شارك الخبر

إعداد: يارا انبيعة

لا حلاً عسكرياً للنزاع في سوريا، الحل يكمن من خلال العملية السياسية. بهذا القرار اختتمت القمة الثلاثية حول سوريا في العاصمة التركية أنقرة، بمشاركة كل من رؤساء تركيا وروسيا وإيران، الدول الثلاث الضامنة لأطراف الصراع في سوريا.

فرغم كون آلية الدول الثلاث، هي الأكثر فاعلية وتأثيراً في الأزمة السورية، نظراً لغيرها من الآليات الأخرى مثل “جنيف” و”أستانه”، إلا أنه من الصعب القول بتطابق وتوافق تام في آراء أنقرة وموسكو وطهران حول الأزمة السورية. ففي الوقت الذي تتفق فيه الدول الثلاث على حل سياسي للأزمة السورية، فإن روسيا وإيران تؤيدان بقاء الرئيس السوري بشار الأسد  في السلطة خلال المرحلة الانتقالية، الأمر الذي ترفضه تركيا بشدة وتطالب برحيله.

رسائل هامة

أعلن البيان المشترك للقمة الثلاثية عن رفض كل المحاولات الرامية لخلق واقع ميداني جديد في سوريا تحت ستار مكافحة الإرهاب، وأشار البيان إلى أن قمة الزعماء الثلاثة بحثت التطورات التي شهدتها سوريا، منذ القمة الثلاثية الأولى التي انعقدت 2017 في مدينة سوتشي الروسية. وأعرب الزعماء الثلاثة عن سعادتهم للإسهامات الإيجابية لمسار “أستانا” في إيجاد حل للأزمة في سوريا، وأكد البيان أن تلك الصيغة هي أكثر مبادرة دولية فعالة من ناحية المساهمة في غرس السلم والاستقرار في سوريا عبر تسريع عملية “جنيف” الرامية لإيجاد حل سياسي دائم للصراع السوري، والمساعدة على خفض وتيرة العنف.

وأضاف البيان أن الزعماء الثلاثة شددوا على مواصلة التعاون الفعال فيما بينهم بهدف إحراز تقدم في المسار السياسي الذي نص عليه القرار 2254، الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وتحقيق هدنة دائمة بين أطراف النزاع، كما نوه إلى أن الزعماء جددوا التزامهم بقوة سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وحدة ترابها وبنيتها غير القائمة على جزء معين. في الختام، اتفق المجتمعون على استضافة طهران للقمة الثلاثية القادمة.

“إعادة إحياء” سوريا

خلال المؤتمر الصحفي المشترك، قال أردوغان إنهم اتفق مع الرئيسين بوتين وروحاني على أهمية وحدة الأراضي السورية واستبعاد جميع التنظيمات الإرهابية، وأضاف أن الشعب السوري هو الطرف الخاسر من الأزمة والاشتباكات الدائرة في بلاده مؤكداً في المقابل إن الطرف الرابح معروف من قبل الجميع.

إضافة إلى ما سبق، قال الرئيس أردوغان إن الهدف من القمة الثلاثية هو إعادة إنشاء وإحياء سوريا يسودها السلام في أقرب وقت داعياً المجتمع الدولي إلى دعم الجهود الرامية لإيجاد حل سياسي للأزمة، وفيما يتعلق بالتطورات التي يشهدها الشمال السوري قال أردوغان “لن نسمح بأن يخيم الظلام والسوداوية على مستقبل سوريا والمنطقة نتيجة تسلط عدد من التنظيمات الإرهابية”، مضيفاً “وحدة التراب السوري لا غنى عنها بالنسبة لنا، وتركيا على استعداد للعمل مع روسيا وإيران لجعل تل رفعت منطقة مؤهلة كي يعيش فيها إخواننا السوريون.”

إلى ذلك، قال أردوغان إن أي عقلية لا تقبل بتطابق أهداف ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي السوري وحزب العمال الكردستاني لا يمكنها خدمة السلام الدائم في سوريا، مؤكداً على عدم توقف بلاده للعملية العسكرية حتى استتباب الأمن في جميع المناطق التي يسيطر عليها تنظيم حزب الاتحاد الديموقراطي وعلى رأسها مدينة “منبج”، كما شدد على ضرورة الإسراع في التوصل إلى تسوية للأزمة السورية مؤكدا حتمية عدم إضاعة الوقت “لأن الناس يموتون هناك.”

لا لتسييس للمساعدات الإنسانية

من جهته، شدد الرئيس بوتين على أهمية ألا يتم تسييس المساعدات الإنسانية في سوريا مبيناً أن الرئيس أردوغان تقدم بمقترحات لتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية والطبية للمحتاجين في سوريا لتشمل مناطق درع الفرات، وأضاف “نحن نعمل مع شركائنا الأتراك والإيرانيين للتوصل إلى حل للوضع في سوريا”، موضحاً “أننا كدول ضامنة نعمل على زيادة التنسيق من أجل تخفيف التوتر في سوريا.” وأفاد بوتين بأن الزعماء الثلاثة ناقشوا في القمة الملف بكل تفاصيله، وأن روسيا تشدد، مثل تركيا وإيران، على أهمية وحدة الأراضي السورية، كما تطرق الرئيس الروسي إلى ما تتحمله تركيا من مسؤولية كبرى في القضية الفلسطينية وما قدمته من أجل الشعب السوري.

