إعداد: يارا انبيعة
هدنة إنسانية لمدة لا تقل عن 30 يوماً نص عليها قرار مجلس لوقف إطلاق النار في سوريا، بالإجماع، اكد فيها من جديد التزامه القوي بسيادة سوريا، واستقلالها، ووحدتها وسلامة أراضيها، ومقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، كما شدد على أن الدول الأعضاء ملزمة بموجب المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة بقبول قرارات المجلس وتنفيذها.
مضمون القرار
نص القرار 2104 على جملة من المواضيع شملت الطلب من جميع الأطراف بوقف الأعمال العدائية دون إبطاء، وأن تشترك فوراً في كفالة التنفيذ الكامل والشامل، لدواعٍ انسانية، لمدة لا تقل عن 30 يوماً متتالية في جميع أنحاء سوريا. كما أكد القرار على ان وقف الأعمال العدائية لا ينطبق على العمليات العسكرية ضد التنظيمات الارهابية كداعش، والقاعدة، وجبهة النصرة، وجميع الكيانات المرتبطة بها.
كما أهاب القرار بجميع الأطراف أن تحترم وتلتزم بإتفاقات وقف إطلاق النار القائمة، بما في ذلك التنفيذ الكامل للقرار 2268، ويهيب بجميع الدول الأعضاء أن تستخدم نفوذها لدى الطرفين لضمان تنفيذ وقف الأعمال القتالية، والالتزامات القائمة، ودعم الجهود الرامية إلى تهيئة الظروف الملائمة لوقف دائم لإطلاق النار، وتشدد على الحاجة إلى ضمانات ذات صلة من الدول الأعضاء.
ودعا القرار جميع الدول الأعضاء المعنية إلى تنسيق الجهود الرامية إلى رصد وقف الأعمال القتالية، استنادا إلى الترتيبات القائمة، وطالب بأن تتيح جميع الأطراف، فور بدء وقف الأعمال العدائية، وصولاً آمنا ودون إعاقة ومستدامة كل أسبوع لقوافل الأمم المتحدة وشركائها التنفيذيين الإنسانيين، بما في ذلك الإمدادات الطبية والجراحية، إلى جميع المناطق المطلوبة والسكان، وإجراء عمليات إجلاء طبي آمنة وغير مشروطة.
كما ذكر بأن جميع الأطراف عليها أن تمتثل فوراً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الانساني لجهة حماية المدنيين، وكفالة واحترام وحماية جميع الموظفين الطبيين، وموظفي المساعدة الإنسانية الذين يشاركون حصرا في الواجبات الطبية ووسائل نقلهم ومعداتهم، فضلاً عن المستشفيات والمرافق الطبية الأخرى، وأن ينفذوا تنفيذاً كاملاً وفورياً جميع أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
ترحيب دولي وعربي
رحب مسؤولون أمميون وعرب بالقرار لا سيما وانه يطالب بوقف الأعمال العسكرية على جميع الاراضي السورية. من جهته، رحب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالقرار ودعا الى تطبيقه بشكل كامل بهدف ايصال المساعدات الإنسانية، مشدداً على أن الغوطة الشرقية لا يمكن أن تنتظر قائلاً: “حان الوقت لإيقاف هذا الجحيم.”
بدوره أعرب مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، أن “الأمم المتحدة وشركاءها مستعدون لدعم القوافل المنقذة للحياة، والإجلاء الطبي من الغوطة الشرقية وغيرها من المناطق المحاصرة والأماكن التي يصعب الوصول إليها بأنحاء سوريا”، حيث دعا كل الأطراف إلى جعل هذا الأمر ممكناً، مشيراً إلى أنه يجب أن تتحول الكلمات بشكل سريع إلى عمل.
من جهتها، طالبت كندا، في بيان صادر عن وزيرة الخارجية كريستيا فريلاند، بـ “التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن بخصوص هدنة إنسانية في سوريا بما في ذلك الغوطة الشرقية”، وأضاف البيان أنه من المهم جداً أن تقوم جميع الأطراف بإحترام وقف إطلاق النار دون شروط وذلك من أجل وقف قتل المدنيين، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، معرباً عن قلقه البالغ إزاء ما وصل من تقارير تفيد بإنتهاك وقف إطلاق النار بعد مرور 48 ساعة على إعلانه.
الى ذلك، وصف قصر الإليزيه القرار الدولي بأنه “خطوة اولى ضرورية”، محذراً من ان فرنسا ستكون يقضة للغاية “خلال الساعات والأيام المقبلة بشأن تطبيقه العملي”، مؤكداً أنه من الواجب احترام الهدنة، وتمكين القوافل الإنسانية من الوصول بدون إبطاء إلى البلدات الأكثر تضرراً جراء أعمال العنف وانقطاع “المواد الغذائية والأدوية”.
كما قال المتحدث بإسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، ان بلاده تأمل في “أن يتمكن قرار مجلس الأمن الدولي 2401 من توطيد الأمن والسلام والتخفيض من العنف ويساعد في إيصال المساعدات الإنسانية إلى كل أنحاء سوريا.”
على الصعيد العربي، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بالقرار حيث دعا كافة الأطراف المعنية بالالتزام به وتنفيذه بشكل فوري ليشمل وقف إطلاق النار جميع أنحاء سوريا، وشدد أبو الغيط على أهمية احترام وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، محذراً من مغبة الاستمرار في خرق الاتفاقيات المعقودة لخفض التصعيد.
