إعداد: يارا انبيعة

في وقت تشهد ألمانيا خلافات داخلية حادة بشأن الهجرة، وما تسببه من توترات بين الائتلاف الحاكم، إذ يطالب حزب الاتحاد المسيحي الاشتراكي البافاري بعودة بعض المهاجرين إلى الحدود الألمانية ومنح المستشارة مهلة أسبوعين للتوصل لاتفاق مع الشركاء الأوروبيين، وما أثارته فضيحة مكتب اللجوء الألماني من ضجة إعلامية بعدما تناولت العديد من التقارير وجود اتهامات جدية بخصوص قضية الفساد في المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين والتي تم فيها الاشتباه بالمديرة السابقة لفرع المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في بريمن؛ والتي من المحتمل أن تكون قد تورطت في تزوير وثائق، الأمر الذي زاد من الضغط على المستشارة وهي التي كانت من المدافعين عن سياسة قبول اللاجئين وتأهيلهم.

في هذه الأجواء، اختتمت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، زيارتها للعاصمة اللبنانية بيروت، ضمن جولتها الشرق أوسطية الهادفة إلى تحسين وضع اللاجئين وجعلهم لا يفكرون في الهجرة إلى أوروبا، حيث قامت بزيارة قابلت خلالها رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، ورئيس المجلس النيابي، نبيه بري، ورئيس الحكومة، المكلف سعد الحريري، وأجرت معهم محادثات تناولت آخر المستجدات والأوضاع العامة في لبنان والمنطقة وسُبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.

برلين داعم دائم

أضفت زيارة المستشارة الألمانية جرعة دعم أوروبية جديدة تلقاها الرئيس اللبناني المكلّف تشكيل الحكومة، سعد الحريري، في المجالين السياسي والاقتصادي، حيث يحرص المجتمع الدولي على تجديد الدعم في مواكبة واضحة لمساعي الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، إذ أكدت ميركل، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الحريري في السراي الحكومي، أن “هدفنا تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين ومؤتمر سيدر يقدم أرضية مهمة لهذا التعاون ويجب الايفاء بالاصلاحات الموعودة.”

واعتبرت ميركل أن لبنان هو نقطة إنطلاق جيدة للأنشطة في المنطقة وألمانيا، التزمت بدعم لبنان ومساعدته حيث تريد أن نساعد بالوصول إلى حل سياسي في سوريا لتأمين عودة النازحين، وقالت “المانيا إلتزمت بتقديم الإغاثة الإنسانية، وهي ستساعد في المضي قدماً في الاصلاحات في لبنان”، معتبرة أن عودة النازحين السوريين إلى بلادهم لا بد أن تحدث عندما تتوافر الظروف الآمنة لهم.

من جهته، أشار الحريري إلى أنه تم بحث تداعيات أزمة النزوح السوري، وهناك حاجة لتوسيع الحاجات الإنسانية الأساسية لتشمل بالإضافة إلى النازحين المجتمعات المضيفة لهم، وقال “ناقشت مع السيدة المستشارة ميركل الدور المساعد الذي يمكن لألمانيا أن تلعبه خصوصاً في مساعدة لبنان على تنفيذ الأولويات التي طرحتها الحكومة اللبنانية في مؤتمر بروكسيل – 2، من خلال دعم مشروع استهداف الفقر في لبنان ودعم تنفيذ الإطار الاستراتيجي الوطني للتعليم والتدريب المهني والتقني.”

ولفت الحريري إلى أن الحل الدائم والوحيد للنازحين السوريين هو العودة الآمنة إلى بلدهم، مشدداً على أن موضوع النازحين هو إنساني و”إذا لم نتعامل به من هذا المنطلق نكون قد فقدنا إنسانيتنا، وكرؤساء ودول علينا واجب إنساني تجاه قضية النازحين ونحن متمسكون بعودة آمنة وكريمة لهم.”

الحل السياسي قد يتأخر

طلب الرئيس اللبناني ميشال عون، خلال لقاءه المستشارة الألمانية ميركل، مساعدة ألمانيا في دعم موقف لبنان الداعي إلى عودة النازحين السوريين تدريجياً إلى المناطق الآمنة في سوريا، مشدداً على ضرورة الفصل بين هذه العودة والحل السياسي للأزمة السورية، الذي قد يتأخر التوصل إليه. ورأى أنه إذا تأخر الحل واختلفت موازين القوى من يضمن إذ ذاك عودة النازحين إلى بلادهم، لا سيما أن هناك تجربتين سبق أن عانى منهما لبنان. وأشار الرئيس عون إلى أن لبنان تحمل الكثير نتيجة النزوح السوري على مختلف الأصعدة، ولفت إلى أن المساعدات الدولية لا تكفي لما يتكبده لبنان من خسائر.

من جهتها، أكدت ميركل رغبة بلادها الاستمرار في مساعدة لبنان بمختلف المجالات لمواجهة الصعوبات والتحديات التي تنتظره، وهنأت الرئيس عون على إنجاز الانتخابات النيابية وإقرار الموازنة، وتمنت التوفيق في تشكيل حكومة جديدة، وشددت على أن برلين ستواصل تقديم الدعم الإنساني للبنان، والمساعدة أيضاً في التخفيف من معاناة النازحين السوريين.

ووفق بيان رئاسة الجمهورية، أبدت ميركل تفهمها للموقف اللبناني حيال النازحين، معتبرة أن الحل السياسي يساهم في الإسراع في إنهاء ملفهم، مؤكدة مواصلة بلادها تقديم الدعم للبنان.

تعاون برلماني مشترك

استقبل رئيس مجلس النواب، نبيه بري، في عين التينة المستشارة الألمانية ووفداً مرافقاً ضم عدداً من أعضاء البرلمان الألماني والمسؤولين، وتطرق الحديث إلى التطورات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين. وفي مستهل اللقاء، شكر الرئيس بري ألمانيا على مشاركتها في القوة البحرية لقوات “اليونيفيل”، مشدداً على أهمية دور هذه القوات في حفظ السلام في لبنان من خلال تطبيق القرار “1701”، مؤكداً “تمسك لبنان بحقوقه وحدوده البرية والبحرية”، وعارضاً الجهود في هذا الإطار لتثبيت الحقوق اللبنانية.

كما استعرض الرئيس بري مع ميركل الوضع الاقتصادي المأزوم والضاغط في لبنان نتيجة ما يجري في سوريا، وثقل النزوح السوري على لبنان واللبنانيين، لافتاً إلى دور لبنان وما أنجزه على هذا الصعيد، مشدداً على رفع مستوى التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية لمعالجة هذه القضية.

وشكر الرئيس بري ألمانيا على عنايتها ورعايتها للجالية اللبنانية فيها، مشدداً على أهمية دور هذه الجالية التي ستشكل جسرا للتعاون بين البلدين، بدورها، أكدت ميركل التعاون البرلماني المشترك بين البلدين وتعزيز مساهمة ألمانيا في مؤتمر “سيدر 1″، ومؤازرة لبنان لتطبيق توصيات المؤتمر.

زيارة للاجئين

على هامش زيارتها لبيروت، قامت المستشارة الألمانية بزيارة إلى مدرسة في العاصمة اللبنانية يتابع فيها العديد من اللاجئين السوريين تعليمهم، وقد شاركت المستشارة الطلاب في لعب كرة القدم ووزعت عليهم قمصان منتخب كرة القدم الألماني.

مصدر الأخبار: وكالات.

مصدر الصورة: العربية نت.