إعداد: مركز سيتا

أطلقت إيران قمراً اصطناعياً عسكرياً، “نور – 1″، في خطوة من المتوقع أن تضيف تصعيداً جديداً للعلاقات الأمريكية – الإيرانية، حيث يأتي ذلك بعد أكثر من شهرين على إطلاقها قمراً اصطناعياً أخفقت في وضعه على مداره.

هذا وقد أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه أطلق بنجاح أول قمر صناعي عسكري موضحاً أنه استخدم الصاروخ “قاصد”، من صحراء إيران المركزية، لإطلاق القمر الصناعي “نور – 1″، لكنه لم يخض في تفاصيل أخرى عن التكنولوجيا المستخدمة، مشيراً إلى أن القمر الصناعي استقر في مداره حول الأرض على مسافة 425 كلم.

في المقابل، اعتبرت واشنطن أن هذه الخطوة تشكل تتحدياً لقرارات مجلس الأمن الدولي، وإعتبر بعض المراقبين بأن الخطوة قد تكون “رداً على رفض الولايات المتحدة الطلب الذي قدمته إيران للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، لذا تحاول أن توحي بأن لديها قمراً صناعياً عسكرياً، يمكن استخدامه إما في تسيير طائرات من دون طيار، وإما التجسس وجمع المعلومات، وإمَّا توجيه صواريخ.”

إنجاز وطني

بث التلفزيون الحكومي صوراً للقمر الاصطناعي الذي تم تركيبه على صاروخ لإطلاقه، وقال قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء حسن سلامة، أن مهمة القمر الصناعي العسكري الجديد هي جمع المعلومات والصور. ويأتي ذلك بعد أكثر من شهرين على إطلاق إيران قمراً اصطناعياً أخفقت في وضعه في المدار، وأكدت طهران حينذاك أن إطلاق القمر العلمي “ظفر”، الذي حصل قبل أيام من الذكرى الحادية والأربعين لإنتصار الثورة الإسلامية، ليست له أبعاد عسكرية.

أيضاً، أشار وزير الاتصالات الإيراني، محمد جواد أزاري جهرومي، إلى إنه زار موقع الإطلاق قبل ثلاثة أسابيع، وأشاد “بالإنجاز الوطني العظيم”، معرباً عن “تهانيه الخالصة للقوة الجو- فضائية” لدى الحرس الثوري.

إلى ذلك، يرى اللواء سلامة بإن نجاح إيران في إطلاق القمر سيزيد من القدرات الدفاعية للبلاد، مؤكداً أن القدرات العسكرية لبلاده باتت فضائية في وقت تؤكد فيه طهران، التي تنفي التخطيط لإمتلاك سلاح ذري، أن برامجها البالستية والفضائية قانونية ولا تنتهك القرار الدولي حول ذلك.

هذا الإنجاز يأتي بعد وقت كانت تشدد فيه طهران على الطابع السلمي لبرنامجها الفضائي وتدحض الادعاءات بأن له بُعداً عسكرياً.

مزايا إستثنائية

يعتبر هذا القمر نتاجاً لخرائط دقيقة ومناسبة للإستخدام في توجيهات صواريخ كروز الباليستية، إن كلن لتحديد موقع نقطة العدو الرئيسية والمحمية على الإنترنت، أو استخدام الرادار النجمي واكتشاف الأماكن تحت الأرض أو المخفية، إضافة إلى الحصول على تقرير دقيق عن خسائر العدو بعد كل هجوم جوي أو صاروخي.

ويشير بعض المراقبين المحللين بأن الميزات الكبيرة والأبعاد الإستراتيجية للقمر “نور – 1” سوف تجعل أعداء الجمهورية الإسلامية يفكرون “ألف مرة” قبل الدخول في حرب معها أو احتى البدء بها، خاصة وأنهم جربوا دقة الصواريخ الإيرانية عند استهدافها لقاعدة “عين الأسد”، حيث تعززت اليوم بوجود الخرائط الجوية للأهداف البعيدة.

أيضاً، يبدو أن مشروع “نور – 1” هو مشروع عملاق يتألف من عدة مشاريع كبيرة جداً، وهذا الإطلاق الناجح يشكل المرحلة الأولى منه.

“إشادة” الخصوم

قالت وزارة الدفاع الأميركية إن التقييم خلص إلى أن تجربة إطلاق القمر الإيراني تمت بنجاح للمرة الأولى، وقال مسؤولان أمريكيان في وزارة الدفاع الأمريكية – البنتاغون أن واشنطن اعترفت بنجاح إيران في إطلاق قمر صناعي عسكري لأول مرة، حيث قامت بتقييم عملية إطلاق إيران لصاروخ يحمل قمراً صناعياً عسكرياً إلى الفضاء وذلك لأول مرة في تاريخها، وأن العملية كانت ناجحة حيث يتم النظر إلى هذه الخطوة على أنها خطوة كبيرة لأن البرنامج الفضائي الإيراني يستخدم التكنولوجيا ذاتها المطلوبة لإطلاق صاروخ عابر للقارات.

