إعداد: يارا انبيعة

بعد خلافات امتدت لأسابيع حول نِسب التقاسم، ورفض التحالف المشكل من عدة أحزاب معارضة بالداخل التوقيع على الاتفاق احتجاجاً على تلك النِسب، وقعت الحكومة والمعارضة في دولة جنوب السودان، في 25 يوليو/تموز 2018 بالخرطوم، على اتفاق أولي بشأن تقاسم السلطة وترتيبات الحكم، خلال فترة انتقالية مدتها 3 سنوات تُجرى بعدها انتخابات عامة، على مستوى رئاسة الجمهورية والبرلمان.

جاء ذلك بعد أن دخل جنوب السودان في حرب أهلية مدمرة في أواخر 2013 عندما اتهم الرئيس سيلفا كير نائبه رياك مشار بالتخطيط للانقلاب عليه، وأسفرت الحرب بين القوات الحكومية والمتمردين عن سقوط حوالي 10 آلاف قتيل، فيما فر ما يقرب من 1.7 مليون شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة.

ويُعد هذا اتفاق تقاسم السلطة وترتيبات الحكم هذا، ثالث اتفاق يوقع خلال جولة المفاوضات التي استضافتها الخرطوم منذ 25 يونيو/حزيران 2017.

حفل كبير

أبرز ما جاء في الاتفاق منح رئيس “الحركة الشعبية المعارضة”، رياك مشار، منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية، وهو المنصب الذي كان يتولّاه قبل اندلاع النزاع بينه وبين الرئيس سلفا كير، في ديسمبر/كانون الأول 2013.

كذلك ينص اتفاق تقاسم السلطة على تعيين 4 نواب آخرين لرئيس الجمهورية، شرط أن يكون من بينهما النائبان الحاليان، تعبان دينق وجيمس واني إيقا، على أن تختار مجموعة الأحزاب الأخرى أحد ممثليها في منصب نائب الرئيس. أما منصب النائب الخامس، فإشترط الاتفاق أن تكون فيه سيدة.

ومع بداية عملية التفاوض وقعت أطراف الأزمة، الحكومة والمعارضة المسلحة والمدنية، على اتفاق مبادئ حول القضايا الخلافية، تلاه التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية خلال الفترة الانتقالية، وقررت الوساطة السودانية التي يقودها الرئيس عمر البشير جمع الوثائق الثلاث والتوقيع عليها بصورتها النهائية خلال حفل كبير، يجرى مطلع أغسطس/آب 2018، بحضور رؤساء دول منظمة التنمية الحكومية “إيغاد” التي ترعى التفاوض.

وقال وزير خارجية السودان، الدرديري محمد أحمد خلال مراسم التوقيع التي جرت في الخرطوم، إنه يتعين أن يتبع الاتفاق الأولي الذي تم التوقيع عليه، اتفاق نهائي، في 5 من أغسطس/ آب 2018، وقال أحمد “تم التوقيع على وثيقة لتقاسم السلطة تعالج جميع القضايا العالقة خلال الفترة الانتقالية،” وأضاف “سلفا كير سيبقى رئيساً لجنوب السودان وسيكون رياك مشار نائباً أول للرئيس”، وسيكون هناك أربعة نواب رئيس آخرين بين الجماعات السياسية الأخرى.

مسودة الإتفاق

تتضمّن مسودة الاتفاق الجديد إنشاء 35 وزارة، توزع منها 20 وزارة على “الحركة الشعبية” في الحكومة بقيادة الرئيس سلفا كير، و9 وزارات على “الحركة الشعبية المعارضة” بقيادة رياك مشار، بينما تذهب بقية الوزارات لأحزاب وفصائل أخرى.

وحدد الاتفاق عدد أعضاء البرلمان الانتقالي بـ 550 عضواً، بينها 332 للحكومة، مقابل 128 لمشار، وبقية المقاعد لأحزاب الداخل والمجموعات الأخرى.

ولم تتوصل الأطراف عبر هذا الاتفاق إلى توافق حول عدد الولايات في جنوب السودان، بعد أن كان ذلك البند إحدى أبرز نقاط الخلاف، لكن الاتفاق نفسه أقر تشكيل لجنة خاصة للنظر في الموضوع، وإذا فشلت يتم اللجوء إلى خيار استفتاء شعبي.

خطوة مهمة

أكدت “الحركة الشعبية المعارضة”، على لسان المتحدث بإسمها، فول بوث بالوانق، أن التوقيع بالأحرف الأولى على تقاسم السلطة يمثل خطوة مهمة في طريق التوقيع النهائي لاتفاق سلام شامل ينهي الحرب وينهي مأساة إنسان جنوب السودان.

إلى ذلك، رجحت مصادر انتقال التفاوض بين الأطراف الجنوبية إلى العاصمة الكينية، نيروبي، وذلك بعد الفراغ من التوقيع النهائي على الملفات التي اتفق حولها في الخرطوم، على أن تركز جولة نيروبي على ملف الإصلاحات الاقتصادية.

الأحرف الأولى

قال مسؤول بالخارجية السودانية، خلال مراسم التوقيع في العاصمة الخرطوم، ان “الفرقاء في جنوب السودان يوقعون وثيقة اتفاق بالأحرف الأولى لتقاسم السلطة بين الحكومة والمعارضة”، وأضاف المسؤول ان الاتفاق ينص على تشكيل حكومة وبرلمان جديدين، متابعاً مشيراً الى ان الموقعين هم الحكومة بكل أطيافها، ومجموعة رياك مشار، ومجموعة معارضة أخرى.

ولفت المسؤول إلى أن الممتنعين عن التوقيع أطياف من مجموعات معارضة أخرى، وسيتواصل الحوار والتفاوض معهم لينضموا للاتفاق في أقرب فرصة ممكنة، مشيداً بجهود السودان في التوصل للاتفاق خلال فترة وجيزة بلغت شهراً تقريباً.

شك أمريكي

دافع قادة شرق افريقيا عن المبادرة الاخيرة للسلام لكن واشنطن اثارت الشكوك بشأنها بعد تمديد برلمان جنوب السودان فترة ولاية الحكومة الحالية في وقت سابق، وأبدى البيت الأبيض شكوكاً حيال قدرة كير ومشار على إحلال السلام في البلاد.

وأكدت واشنطن في بيان “ما زلنا نشكك في قدرتهم الإشراف على انتقال سلمي وفي الوقت المناسب الى الديمقراطية والحكم الرشيد”، مضيفاً “أن الاتفاق بين النخب لن يحل المشاكل التي تعصف بجنوب السودان، في الواقع، فقد يزرع مثل هذا الاتفاق بذور جولة أخرى من النزاع.”

 

مصدر الأخبار: وكالات

مصدر الصورة: نون نت.