إعداد: يارا انبيعة
دخل الأردن على خط الأحداث المشتعلة، في أواخر مايو/ أيار2018، بعد أن خرجت احتجاجات شعبية واسعة ضد قانون رفع ضريبة الدخل، واعتراضاً على رفع أسعار الوقود والكهرباء، حيث نادى المتظاهرون خلالها بإسقاط الحكومة. وبعد قيام رئيس الوزراء، هاني الملقي، بتقديم استقالته، كلف الملك عبد الله عمر الرزاز بتشكيل الحكومة الجديدة، في 7 يونيو/حزيران 2018، حيث أعلن الأخير أنه سيقوم بسحب القرارات التي تسببت في غضب الأردنيين.
لكن رغم ذلك، لم تهدأ الأوضاع بشكل تام وهو الأمر الذي جعل بعض دول الخليج تتدخل في مسعى لمساعدة الحكومة الأردنية على تجاوز الأزمة التي تمر بها.
لقاء رباعي
بدعوة من الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، وبحضور كل من أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ونائب رئيس دولة الإمارات وحاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، التقى الملك الأردني بهم في مدنية مكة المكرمة حيث ناقش المجتمعون الأزمة الاقتصادية التي تضرب عمان وسُبل دعمها.
نتائج القمة
نص البيان الختامي للقمة على أنه وانطلاقاً من الروابط الأخوية الوثيقة بين الدول الأربع، واستشعاراً للمبادئ والقيم العربية والإسلامية، فقد تم الاتفاق على قيام الدول الثلاث بتقديم حزمة من المساعدات الاقتصادية للأردن يصل إجمالي مبالغها إلى 2.5 مليار دولار، وهي على الشكل التالي:
1 – وديعة في البنك المركزي الأردني.
2 – ضمانات للبنك الدولي لصالح الأردن.
3 – دعم سنوي لميزانية الحكومة لمدة خمس سنوات.
4 – تمويل من صناديق التنمية لمشاريع إنمائية.
إمتنان وإرتياح رسميين
أبدى الملك عبدالله الثاني شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين على مبادرته الكريمة بالدعوة لهذا الاجتماع، ولدولتي الكويت والإمارات العربية المتحدة على تجاوبهما، وامتنانه الكبير للدول الثلاث على تقديم هذه الحزمة من المساعدات التي ستسهم في تجاوز الأردن لهذه الأزمة.
كما عبرت الأوساط الأردنية عن ارتياحها لنتائج “قمة مكة”، إذ رحب مجلس النواب بالدعم، معلناً في بيان أنه “سيسهم في تقوية الاقتصاد”، فيما قال المتحدث بإسم وزارة التخطيط الأردنية، عصام المجالي، إن اجتماعات ستعقد بين الحكومة الأردنية وحكومات كل من السعودية والكويت والإمارات من أجل تطبيق مقررات القمة ومناقشة كافة التفاصيل خصوصاً وأن الحكومة الأردنية في حكم تصريف الأعمال وبانتظار تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة عمر الرزاز.
تضامن عربي
أشاد رئيس الجمهورية التونسي، الباجي قايد السبسي، بما تمخضت عنه القمة من قرارات هامة من شأنها أن تساعد الأردن على الخروج من أزمته الإقتصادية الظرفية، وأكد السبسي، وفي بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، أن هذه المبادرة السعودية، التي تابعها بإهتمام بالغ، تمثل “تجسيداً حياً للتضامن والتآزر العربي، لا سيما في هذه الأيام من شهر رمضان المبارك”، مبرزاً أهمية وحدة الصف العربي في مواجهة مختلف التحديات التي تمر بها عدد من الدول العربية على الصعيدين الأمني والاقتصادي، بما يدعم استقرارها ويحفظ سيادتها ومناعتها.
بدوره، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، بمبادرة الملك سلمان لعقد القمة، وأعرب ابو الغيط عن تقديره وامتنانه للجهود التي تبذلها المملكة، التي تتولى رئاسة القمة العربية، في سبيل تعزيز التضامن العربي.
إلى ذلك، صرح محمود عفيفي، المتحدث الرسمي بإسم الأمين العام، بأن الأخير اشاد بالنتائج الإيجابية التي تمخضت عنها القمة، وما تم تقديمه من دعم اقتصادي للمملكة الهاشمية، وما تشكله هذه المبادرة من تجسيد لروح الأخوة والتكاتف في مواجهة التحديات المشتركة خلال هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة العربية، مؤكداً تضامن جامعة الدول العربية مع الأردن من أجل تجاوز الأزمة الراهنة.
كما أعرب أمير الكويت، في برقية شكر بعثها إلى الملك سلمان، عن بالغ شكره وتقديره على ما حظى به والوفد الرسمي المرافق من كرم الضيافة، وحسن الوفادة خلال الزيارة الرسمية التى قام للسعودية لحضور الاجتماع، وعن بالغ سروره باللقاء الذى جمعه بالملك عبد الله الثاني، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والذي سادته روح الأخوة والمودة.
تدخل في الوقت المناسب
يقول المحلل الاقتصادي، الحسيني حسن، إن دول الخليج تدخلت في الوقت المناسب، مضيفاً أن الأزمة الاقتصادية كانت قد وصلت إلى مرحلة خطرة تهدد استقرار الأردن سياسياً، ما قد ينقل الفوضى، بحال عمّت، إلى دول أخرى قريبة منه. فلقد أتت المساعادات الخليجية بعيد ساعات قليلة من حديث مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، عن مساعدات للأردن تبلغ قيمتها 20 مليون يورو، ما يعكس اهتماماً دولياً بإستقرار المملكة.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تشهد فيها المملكة الأردنية أزمات تأخذ شكلاً اقتصادياً، بحسب حسن، ففي أكتوبر/تشرين أول 2012، بدأت نقابات المعلمين والمهندسين والمهندسين الزراعيين إضراباً عاماً شمل معظم المدن الأردنية. ولم يختلف سبب غضب الأردنيين حينذاك عن السبب الحالي، إذ أتى نتيجة قرار الحكومة رفع أسعار معظم المواد الاستهلاكية وعلى رأسها المشتقات النفطية.
مصدر الأخبار: وكالات.
مصدر الصورة: سبوتنيك.