على المقلب الآخر، هذا الأمر يعني زيادة قدرة طهران على ضرب أهداف معادية، ووفقاً لأحد المسؤولين فإن قيادة الفضاء الأمريكية تتعقب جسمين في مدار الأرض أُطلقا من داخل إيران أحدهما جسم الصاروخ والآخر قيل أنه القمر الصناعي الإيراني، لافتاً إلى أن جسم الصاروخ سيبقى في المدار لأن برنامج الفضاء الإيراني ليس متطوراً لدرجة تمكنهم من إعادة الصاروخ إلى الغلاف الجوي.

أما جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، فلقد علق على هذه الخطوة بأنها تعتبر دليلاً على أن الضغوط الأمريكية على إيران ليست كافية حتى الآن.

ردود فعل دولية

علقت وزارة الخارجية الإسرائيلية، على إطلاق إيران قمراً صناعياً عسكرياً، بالقول “إن محاولة الحرس الثوري الإيراني إطلاق قمر صناعي عسكري ليست إلا واجهة لتطوير إيران المتواصل للصواريخ المتقدمة”، مضيفة “إن هذه الصواريخ المتقدمة تشمل الصواريخ التي يمكنها حمل رؤوس نووية”، مدعية أن “إيران تركز على العدوان العسكري وليس التعامل مع أزمة فيروس كورونا وعشرات الآلاف من المدنيين الإيرانيين الذين أصيبوا به.”

أمريكياً، تتابع واشنطن هذا الأمر عن كثب في حين كان رد فعل الخارجية كان لاذعاً، حيث قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو “ها هم اليوم يطلقون الأقمار الصناعية، ويسيرون السفن في الخليج العربي ويتحرشون بالسفن العسكرية الأميركية”، مضيفاً أن “الأمر بمثابة تحد لقرار أصدره مجلس الأمن الدولي العام 2015، حيث أن لكل دولة الحق في اللجوء إلى المجلس”، مشدداً على أن إيران “ستتحمل مسؤولية أفعالها”.

فيما رأت بريطانيا أن إطلاق إيران قمراً صناعياً يثير قلقاً شديداً ويخالف قرار مجلس الأمن الدولي، حيث ذكر متحدث بإسم وزارة الخارجية البريطانية أن “التقارير عن هذا الإطلاق، بإستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية مقلقة للغاية ولا تتفق مع قرار مجلس الأمن الرقم 2231” الذي يدعو القرار إيران إلى “الإمتناع عن القيام بأي نشاط يتعلق بالصواريخ البالستية المصممة لحمل رؤوس نووية، بما في ذلك تلك التي تستخدم فيها تكنولوجيا الصواريخ البالستية”، متابعاً أنه “لدينا مخاوف بالغة وقديمة نحن وشركاؤنا الدوليون بشأن برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني الذي يزعزع استقرار المنطقة ويمثل تهديدا للأمن الإقليمي.”

دعم حليف

من جهتها، قالت روسيا إن إطلاق إيران لقمر اصطناعي عسكري لا يتعارض مع قرار مجلس الأمن الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني، حيث قالت المتحدثة بإسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا “كما تعلمون، لا القرار نفسه ولا خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن تسوية البرنامج النووي الإيراني بأي شكل من الأشكال تحد من حقوق وقدرات طهران من حيث الإستكشاف السلمي للفضاء وتطوير البرامج الوطنية ذات الصلة.”

أخيراً، إن هذا الإنجاز الإيراني، وسط الظروف التي تحيط بها حول إنتشار وباء “كورونا” وعدد الإصابات الكبير، لم يثن الجمهورية الإسلامية عن إثبات قدرتها على النجاح والإستفادة من الأخطاء التي واجهتها أثناء إطلاق الصاروخ القديم وفشل تجربتها آنذاك على الرغم من العقوبات الإقتصادية، التي تعاني منها البلاد، لجهة إثبات قدرتها في مواجهة التحديات التي تتعرض لها خاصة مسألة التوتر المتزايد مع الولايات المتحدة وبعض دول الخليج، الأمر الذي يضع في حسابات تلك الدول أنهم يقارعون خصماً لا يستهان به، رغم كل ما يمر ومر به.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: ميدل إيست أونلاين – القبس.

موضوع ذا صلة: المحاولات الفضائية.. بين الطموح الإيراني والتوجس الأمريكي