إعداد: يارا انبيعة

 

اختتمت اجتماعات “أستانا 9″، التي استضافتها العاصمة الكازاخستانية 14مايو/ أيار2018، بحضور الأطراف الثلاثة الضامنة وقف النار في سوريا “روسيا وإيران وتركيا”، وممثلي الحكومة السورية، وعدد من الفصائل المسلحة القريبة من تركيا، وبينها جيش الإسلام، فيما امتنع عدد آخر من المعارضين الذين شاركوا في جولات سابقة عن الحضور.

وكان لافتاً أن موسكو استبقت الجلسة الموسعة الأولى من المحادثات، بالتأكيد على عدم نية الأطراف الحاضرة إدخال تغييرات واسعة على اتفاقات مناطق خفض التصعيد، خلافاً لتصريحات سابقة للوزير سيرغي لافروف في هذا الشأن، وأكد رئيس الوفد الروسي ألكسندر لافرينتيف أن موسكو لا تعتبر أياً من مناطق خفض التوتر في سوريا ملغاة، مشيراً إلى تغييرات تطرأ عليها وفقاً لمتطلبات عملية التسوية، علماً بأن لافروف كان أعلن سابقاً أن منطقة خفض التصعيد في غوطة دمشق انتهت، لأن الهدف من تشكيلها تم تنفيذه، وتم التخلص من الإرهابيين فيها وباتت تحت سلطة الحكومة الشرعية.

كما وألقى وزير الخارجية الكازخي، خيرت عبد الرحمنوف كلمة ترحيبية في الجزء المفتوح للإعلام، موجها خطابه للوزراء المجتمعين، وهم وزير الخارجية التركية “مولود جاويش أوغلو”، ونظيره الروسي، “سيرغي لافروف” والإيراني “جواد ظريف”.

وقال “عبد الرحمنوف” في كلمته ” لمجموعة العمل حول المحتجزين، وتبادل الجثث، والبحث عن المفقودين، حيث يساهم ذلك برفع مدى الثقة بين الأطراف السورية، ولفت إلى أنه لأول مرة حصل اللقاء الثنائي بين النظام والمعارضة في أستانة خلال العام الماضي، وتم تشكيل آليات وقف إطلاق النار، وتشكيل مناطق خفض توتر، ساهمت بوقف القتل في سوريا، ولذا يجب التأكيد على مسار أستانا.

غياب غربي

أولى مفاجآت الجولة سجلها الغياب الأميركي، في رسالة واضحة عن عدم رضاه عن سلوك روسيا في التفرد بالملف السوري، وإن كان الانسحاب من الاتفاق النووي يظهر كسبب مباشر، إلا أن أميركا سبق أن خفضت مستواها من التمثيل خلال جولة أستانا 8 التي عقدت في ديسمبر/ كانون الأول 2017.
ولم يكن الغياب الأميركي وحده، بل غابت وفود الدول الأوروبية، التي كانت على أقل تقدير ترسل سفراءها للاجتماع بالأطراف الضامنة، والوفود المشاركة من النظام والمعارضة، والأمم المتحدة وغيرها، في تأكيد آخر على الغضب الغربي من السلوك الروسي.

وكانت الخارجية الكازاخستانية قللت من تاثير غياب الوفد الأميركي عن آستانة 9، وقال مدير دائرة آسيا وإفريقيا في خارجية كازاخسان حيدر بك توماتوف: لا يمكن اعتبار أن غياب الأميركيين سيؤثر بطريقة ما على قرارات المفاوضات، الدول الضامنة متواجدة وكل شيء يعتمد عليها في الوقت الحالي، وبالإضافة إلى ذلك يشارك وفد المعارضة السورية والحكومة السورية، وكل القوى هنا، فهل نحتاج إلى أكثر من ذلك؟ وأضاف: الأمر قد يتطلب أكثر من جولة واحدة من المحادثات في آستانة لتسريع التسوية السورية في جنيف، ونحن وبصفتنا البلد الذي يشرف على هذه العملية، نبذل قصارى جهدنا لتسريع المسار السياسي لحل القضايا المطروحة في جنيف،هذا هو الغرض الأساسي لآستانة.

تأخر وفد المعارضة

من الأمور التي لفتت في هذه الجولة تأخر وفد المعارضة بالوصول، حتى إنه قد لا تتاح له الاستراحة، ليعود بعد أقل من 24 ساعة إلى إسطنبول، وقدومه متأخراً طرح تساؤلات عن جدية ما حصل في هذه الجولة. واعترف وفد المعارضة بأن ما حصل حول ريفي حمص وحماة شكل خيبة له، ولكنهم حافظوا على معنوياتهم، معتبرين أن تثبيت نقاط المراقبة التركية سيشكل نقاطاً فاصلة بين النظام والمعارضة، وهو أمر جيد، كما أن هناك تقدماً، ولو بسيطاً، باجتماع مجموعة العمل الخاصة حول المعتقلين، التي تقرر عقدها الشهر المقبل في أنقرة.