المستقبل بيد الشعب

بدوره، قال الرئيس حسن روحاني إن بلاده تريد من الجميع الاعتراف بوحدة تراب سوريا وسيادتها الوطنية، مشدداً على أنه ليس من حق أي دولة اتخاذ قرار بشأن مستقبل سوريا. وأوضح ان مستقبل سوريا يخص الشعب السوري فقط، لافتاً إلى أنه بإمكانه اتخاذ القرار بشأن مستقبله الخاص عبر المشاركة في انتخابات حرة والمطالبة بالإصلاح.

سحب القوات الأمريكية: عملية “ابتزاز”

قال مدير مكتب جريدة الحياة في موسكو، رائد جبر، إن قمة أنقرة الثلاثية تهدف إلى ضبط المواقف بين الأطراف الثلاثة بعد أن شهدت سوريا، خلال المرحلة الماضية، تطورات مهمة على الصعيد الميداني. وأضاف جبر انه من الطبيعي أن تعمل الأطراف الضامنة لوقف إطلاق النار على وضع آليات جديدة مشتركة لتهيئة إطلاق العملية السياسية والدستورية، مؤكداً ان الملف الأهم على طاولة المفاوضات هو الملف السوري مع مناقشة عدد من الملفات الإقليمية المشتركة كالملف النووي الإيراني.

إلى ذلك، لفت جبر إلى أن الفترة الأخيرة تشهد تحولاً في الموقف التركي تجاه الرئيس السوري بشار الأسد، نتيجة التقارب التركي الروسي، مضيفاً “أصبح الموضوع الأهم لدى تركيا هو عدم وجود كيانات كردية على الأراضي السورية تهدد أمن تركيا.” وحول تصريح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رغبته في سحب القوات الأمريكية من سوريا، يقول جبر “هذا الموضوع سيكون محل بحث بين الأطراف الثلاثة، وهناك تشكيك روسي تجاه نيات الولايات المتحدة خاصة أنه في الوقت الذي يتحدث فيه ترامب عن سحب قواته يعزز تواجده في مناطق شرق الفرات.”

في المقابل، يقول الكاتب والمحلل السياسي التركي، يوسف كاتب أوغلو، إن أمريكا لن تسحب قواتها من سوريا وأن هذه التصريحات هي للاستهلاك الإعلامي فقط ولابتزاز بعض الدول الخليجية بأن تدفع للقوات الأمريكية تكاليف وجودها في سوريا. ويرى أوغلو ان هذه القمة يغلب عليها الطابع الأمني، وتحتوي على رسائل عديدة لمن يراقبها من الدول العظمى، مشيراً إلى أن وجود تقارب تركي روسي، في عدد من المجالات، يساهم بشكل كبير في الدفع بالتسوية السياسية في سوريا، وهو ما ظهر من خلال البيان المشترك للقمة.

“إس-400”.. قريباً

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تنفيذ عقد توريد منظومة “إس-400” إلى تركيا شأن ذو أولوية في التعاون العسكري التقني بين البلدين، حيث قال بوتين “إن تنفيذ عقد توريد منظومة إس-400 تريومف إلى تركيا هو شأن ذو أولوية في المجال العسكري التقني، ننطلق من أنه خلال الاجتماع المرتقب للجنة الحكومية، ستتم مناقشة آفاق توريد المنتجات العسكرية الروسية الحديثة إلى تركيا بالتفصيل.”

كما أعلن الرئيسان الروسي والتركي عن بدء بناء محطة “أكويو” النووية في تركيا، إذ شارك الرئيسيان في مراسم الافتتاح الرسمية لبدء بناء المحطة النووية الأولى في تركيا، إذ قال بوتين “لا يمكن المبالغة في أهمية هذا المشروع الابتكاري على نطاق واسع. في الواقع نحن اليوم لا نشارك فقط في بناء أول محطة للطاقة النووية في تركيا، ولكننا أيضاً نضع أساساً لتركيا في الصناعة النووية ككل. لقد بدأنا في إنشاء صناعة جديدة”، وأضاف “أيها الأصدقاء، أمامنا مهمة إطلاق عمل المفاعل الأول للمحطة النووية في عام 2023، ليتزامن توقيته مع ذكرى مرور مئة عام لتأسيس الجمهورية التركية. لقد اتفقنا مع صديقي العزيز، الرئيس رجب طيب أردوغان، على أننا سنبذل قصارى جهدنا لإنجاز هذه المهمة بالذات.”

الكرد جزء من سوريا

في هذا الشأن، قال الرئيس بوتين “أنه في حال لم يتواجد هناك تنسيق بين جميع الأطراف المعنية لحل القضية الكردية في سوريا، فلن يكون هناك نتيجة نهائية”، مضيفاً “ننطلق من أن الشعب الكردي هو جزء من شعوب سوريا متعددة القوميات، وله حق المشاركة في العمليات السياسية وإيجاد مكان في مستقبل سوريا، وأي عمليات يجب أن تجري بتنسيق جميع الأطراف المعنية. وإن لم يحصل هذا فلن يكون هناك نتيجة نهائية.”

مصدر الأخبار: وكالات.

مصدر الصور: آرام نيوز – ترك برس.


شارك الخبر
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •