إعداد: مركز سيتا
بين 21 و26 سبتمبر/أيلول، إنطلقت مناورات “قوفاز – 2020” بمشاركة نحو 80 ألف جندي من روسيا وبيلاروس، إضافة إلى حوالي ألف جندي من إيران والصين وباكستان وأرمينيا وميانمار تحت قيادة رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، الجنرال فاليري غيراسيموف، حيث ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن “القوات المسلحة للإتحاد الروسي أطلقت التدريبات الإستراتيجية قوقاز – 2020 بمشاركة مراكز القيادة”، مبينة أن الفعاليات الأساسية في إطار المناورات ستجري في الميادين الداخلية بالدائرة العسكرية الجنوبية برودبوي وأشولوك وكابوستين يار، إضافة إلى ميداني طيران بريين أرغيزسك وكوبانسك، كما تم إشراك 80 ألف عنصر في التدريبات بينهم عناصر في القوات القتالية ووحدات الدعم اللوجيستي التقني ومجموعات من قوات الدفاع الجوي والأسطول الحربي والحرس الروسي ووزارة الطوارئ.
مواجهة نزاع واسع النطاق
تكثف روسيا، هذا الخريف، المناورات العسكرية لتوحيد الصفوف مع حلفائها رغم تفشي فيروس “كورونا” المستجد، في الوقت الذي تشهد علاقاتها مع الغرب توترات عديدة. وتعتبر هذه المناورات أكبر المناورات الموسمية “الأخوة السلافية” و”الأخوة الدائمة” و”الدرع الأوقياني” و”القوقاز – 2020″ في القوقاز الروسي، مع تدريبات بحرية مقررة في بحري قزوين والأسود.
في هذا الشأن، قال فاسيلي كاشين، المحلل العسكري من المعهد العالي للإقتصاد في موسكو، إن هذه التدريبات التي يطلق عليها إسم القوقاز – 2020 “هي الدليل السنوي الرئيسي على قدرة القوات المسلحة الروسية على مواجهة نزاع واسع النطاق”، مضيفاً أنه “عليهم أولاً اختبار الرتب العليا في القيادة العسكرية”.
وتفيد أوساط متابعة بأنه على الرغم من القوة النارية المعلنة، فإن هذه التدريبات أقل ضخامة مقارنة مع مشاركة 128 ألف عسكري في مناورات مماثلة في وسط البلاد، العام 2019، والـ 300 ألف الذين تمت تعبئتهم في أقصى الشرق، العام 2018.
رسالة نارية
إعتادت بيلاروس على المشاركة في المناورات الروسية، لكن مشاركتها هذه المرة تشكل دليلاً على دعم موسكو لرئيسها، ألكسندر لوكاشينكو، الذي يواجه حركة شعبية غير مسبوقة، فلقد حلقت مقاتلتان روسيتان طراز “تو – 160” فوق منطقة التدريب قرب مدينة بريست، على الحدود بين بيلاروس وبولندا، في إشارة واضحة لوحدة الصف الروسي – البيلاروسي.
يضاف إلى ذلك إعلان الرئيس لوكاشينكو عن إجراء مناورات عسكرية جديدة، مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2020، في بيلاروس في إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي تهيمن عليها روسيا وتضم جمهوريات سوفياتية سابقة.
أيضاً، تؤكد هذه التدريبات على توجه روسيا نحو آسيا منذ تفاقم التوتر مع الغرب على خلفية الأزمة الأوكرانية، وكذلك قضايا التجسس، وآخرها قضية المعارض الروسي ألكسي نافالني، حيث تواصل موسكو تطبيق خطة تحديث مكلفة لقواتها المسلحة حيث إختبرت عدداً الأسلحة فعلياً، منذ 2015 في الحرب على سوريا.
لكن اللافت في هذه المناورات الحالية، هي زيادة روسيا فيها لـ “عدد أنظمتها المدفعية والطائرات المسيرة وعدد مقاتلاتها الجديدة وأنظمتها الدفاعية المضادة للطائرات” ومنها أنظمة “إس – 400” المتطورة، كما كشف الخبير فاسيلي كاشين، وهذه الأسلحة صاروخ “كينجال” الذي يفوق سرعة الصوت.