 وكان الوفد المشارك قد عقد اجتماعات تحضيرية قبل الجلسة العامة، وقال وفد الفصائل العسكرية في بيان إنهم اجتمعوا مع الوفد التركي لـاستعراض عمل لجنة المعتقلين، إضافة لمناقشة استكمال انتشار نقاط المراقبة التركية في إدلب وما حولها لتأمينها وقف العدوان عليها، وتأمين احتياجات أكثر من 4 ملايين سوري فيها. وأكدت توماتوف للصحافيين أن وفد المعارضة السورية المسلحة في المفاوضات يضم ممثلي أهم الفصائل المسلحة، ولم يطرأ على قوام الوفد أي تغيير يذكر مقارنة بالجولات السابقة. وقال: قوام الوفد هو ذاته تقريبا. جاء من يمثل إدلب ومناطق خفض توتر أخرى، بما في ذلك الجبهة الجنوبية. جميع اللاعبين الأساسيين تقريبا حاضرون.

وضم وفد المعارضة ممثلين جدداً لبعض المناطق والفصائل، ومندوبين عن هيئة التفاوض عن ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي.

البيان الختامي

  صدار بيان سعى إلى التوازن بين رؤى الدول الضامنة الثلاثة: روسيا وتركيا وإيران، فشدد على استمرار عمل مناطق خفض التصعيد، كما أكد على الحفاظ على وحدة سورية، والاستمرار في محاربة الارهاب.

كما استعجل إطلاق عمل لجنة الدستور، ووفق البيان الختامي الذي تلاه نائب وزير خارجية كازاخستان إرجان اشيكابييف، فإن الدول الضامنة لمسار آستانة اتفقت على تنفيذ الاتفاق حول مناطق خفض التوتر في سورية، والذي لعب دورا محوريا، في الحفاظ على وقف إطلاق النار وتخفيض مستوى العنف في البلاد، مؤكدا في الوقت ذاته أن هذا إجراء مؤقت لا يتعارض وسيادة سوريا ووحدة أراضيها.

 وأعلن البيان الختامي، عن إجراء مشاورات بين ممثلي الدول الضامنة والمبعوث الأممي لسورية استيفان دي ميستورا، والأطراف السورية بهدف تهيئة الظروف لإطلاق عمل اللجنة الدستورية في جنيف في أسرع وقت ممكن، مشيراً إلى أن الدول الضامنة ستعقد اجتماعها المقبل في مدينة سوتشي الروسية في يوليو/تموز 2018، في حين اتفقت على عقد الاجتماع الثالث لمجموعة العمل حول المعتقلين في أنقرة يونيو/حزيران2018.

 وتطرق البيان إلى العملية السياسية استرشادا بأحكام قرار مجلس الأمن 2254، والتأكيد على مواصلة الجهود المشتركة لتعزيز عملية التسوية السياسية، وتسهيل تنفيذ توصيات مؤتمر الحوار السوري في سوتشي.

 كما أكدت الدول الضامنة التزامها بسيادة واستقلال سورية وحدة وسلامة أراضيها، مشددين على وجوب احترام هذه المبادئ على الصعيد العالمي، وأكد على عزم الدول الضامنة محاربة الإرهاب في سورية من أجل القضاء على تنظيم داعش، والتنظيمات الإرهابية الأخرى.

دمشق راضية

أعرب رئيس الوفد السوري المشارك في مفاوضات أستانا الدكتور بشار الجعفري عن ارتياحه لنتائج الجولة الـ9  من مفاوضات السوريين في أستانا موجها الشكر لروسيا وإيران وكازاخستان على إنجاح هذه الجولة.

وأكد الجعفري أن سوريا ستواصل مكافحة الإرهاب وتحرير كل شبر من أراضيها سواء من الإرهاب أو من كل معتد عليها، لافتا إلى أن الإنجاز الذي حققه الجيش بتحرير الغوطة الشرقية من الإرهاب جعل دمشق ومحيطها آمنين.

وعقد الوفد الحكومي السوري في وقت سابق اجتماعا مع الوفد الإيراني في إطار محادثات أستانا، واجتماعا آخر مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.

الالتزام بوحدة الارض السورية

قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، إن جميع المشاركين في مؤتمر “أستانا 9” أكدوا على ضرورة الالتزام بوحدة الأراضي السورية والحفاظ على وحدتها الوطنية.

ورحّب دي ميستورا خلال مؤتمر صحفي بسعي الدول الضامنة في مباحثات أستانا (روسيا وتركيا وإيران) للتعامل بشكل فعّال ومنهجي مع الأمم المتحدة في مسألة تنفيذ الإعلان الذي تم التوصل إليه في كانون الثاني الماضي في سوتشي الروسية حول إنشاء اللجنة الدستورية في سوريا.

وأضاف المبعوث الأممي أنه يدعم كذلك فكرة التعاون مع كل الدول والجهات الأخرى المعنيّة بحل النّزاع السوري.

 

مصدر الأخبار: وكالات

 

مصدر الصور: موقع الرأي السوري_ البوابة نيوز.