مهدي العلاق، ورئيس صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية بالعراق، الدكتور مصطفى الهيتي، ومدير عام الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، عبد اللطيف الحمد.
الى ذلك، قال مدير صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة، مصطفى الهيتي، إن “العراق بدأ أولى خطوات إعادة الإعمار، إلا أنه لم يتمكن من انجاز سوى 1% منها حتى الآن.” وأشار الهيتي إلى “وجود 2.5 مليون نازح بحاجة للمساعدة، وإلى وجود نحو 138 ألف منزل متضرر، فيما لحق الدمار بأكثر من نصف هذا العدد جراء الحرب مع تنظيم داعش.”
من هنا، قال وزير التخطيط العراقي، سلمان الجميلي، إن بلاده بحاجة إلى 88.2 مليار دولار لإعادة بناء ما دمرته الحرب، فيما أشار مدير عام وزارة التخطيط العراقية، قصي عبد الفتاح، إلى أن إعادة إعمار العراق تتطلب جمع 22 مليار دولار بشكل عاجل، و66 مليار دولار أخرى على المدى المتوسط.
وقال ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في العراق برونو جيدو “نحن نتحمل مسؤولية جماعية في مواصلة دعم العراق في هذه المرحلة الحاسمة ويجب أن لا نترك شعب العراق في وضع حرج.” كما ناشدت منظمة “اليونيسف” الدول المشاركة في مؤتمر الكويت الالتزام بدعم استعادة الخدمات الأساسية للأطفال في العراق.
اما اليوم الثاني، فتم تخصيصه للحديث عن فرص القطاع الخاص المتاحة بالعراق والتداول بشأنها؛ وذلك من خلال جلسات “الإستثمر في العراق”، الذي نظمه غرفة التجارة والصناعة الكويتية ضمن فعاليات مؤتمر إعادة الإعمار.
ورداً على سؤال، قال وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، ان “المبلغ الذي تم جمعه لا يسد الحاجة، لكن ما تحقق ليس قليلاً ونحن راضون عن هذا العطاء”، واعتبر “ان التعهدات تجسد إرادة المجتمع الدولي في الوقوف إلى جانب العراق للتخلص من تركة الإرهاب بعد الانتصار على تنظيم داعش”، وكشف عن أن حكومته كانت تراهن على مبلغ أقل مما تحقق اذ “لم نكن نتوقع الحصول على 88.2 مليار، ولكن ما تحقق كان كبيراً.”
جلسات موازية
رافق انعقاد المؤتمر ثلاثة جلسات مختصة الأولى بعنوان “إعادة إعمار العراق”، التي استعرضت تفاصيل الوثائق الخاصة بالإضرار المباشرة وغير المباشرة والجهود المطلوبة للنهوض بالوضع الاقتصادي والخدمي بحضور مئات الخبراء الدوليين وممثلي الوزارات والجهات ذات العلاقة.
واما الجلسة الثانية فكانت بعنوان “مؤتمر المنظمات غير الحكومية لدعم الوضع الإنساني في العراق” وهدفت الى دعم الاستقرار والاستجابة للاحتياجات الآنية بحضور نحو 74 موفداً من الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني العراقية والعربية والدولية وعدد من ممثلي الجهات المعنية.
أما الجلسة الثالثة فبحثت “الاستثمار في العراق” بحضور ممثلين عن مئات الشركات إذ تضمن معرضاً نوعياً كبيراً شارك فيه مجموعة من الشركات العامة التابعة لوزارة الصناعة والمعادن والوزارات والجهات الأخرى لطرح العروض الاستثمارية الخاصة بهذا الشأن.
الدول المانحة
في كلمته الختامية، قال الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح “إن جميع أعمال مؤتمر إعادة إعمار العراق تكللت بالنجاح، ونعلن اختتام المؤتمر”، لافتاً إلى أن المداخلات الغنية والمساهمات القيمة لكل المشاركين في المؤتمر في كافة اجتماعاته عكست بشكل واضح التزام المجتمع الدولي بضمان ترسيخ مستقبل آمن ومستتب للعراق الشقيق. كما أعلن الشيخ الصباح “التزام دولة الكويت بتخصيص مليار دولار على هيئة قروض وفق آليات الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، ومليار دولار للاستثمار في الفرص الاستثمارية في العراق فضلاً عن مساهمة الجمعيات الخيرية الكويتية المعلنة سابقة.”
من جهتها، أعلنت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، استثمار الاتحاد بمبلغ 400 مليون دولار على هيئة مساعدات انسانية لتثبيت الاستقرار في العراق.
الى ذلك، تعهدت مجموعة من المؤسسات والدول العربية والأجنبية بالدعم، إذ أعلنت تركيا تقديم بقيمة خمسة مليارات دولار على هيئة قروض وتسهيلات ائتمانية، فيما أعلنت المملكة العربية السعودية التزامها بتقديم مليار دولار لإعادة الإعمار عن طريق الصندوق السعودي للتنمية إضافة إلى 500 مليون دولار لتمويل الصادرات السعودية للعراق.
بدورها، أعلنت دولة قطر تخصيص حزمة من القروض والاستثمارات بقيمة مليار دولار، في حين أعلنت الإمارات العربية المتحدة التزامها بـ 500 مليون دولار، إلى جانب إعلان البنك الإسلامي للتنمية إستعداده لتقديم تمويل بمقدار 500 مليون دولار.
ومن الجهات المعلنة أيضاً الصندوق العربي للإنماء، إذ كشف عن الوصول إلى تسوية مع العراق تتيح له الاستفادة من تمويل الصندوق بمقدار مليار ونصف دولار، فيما أعلنت وزيرة التجارة الفندلندية عن تعهدها تقديم مبلغ 10 ملايين دولار في مجال نزع الألغام، وماليزيا بـ 100 ألف دولار.
البرلمان العربي “يُثني”
أشاد البرلمان في بيان له في ختام أعمال جلسته العامة الثالثة، في 15 فبراير/شباط 2018، بالدور الكبير لدولة الكويت في دعم القضايا العربية ومواجهة الأوضاع الإنسانية التي تمر بها بعض الدول العربية.
كما دعا البرلمان العربي إلى المشاركة الفاعلة والإسهام في إنجاح مؤتمر إعادة إعمار العراق تقديراً لدوره ودعماً لجهوده في محاربة الإرهاب وانتصاره على تنظيم داعش الإرهابي، وتحرير المدن العراقية التي كان يستولي عليها، وأكد البرلمان ايضاً دعمه الكامل من أجل إنجاح المؤتمر دفعاً لمساعي العراق في إعادة بناء ما خربه الإرهاب، كما حث مؤسسات التمويل العربية والمؤسسات الإغاثية المشاركة في المؤتمر من أجل تحسين الأوضاع في العراق.
مصدر الاخبار: وكالات
مصدر الصور: الاتحاد برس – إرم نيوز.