تقييم القدرة الدفاعية
وصل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بمروحية عسكرية برفقة وزير الدفاع، سيرغي شويغو، إلى ميدان تدريب كابوستين يار في منطقة أستراخان جنوبي البلاد، حيث راقب المرحلة الرئيسية من تلك التدريبات الإستراتيجية والتي إعتمدت روسيا نقلها داخل البلاد من أجل عدم إثارة التوتر في أوروبا.
عن هذه المناورات، قال الوزير شويغو إنها ستقيم قدرة المنطقة العسكرية الجنوبية على ضمان الأمن العسكري في جنوب غرب روسيا الإتحادية، مضيفاً أنه تمت تنفيذ تدريبات القيادة والأركان الاستراتيجية هذه في ميداني التدريب “كابوستين يار” و”آشولووك”، وكذلك في مياه البحر الأسود وبحر قزوين.
من جهته، أشار رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، فاليري غيراسيموف، أنه “تقليدياً، إستند التحضير للتدريبات الإستراتيجية وإجرائها إلى مبادئ أقصى قدر من الإنفتاح المسموح به. وأبلغ الملحقون العسكريون للدول الأجنبية بالهدف والمهام والمناطق والقوات…”، كما شدد على أن التدريبات “لم تكن موجهة ضد دول أخرى وتتماشى مع العقيدة العسكرية الروسية” التي قال إنها دفاعية بطبيعتها.
مشاركات صينية وإيرانية
أرسلت وزارة الدفاع الصينية، وفقاً للإتفاقيات التي تم التوصل إليها بين روسيا والصين، وحدات إلى منطقة أستراخان في روسيا للمشاركة في المناورات، حيث أعلنت الوزارة إن التدريبات ستتضمن نشر مركبات بعجلات وأسلحة خفيفة والتي جرى نقلها إلى موقع التدريبات بواسطة أحدث طائرات النقل الصينية.
إلى ذلك، أفادت وزارة الدفاع الروسية بأن خمس سفن تابعة لأسطول بحر قزوين والقوات البحرية الإيرانية، قامت بمحاكات تدمير القوات البحرية “لجماعات مسلحة غير شرعية” في حوض بحر قزوين في إطار المناورات نفسها، حيث قامت مجموعة السفن التكتيكية لأسطول بحر قزوين والقوات البحرية لجمهورية الإسلامية في إيران، والتي ضمت سفينة الصواريخ “تتارستان” وسفينة الصواريخ الصغيرة “فيليكي أوستيوغ” وسفينة المدفعية الصغيرة “أستراخان” والزورقان “جوشان” و”بيكان” للبحرية الإيرانية، بتنفيذ إطلاق نيران المدفعية بإتجاه الأهداف الجوية والبحرية لعدو تمت محاكاته في بحر قزوين بنجاح.
إنسحاب تكتيكي
في وقت سابق، قال الوزير شويغو إن وزراء دفاع “منظمة شنغهاي للتعاون” و”رابطة الدول المستقلة” و”منظمة معاهدة الأمن الجماعي” اتفقوا على توسيع التعاون في مكافحة الإرهاب، وإنه ستُجرى التدريبات المشتركة الأولى في إطار مناورات “القوقاز – 2020″، دون أن يتطرق للشكل الذي ستجرى فيه هذه التدريبات.
في مقابل ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الآذارية عدم مشاركتها في التدريبات العسكرية، إذ تم إرسال عسكريين إثنين بصفة مراقبين فقط. أيضاً، أعلنت الهند عدم مشاركتها في هذه المناورات بسبب الوضع الوبائي الذي يشهده العالم، حيث أبلغت نيودلهي موسكو بقرارها مؤكدة على الشراكة الإستراتيجية المتميزة بين البلدين.
أخيراً، حققت هذه المناورات هدفها المتمثل بقياس قدرة القوات الروسية للحفاظ على الأمن العسكري في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد. وبمشاركة الدول الحليفة لها، بعثت موسكو برسائلها العسكرية قبل السياسية أنها ستكون طرفاً في أية حرب مقبلة لحماية حلفائها، سواء في سوريا أو أرمينيا أو حتى ضبط الوضع في بيلاروس، ما يعني أنها كشفت النقاب عن القدرة الكبيرة لترسانتها العسكرية، خصوصاً وأنها قد عملت على تطويرها بشكل مستمر لوقف “المكائد” التي تحاك ضدها.
مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.
مصدر الصور: سبوتنيك.
موضوع ذا صلة: المناورات البحرية المشتركة: رسائل متعددة