إعداد: يارا انبيعة
مستغلة حالة الصراعات المستمرة داخل البيت الخليجي من جهة، وحالة الإستقرار السياسي الداخلي من جهة أخرى، تحاول الكويت لعب دور متوازن تجاه العديد من القضايا في المنطقة والإقليم لا سيما وانها تمتلك الكثير من الاوراق بشكل خاص من خلال صداقاتها مع الدول ودعمها وتمويلها للكثير من المشاريع التي دمرتها الحرب، من لبنان الى العراق.
الأزمة القطرية – الخليجية
عادت الكويت على خط الوساطة بين قطر وخصومها الخليجيين بطلب من مبعوثي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث أرسل الديوان الأميري رسائل عدة لزعماء الدول الخليجية لإعادة ترتيب الأوراق بهدف حلحلة أزمة 5 يونيو/حزيران 2017 مع قطر قبل عقد قمة “كامب ديفيد” المقررة في أيار/مايو 2018، في محاولة منها لاستكمال دورها الذي بدأته مع الدول الخليجية ومصر لتقريب وجهات النظر مع الدوحة اثر تعنت أطراف الأزمة بمواقفهم.
فعند اندلاع الأزمة، حاولت الكويت احتواء تداعياتها وأصرت على عقد قمة مجلس التعاون الخليجي التي حضرها أمير قطر، وغاب عنها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز. وتقول بعض التقارير أن عقد هذه القمة بالنسبة للكويت كان يهدف للتأكيد على أهمية الحفاظ على منظومة مجلس التعاون، التي هددت بالتفكك في ظل التباينات الحاصلة بين الدول الخليجية وذهاب الإمارات والسعودية نحو تشكيل تحالف ثنائي اقتصادي وسياسي وعسكري يتجاوز الروابط الخليجية الممثلة بمجلس التعاون الخليجي، حيث اختتمت اعمال القمة الـ 38 لمجلس التعاون بالتأكيد على ضرورة إيجاد آلية لحل النزاعات بين دول المجلس.
الى ذلك، تشكل الكويت نقطة الاتصال الأخيرة بين قطر وخصومها الخليجيين، وعبرها يمرر كلا الطرفين الرسائل، اذ تلعب دوراً هاماً في نزع فتيل المواجهة بين الدوحة والرياض وحلفائها، وهو ما عبر عنه أمير الكويت الشيخ، صباح الأحمد الجابر الصباح، عند اجتماعه بالرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في سبتمبر/ايلول 2017، بالقول أن “الأزمة في الخليج معقدة، لكن لا توجد عقدة ليس لها حل، والمهم أننا نجحنا في وقف أي عمل عسكري.”
من هنا، اصبحت الكويت مركز استقطاب لعدد من الديبلوماسيين العرب والغربيين الذين حاولوا الدخول على خط الوساطة بين قطر وعواصم الدول التي قاطعتها عقب أزمة يونيو/حزيران، كوزارء خارجية أمريكا، ريكس تيلرسون، وبريطانيا، بوريس جونسون، وروسيا، سيرغي لافروف، وآخرين.
الوضع البحريني
منذ عام 2011، حاولت الكويت لعب دور هام في المنطقة الخليجية، عندما عرضت التوسط بين المعارضة البحرينية وحكومة المنامة، إثر الاحتجاجات التي اندلعت، في 14 فبراير/شباط من العام 2011. وعلى الرغم من فشل المحاولة الكويتية، إلا أنها أبقت على دورها الإيجابي في التعاطي مع أزمات الخليج.
“مساعٍ حميدة” في اليمن
احتضنت الكويت، في أبريل/نيسان 2016، الجولة الثالثة من المحادثات بين الأطراف اليمنية، من أجل التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب الدائرة التي تجاوزت العام في حينها، وتسببت بمقتل الآلاف، وتشريد عشرات الآلاف، فضلاً عن تدمير آلاف المنشئات والمساكن، وكذا تدمير الاقتصاد اليمني.
وبحسب تقدير المراقبين، فإن استضافة دولة الكويت، لتلك الجولة، أتت استكمالاً لدور تاريخي اضطلعت به الكويت تجاه اليمن، ولكن رغم نجاحها في تقريب وجهات النظر إلى حد كبير، إلا أنها أيضاً لم تستطع بالوصول إلى نتيجة نهائية بين أطراف الأزمة اليمنية.
إعمار العراق
في 14 فبراير/شباط 2018، إختتمت فعاليات مؤتمر “إعادة إعمار العراق” الذي استضافته دولة الكويت، تحت رعاية أمير الدولة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، بمشاركة أكثر من 74 جهة من دول ومؤسسات مالية ونقدية متخصصة، بإجمالي إسهامات قدرت بحوالي 30 مليار دولار. وبلغ عدد المشاريع الموضوعة، على القائمة المعروضة على المستثمرين والدول المانحة، 157 مشروعاً في مختلف القطاعات، تتركز نسبة كبيرة منها في مناطق وسط وجنوب العراق.
الدور الكويتي في مجلس الأمن
برز الدور الكويتي من بوابة الأمم المتحدة حيث دخلت، في 1 يناير/كانون الثاني 2018، الى مجلس الأمن الدولي كعضو جديد غير دائم للمرة الثانية في تاريخها. وخلال وقت قصير من ذلك، سعت لإستصدار قرار، بالتعاون مع السويد، لتجنيب المدنيين في الغوطة الشرقية للعاصمة السورية، دمشق، أتون المعركة والحد من تداعياتها السلبية وفرض هدنة إنسانية، لكن مشروع القرار اصطدم برفض روسي وسوري لأسباب تقول الحكومة الروسية أن مضمون القرار يتنافى وحقيقة الواقع الحاصل في الغوطة الشرقية.
إشادة دولية
في تصريحات للأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، وصف الكويت بأنها مركز للعمل الإنساني على مستوى العالم، حيث تعمل على مستويات مختلفة لحلحلة الأزمات والقضايا العالقة على المستوى الدولي، وأثنى كي مون على الجهود التي تقوم بها الكويت في مجال العمل الإنساني والإغاثي الدولي لافتا إلى أنها “قد ساهمت بأكثر من 1.6 مليار دولار أميركي لإغاثة اللاجئين في سوريا والعراق.”
في الختام، تشير تقديرات المراقبين إلى أن الكويت تحاول لعب دور العامل المتوازن في المنطقة، يأتي على خلفية تراجع الدور العماني، وازدياد التوتر بين مسقط وعواصم الخليج الأخرى وتحديداً الرياض، على خلفية “خروج” السلطنة عن التوجهات الخليجية في العديد من الملفات الحساسة كرفض تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، وإبقاء مسقط على سفيرها في قطر، وعدم انحيازها إلى دول المقاطعة، اضافة الى الرفض العماني للمشاركة في عملية “عاصفة الحزم” في اليمن، والعملة الموحدة، والجيوش المشتركة، وعدم انخراطها في العداء الإيراني – الخليجي.
مصدر الاخبار: وكالات
مصدر الصور: middleeastmonitor – مونت كارلو الدولية.