اعداد: يارا انبيعة

اختتمت أعمال مؤتمر الأمن الدولي السابع في موسكو بحضور أكثر من 850 شخصية يمثلون 95 بلداً و8 منظمات دولية، حيث تصدرت القضية السورية وسبل مكافحة الإرهاب جدول اعماله.

أولى المشاركون في المؤتمر تحقيق الأمن في أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية اهتماماً كبيراً، وشهد المؤتمر ظاهرة “القوة الناعمة” حيث أوضح الجنرال ألكسندر فومين، نائب وزير الدفاع الروسي، أن مفهوم القوة الناعمة يستخدم اليوم كغطاء للتدخل في الشؤون الداخلية للدول وتدبير الثورات الملونة.

قضايا وتحديات

اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه بغض النظر عن هزيمة “داعش” إلا أنه لا يزال قادراً على التسلل إلى العديد من المناطق في العالم وشن هجمات كبيرة، وأن هناك ضرورة للتفكير معاً بأشكال جديدة لتوطيد المكاسب التي تحققت في مكافحة الإرهاب ومنع المزيد من انتشار هذا التهديد. خطاب وضع الشكوك بتأكيدات سابقة حول انتهاء المهمة العسكرية الروسية في سوريا بعد إنجاز القضاء على قدرات تنظيم داعش.

كما تضمنت الكلمات الافتتاحية لأمين مجلس الأمن لروسيا الاتحادية، نيكولاي باتروشيف، ووزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، سبل مكافحة الإرهاب في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط ومعوقاتها، اضافة الى الحديث عن الدول التي تعيق عملية المكافحة بل وتدعمه.

فيما يخص حادثة تسميم العميل الروسي – البريطاني، سيرغي سكريبال، فقد ظهرت بقوة ضمن خطابات المشاركين وعلى رأسهم مدير الاستخبارات الروسية، سيرغي ناريشكين، الذي اشار الى إن أزمة روسيا مع الغرب باتت تحمل ملامح الحرب الباردة قائلاً “أصبحت واشنطن تركز الاهتمام على شيء غير موجود، يسمى التهديد الروسي، وصارت أزمتنا مع الغرب سخيفة، بحيث يمكننا العودة للحديث عن الأوقات المظلمة للحرب الباردة.”

كما ناقش المشاركون محاور عدة تناولت مناطق تخفيف التوتر ومحاولة وقف إطلاق النار، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة بين الأطراف المتنازعة، والمساعدات الإنسانية والإجراءات المتعلقة بنزع الألغام وعوامل عودة الحياة الطبيعية، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط ككل.، اذ أعلن نائب مدير إدارة العمليات الرئيسة في الأركان العامة الروسية، فاسيلي تروشين، أنه من جراء النزاعات التي شهدها الشرق الأوسط فإن “تقييمات بعض الخبراء تشير إلى أن النزاعات قتلت قرابة 1.5 مليون إنسان، وشردت أكثر من 15 مليون، وفي ظروف ضعف الدولة ودمارها، نشطت الجماعات المتطرفة في عدد من الدول العربية.”

إعادة الإعمار

بعد أن حسم الروس المعارك في الميدان، تنطلق مرحلة تقييم جهود مكافحة الإرهاب وصولاً إلى إعادة الإعمار او “السلاح” الأكثر إغراءً على في وجه الغرب، وخصوصاً الإدارة الأميركية، التي يرى فيها بعض المراقبين “طُعماً” سيحاول الروس رميه في بحر الغرب لدغدغة الرئيس الامريكي، ورجل الاعمال دونالد ترامب، لرمي سنارته عوضاً عن صواريخه البعيدة المدى مستفيداً من اللقاء الثلاثي الاخير بين روسيا وإيران وتركيا.

وعليه، يبدو أن روسيا، التي يجري تطويقها دبلوماسياً على يد الغرب، لديها أجندة معدة بدقة ليس للخروج من الحصار الديبلوماسي وحسب بل للإنتصار بما حققته على الأرض.

الحوار السوري يخيف “ثالوث الارهاب”

أكد نائب وزير الدفاع السوري، العماد محمود الشوا، أن وجود أي قوات عسكرية أجنبية على الأراضي السورية من دون موافقة الحكومة هو عدوان موصوف واحتلال وسيتم التعامل معه على هذا الأساس قائلاً “إن القضاء على الإرهاب في سورية شكل ضربة للمشاريع الغربية المرسومة للمنطقة ومهد انتصار الجيش العربي السوري وحلفائه عسكرياً الطريق نحو إنجاز حل سلمي يقرره السوريون بأنفسهم.” وأشار الشوا إلى أنه في الوقت ذاته الذي يحارب فيه الجيش والقوات الرديفة الإرهاب فإن سوريا ماضية في مسيرة الانفتاح والحوار السوري – السوري والمصالحة الوطنية وإعادة الإعمار.

وأوضح الشوا أن الحكومة السورية استجابت لاجتماعات “أستانه” برعاية الضامنين، الروسي والإيراني والتركي، كما وافقت سورية على حضور جولات مؤتمر “جنيف”، مبيناً أنه مع انطلاق مؤتمر الحوار الوطني السوري – السوري في سوتشي ازدادت حالة “الهذيان” لدى أقطاب “منظومة العدوان” وقادتهم إلى الغوص أكثر للعب بالجغرافيا السورية، وبات من الواضح أن الحل السياسي يرعب “ثالوث الإرهاب” الأميركي الفرنسي البريطاني خصوصاً أن وجود تنظيم داعش الإرهابي بات يقتصر على عدة جيوب معزولة ومطوقة بالكامل وتمثل ما نسبته 4% من مساحة مجمل الأراضي السورية موزعة على عدة مناطق.

