إعداد: يارا انبيعة
تشهد نيكاراغوا، البلد الأفقر في أميركا الوسطى، موجة عنف منذ ثلاثة أشهر على خلفية مناهضة الرئيس دانييل أورتيغا الذي يحكم البلاد منذ 2007 بعدما حكمها بين 1979 و1990. وأوردت مفوضية حقوق الإنسان أن أعمال أغلبية أعمال العنف، هذه التي خلفت نحو 280 قتيلاً و1830 جريحاً، ارتكبتها عناصر مسلحة مؤيدة للحكومة. فمنذ 26 يونيو/حزيران 2018، كان قد أرسل العديد من ممثلي مفوضية الأمم المتحدة إلى نيكاراغوا بموافقة السلطات لتقييم الوضع.
شغب.. والهدف إقالة الرئيس
أشارت فيلما نونيز، رئيسة مركز نيكاراغوا لحقوق الإنسان، إلى دخول نحو 40 شاحنة مليئة بعناصر شرطة مكافحة الشغب والشرطة شبه العسكرية المدججين بالسلاح مدينة “ماسايا” جنوب شرق العاصمة “ماناغوا”، من أربعة جوانب، فيما تصاعدت أصوات الرشاشات وصفارات الإنذار في حي “مونيمبو” المضطرب في المدينة والذي كان بؤرة للاحتجاجات الأخيرة الداعية إلى استقالة أورتيغا الذي يهيمن على السياسة في البلاد منذ عقود.
بعد مواجهات عنيفة، استعادت القوات الحكومية السيطرة على حي ماسايا المتمرد الذي نصبت فيه حواجز منذ بداية الحركة الاحتجاجية على الرئيس، وقالت حكومة نيكاراغوا، على موقعها الالكتروني، أنه “جاء دور مونيمبو في ماسايا لاستعادة الشوارع الخالية من الحواجز حيث يمكن للناس التحرك بحرية”، وأضافت “أن هذا الحي التاريخي يحتفي بحريته بعدما خطفه إرهابيون ممولون من اليمين الانقلابي.”
فيما أكد رئيس جمعية نيكاراغوا لحقوق الإنسان، الفارو ليفا، أنه “بعد استخدام مفرط للقوة ضد المتظاهرين، سيطرت الشرطة والمجموعات المسلحة غير النظامية على المدينة.”
هنا، يجب الإشارة إلى أمر مهم جداً وهو أن الرئيس أورتيغا قد عقد صفقة مع الصين لشق قناة نيكاراغوا، إذ يرى بعض الباحثين بأن جزء من هذه الأحداث قد يصب في تعطيل هذا المشروع لا سيما وأنه سيقلل، إذ لم نقل سينهي، دور قناة بنما التي تعتبر من أهم المصالح الأمريكية في منتصف القارة.
قلق حقوقي
اتهمت الأمم المتحدة سلطات نيكاراغوا بإرتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، مبدية قلقها الشديد احتجاز اثنين من مسؤولي حركة الفلاحين في مطار ماناغوا كان مقرراً أن يشاركا في مؤتمر في الولايات المتحدة. وصرح المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، روبرت كولفيل في جنيف، “نحن قلقون جدا لكون اثنين من المدافعين عن حقوق الإنسان، ميداردو ميرينو أحد قادة حركة الفلاحين وبيدو مينا من هذه الحركة، قد يكونان ضحية اختفاء قسري”، وأضاف أن الشرطة احتجزتهما في مطار ماناغوا ومذاك لم تبلغ السلطات عائلتيهما بمكان وجودهما، و “ندعو سلطات نيكاراغوا إلى أن تدلي فوراً بمعلومات عن مكانهما.”
من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريش، إلى وقف أعمال العنف معتبراً أن لا حل للأزمة في هذا البلد إلا باستئناف الحوار بين السلطة والمعارضة. وقال غوتيريش، في سان خوسيه حيث التقى رئيس كوستاريكا كارلوس ألفارادو، إنه “من المهم للغاية أن تتوقف فوراً أعمال العنف وأن يستأنف الحوار الوطني لأن الحل السياسي هو الوحيد المقبول بالنسبة إلى نيكاراغوا”، وأضاف “أن إحدى المسؤوليات الأساسية للدولة هي حماية مواطنيها وهذا المبدأ الأساسي لا يمكن تناسيه ولا سيما عندما يكون لدينا، للأسف، عدد من القتلى صادم لهذه الدرجة.”
دعوة إلى حوار وطني
قرر أساقفة البلاد بالإجماع، وبتشجيع من البابا فرنسيس، الاستمرار في الحوار الوطني، وقد تحدثوا في الوقت نفسه عن انعدام الرغبة السياسية، من قبل الحكومة، في عقد حوار صادق والبحث عن السبل الكفيلة بإحلال الديمقراطية في البلاد.
وفي السياق ذاته، وجه السفير البابوي في نيكاراغوا، المطران فالديمار ستانيسلاو سومرتاغ، نداء قوياً باسم البابا فرنسيس، من أجل وضع حد فوري لأعمال العنف التي يشهدها هذا البلد الأمريكي اللاتيني منذ ثلاثة أشهر. الدبلوماسي الفاتيكاني قال في النداء، إنه يرغب في التعبير بإسم البابا فرنسيس وبإسم الكرسي الرسولي عن قلقه البالغ حيال الوضع الصعب الذي تعيشه نيكاراغوا”، وأضاف أنه “من غير المقبول التفكير بأن أعمال القتل يمكنها أن تحل الأزمة السياسية وتضمن مستقبلا من السلام والازدهار.”
كما لفت سومرتاغ إلى أنه “يبكي” من أجل جميع ضحايا العنف ويصلي من أجل عائلاتهم بكامل قواه البشرية والروحية ويطلق نداء موجها إلى ضمائر الجميع كي يتم التوصل إلى هدنة وتعود الأطراف المعنية إلى طاولة الحوار الوطني ويتم البحث عن حل ملائم ويوضع حد للأزمة الراهنة.
تظاهرات منددة
تظاهر المئات في شوارع ماناغوا، مطالبين بالعدالة لضحايا حملة عنيفة يتعرض لها المحتجون على حكم الرئيس دانيال أورتيغا، أسفرت أخيراً عن مقتل عدد كبير من الأشخاص بعد دهم وحدة مكافحة الشغب وقوات شبه عسكرية مدينتي ديريامبا وجينوتيبي جنوب غربي البلاد، لإزالة حواجز نصبها معارضون لأورتيغا. وهتف المحتجون “فليرحلوا”، مؤكدين تصميمهم على الاحتجاج “حتى يستقيل هؤلاء المجرمون.”
مصدر الأخبار: وكالات.
مصدر الصورة: سبوتنيك.