وضمن أول خطوة لها خلال عضويتها في مجلس الأمن، يرى مراقبون انالكويت حققت نجاحاً كبيراً عندما استطاعت، وبإقناع مجلس الأمن وبالتعاون مع السويد، بتبني مشروعها الخاص بإعلان هدنة إنسانية في سوريا. رئيس مجلس الأمن، لشهر فبراير/سباط 2018، مندوب دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير منصور العتيبي، قال “الحمد الله تمكنا بعد المفاوضات الصعبة والمرهقة من التوصل الى هذا القرار الذي يبعث برسالة واضحة وصريحة الى جميع الأطراف في سوريا بأن الأعمال العدائية يجب ان تتوقف، وهذا إنجاز كبير يحسب لمجلس الأمن بأن يكون موحداً في موضوع الملف السوري الذي شهد أكثر من 11 فيتو.” وأضاف، ان الإنجاز أيضاً يحسب لمجلس الأمن وللمجتمع الدولي أن يأتي بهذا القرار الإنساني في هذا الوقت الحاسم، وأن يتم الحرص على تطبيقه بدون تأثير وسط الانقسامات الحادة التي يشهدها مجلس الأمن لا سيما في الملف السوري.
كما رحبت قطر بإعتماد القرار، حيث دعت مجلس الأمن إلى مواصلة العمل الجاد والفوري لحماية المدنيين في سوريا وضمان وصول المساعدات الإنسانية لجميع المحتاجين. بدوره، دعا وزير خارجية قطر، محمد آل ثاني، إلى العمل على الفور لضمان تقديم المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في الغوطة الشرقية، وقال آل ثاني “نرحب بإعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2401 بشأن سوريا. يجب العمل على الفور لضمان تقديم المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في الغوطة.”
أيضا، أعرب أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، عن ترحيبه بالقرار، قائلاً “كل الترحيب بقرار مجلس الأمن وتصويته بالإجماع على مشروع قرار وقف إطلاق النار في سوريا. حقن دماء الأبرياء أولوية في الغوطة الشرقية وسائر الأراضي السورية. الإلتزام بالقرار ضروري.”
لم يغب الترحيب الأردني أيضاً عن المشهد، اذ أعرب وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي بإسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، عن ترحيب بلاده بالقرار الذي اناط تقديم المساعدات لمخيم الركبان قرب حدوده الشمالية، بالدولة السورية، واعتبر المومني أن القرار متفق وموقف المملكة الأردنية، الذي يعتبر مسؤولية تقديم المساعدات للنازحين في المخيم.
تركيا: القرار لا يعنينا
قال نائب رئيس الوزراء الناطق الرسمي بإسم الحكومة التركية، بكر بوزداغ، إن قالرار لن يؤثر على عملية غصن الزيتون التي تنفذها تركيا في منطقة عفرين شمال غربي سوريا. وقال بوزداغ إن “تركيا تنفذ عملية غصن الزيتون ضد المنظمات الإرهابية والإرهابيين، والقرار الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي بالإجماع يستثني المنظمات الإرهابية لذلك فهو لن يؤثر على العملية التي تشنها تركيا في منطقة عفرين.”
وأضاف بوزداغ ان تركيا لا تكافح ضد حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني فقط، وإنما تكافح ضد داعش أيضاً، كما أنه لا توجد أية مشكلة في منطقة عفرين فيما يخص المساعدات الإنسانية والحاجات الإنسانية، لذلك فإن العملية ستستمر دون أن تتأثر بالقرار الأممي.
من جهته، شدد الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، خلال مكالمة تلوفونية مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، ضرورة احترام وقف إطلاق النار فى سوريا بالكامل، معتبر أن ذلك “أمر حتمي”، حيث أشار ماكرون إلى أن الهدنة الإنسانية فى سوريا تنطبق أيضاً على منطقة عفرين.
أوقفوا دعم الإرهابيين
المندوب السوري في الأمم المتحدة، الدكتور بشار الجعفري، أكد أن الحكومة السورية تعاملت بكل جدية مع محاولات التهدئة والتزمت بمقررات “استانة”، وأنها تعاملت بإيجابية مع القرار الدولي لأهمية وقف القتال، ولكنه أكد بالمقابل أن الإرهابيين لم يلتزموا بأي اتفاق أو تفاهم لوقف النار بدعم من داعميهم الخارجيين، وأنهم خرقوا بشكل لا يصدق اتفاقات وقف التصعيد والحكومة السورية تعاملت بضبط نفس استثنائي.
وأكد الجعفري أن دمشق ستواصل محاربة الإرهاب أينما وجد في سوريا وبدعم من الحلفاء، كما قال “لنا الحق بالدفاع عن أنفسنا ضد الاحتلال الأميركي لأرضنا، وأطالب أميركا وفرنسا وبريطانيا بوقف الدعم للإرهابيين.” وشدد الجعفري على أن المجموعات الإرهابية تأخذ المدنيين كرهائن في الغوطة الشرقية، وأن نداءات الشعب السوري لا تصل لمندوبي واشنطن ولندن وباريس بينما تصلهم نداءات الإرهابيين.
كما رد الجعفري على مندوب فرنسا بالتأكيد على وجوب تطبيق الهدنة “ولكن يجب تطبيق 29 قراراً سابقاً من ضمنها 13 قراراً مختصاً بمحاربة الإرهاب”، كما توجه لمندوب بريطانيا بالقول “ربما لم تسمع بالقصص المرعبة التي ارتكبتها بريطانيا بحق العراق والمستعمرات مثل المالديف التي تبعد 10 آلاف كيلومتر عنها”، وكان مندوب بريطانيا قال خلال كلمته “إن الوضع في الغوطة جحيم لا يطاق، والمدنيون يتعرضون لجرائم حرب.”
مصدر الاخبار: وكالات
مصدر الصور: روسيا اليوم – الجزيرة.