كما دعا الشوا جميع القوى والأطراف الفاعلة دولياً وإقليمياً للعب دور إيجابي وحقيقي في مكافحة الإرهاب والحد من مخاطره التي لن تكون محصورة ضمن الجغرافيا السورية كما يظن البعض، وهذا ما يتطلب إجراءات فاعلة ومؤثرة تنعكس نتائجها على الأرض واقعاً ملموساً، ومن هنا طالب مجلس الأمن الدولي الاضطلاع بمسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين ووقف جرائم التحالف الأميركي والعدوان التركي والاعتداءات الإسرائيلية ومساءلتهم.

“الإندماج”: شبكة إراهابية جديدة

من جهته، كشف مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، ألكسندر بورتنيكوف، عن أدلة تشير إلى مفاوضات تجري بين التنظيمات الإرهابية الأخرى بهدف الاندماج قائلاً “إن زعماء تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى يغيرون من نهجهم، حيث يقومون بإرسال المقاتلين إلى اليمن وأفغانستان وإفريقيا، مؤسسين من ذلك شبكة إرهابية جديدة.”

كما أشار بورتنيكوف إلى أن جميع الأطراف التي تنوي الاندماج، لديها القدرة على مواصلة أنشطتها الإجرامية بشكل فردي، وأضاف أن قادة الجماعات الإرهابية الدولية الكبرى، مثل “داعش” و”جبهة النصرة”، أدركوا أنهم يواجهون خطر الاندثار من المناطق التي يسيطرون عليها، بدأو بتغيير تكتيكاتهم.

مساعدة تركية

في هذا الشأن، اشار مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ألكسندر بورتنيكوف، الى الكشف عن إسهام الاستخبارات التركية في الحيلولة دون عمل إرهابي في بطرسبورغ الروسية أثناء الاحتفالات بعيد رأس السنة الجديدة، قائلاً “استطعنا إحباط الهجوم الإرهابي بفضل معلومات تلقيناها من شركائنا الأتراك، وتمكنا من إنقاذ مئات الأرواح”، وأضاف “وكما هو معروف للجميع، فقد أبلغت الولايات المتحدة روسيا، وفي الوقت المناسب عن إعداد عملية إرهابية في بطرسبورغ، وذلك رغم أن العلاقات الروسية الأمريكية تمر الآن بمرحلة ليست الأفضل في تاريخها.” وتابع بورتنيكوف بالقول “تستضيف روسيا الصيف المقبل (2018) كأس العالم لكرة القدم، ونأمل في تنسيق فعال مع الهيئات الخاصة والأمنية الأجنبية في إطار تدابير مكافحة الإرهاب، على أن يكون هذا التنسيق بنفس المستوى الذي سجلناه أثناء استضافتنا أولمبياد سوتشي الشتوي وكأس القارات 2017.”

نشاط إيراني

أشاد وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، خلال لقائه مع نظيره الإيراني، أمير حاتمي قبيل، بمساهمة طهران في محاربة الإرهاب بسوريا حيث قال شويغو “إن الموضوع الرئيسي لهذا المؤتمر يخص بلدينا، وعملنا المشترك في سوريا، الذي أتى بنتائج ملموسة وسمح بتحرير معظم الأراضي السورية من الإرهاب الدولي”، وأضاف “الموضوع الرئيسي هو تعزيز الأمن في هذه المنطقة والانتقال إلى استعادة الحياة السلمية في سوريا وعودة اللاجئين إلى منازلهم.”

من جانبه، أكد وزير الدفاع الإيراني استعداد بلاده لمواصلة التعاون حتى القضاء على آخر إرهابي في سوريا وإحلال الاستقرار هناك وتعزيز التعاون الثنائي بين روسيا وإيران، مشيراً إلى أن هناك آفاقا جيدة بالنسبة إلى تعاون البلدين في المجال العسكري التقني بعد التوصل إلى الاتفاق حول برنامج إيران النووي، وكذلك في مجال إجراء مناورات مشتركة وتدريب الكوادر، معترفاً بوجود بعض العوائق أمام التعاون مع موسكو، لكنه أكد أنه يمكن إزالتها للإسراع بوتائر التعاون.

روابط متينة

من جهته قال وزير الدفاع الصيني، وي فنغ، خلال لقائه مع الوزير شويغو “بصفتي وزيراً جديداً للدفاع في الصين أزور روسيا بالذات لكي نظهر للعالم كله المستوى العالي لتطوير علاقاتنا الثنائية وعزم قواتنا المسلحة على تعزيز التعاون الاستراتيجة، وهذه الزيارة أيضاً لدعم الجانب الروسي في تنظيم مؤتمر موسكو للأمن الدولي.”

بحسب بعض المراقبين، ان وصول الوفد الصيني الى المؤتمر يعتبر بمثابة رسالة الى الولايات المتحدة كي تعرف مدى عمق الروابط القوية بين القوات المسلحة الصينية والروسية، وخاصة في الوضع الحالي، حيث أكد الوزير الصيني “وصلنا لدعمكم، وإن الجانب الصيني مستعد ليعبر سوية مع الجانب الروسي عن قلقنا المشترك وموقفنا الموحد بشأن القضايا الدولية الهامة.”

بدوره، أشاد الوزير شويغو بمستوى التعاون بين البلدين حيث قال إنه “بفضل جهود زعيمي بلدينا، ترتقي العلاقات بين روسيا والصين إلى مستوى جديد اليوم، وهذا المستوى العالي غير مسبوق، وتصبح علاقاتنا عاملاً هاماً لضمان السلام والأمن الدولي.”

مصدر الاخبار: وكالات

مصدر الصور: موقع اتحاد الصحافيين– موقع اخبارك.