إعداد: مركز سيتا

تشير العديد من المعلومات إلى سعي الرياض لإنشاء ميناء نفطي في منطقة المهرة اليمنية، على ساحل البحر العربي، كمتنفسٍ جنوبي مطل عبر المحيط الهندي بعيداً عن القلق الذي يشكله الخلاف مع إيران وتداعياته على مضيق هرمز.

لطالما شكلت هذه الجغرافيا اليمنية، من شبوة مروراً بحضرموت وصولاً إلى المهرة والتي تزيد مساحتها عن نصف مساحة هذا البلد، “مناطق حلم” سعودي قديم ومتجدد، لإيجاد منفذ بحري للمملكة عبر سلطنة عمان أو اليمن، من شأنه أن يمثل طريقاً آمناً وبديلاً لتصدير النفط.

تحييد المهرة

سعت قوات التحالف العربي على القيام بخطوات مدروسة وشديدة الحذر فيها فيما يخص المهرة، فهذه المحافظة الحدودية لم تصلها رصاصة أو قذيفة واحدة منذ بداية الصراع الدائر في اليمن. فبحسب التسريبات، هناك نية سعودية للشروع في إنشاء ميناء نفطي في محافظة المهرة تمهيداً لقيام الرياض بمد أنبوب، عبر اليمن، لنقل النفط عبره إلى بحر العرب. فقد كشفت وثيقة مسربة عن تقدم شركة “هوتا” للأعمال البحرية، برسالة إلى السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، تشكره من خلالها لطلبه التقدم بالعرض المالي والفني لتصميم وتنفيذ ميناء تصدير النفط، وتؤكد أنها ستقوم بترتيب زيارة ميدانية إلى الموقع والقيام بالمسوحات اللازمة لتقييم المشروع، فيما لم تفصح الرسالة عن اسم الموقع.

تطلّب هذا الموقع سلسلة خطوات أبرزها مد جسور النفوذ إلى الأوساط المحلية في المحافظة، وإرسال قوات السعودية للتمركز في مناطق المهرة الحيوية بما فيها المنافذ والمطار الواقع في المدينة، على الرغم من الرفض المحلي الذي واجهته منذ اللحظة الأولى على أعلى مستوى في السلطة المحلية.

أسباب الرفض

السبب الأول، تعطيل المطار في محافظة المهرة ومنح موظفيه إجازة مفتوحة، وإتخاذ إجراءات وفرض قيود على الحركة التجارية والإستيراد، في كلٍ من ميناء “نشطون”، ومنفذي “شحن” و”صرفيت”، على الحدود مع سلطنة عمان، وهو ما أثر “بشكل سلبي في الإيرادات التي تحتاجها المحافظة لتوفير الخدمات الأساسية وتسيير حياة المواطنين”.

أما السبب الثاني، فينطلق من العلاقات التي تربط العديد من وجهاء المحافظة مع السلطنة، إذ تمثل المحافظة عمقاً استراتيجياً بالنسبة لمسقط، في وقتٍ يبدو فيه الوجود السعودي، العسكري على الأقل، تطوراً “مستفزاً” لسكينة المحافظة التي لم تعرف أي وجود لمسلحي جماعة “أنصار الله” (الحوثيين)، وللجار العُماني الذي يتوجس تاريخياً من التحركات السعودية على حدوده مع اليمن. هذا الأمر تعزز بالتشديدات التي جرى اتخاذها فيما يتعلق بالواردات عبر المنافذ الحدودية مع عُمان (شحن وصرفيت)، ومنع العديد من المنتجات من الدخول، وصولاً إلى رفع الضرائب 100% على الواردات.

قناة بحرية

لا ينحصر الحديث حول المشروع السعودي بميناء نفطي وأنبوب يمر عبر اليمن، بل يصل إلى “قناة بحرية”، وهو ما أطلقت عليه مجلة “المهندس”، الصادرة عن الهيئة السعودية للمهندسين السعودية خلال العام 2015، اسم “مشروع القرن”. فيما قالت صحيفة “عكاظ”، في إبريل/نيسان 2016، إن السعودية أكملت “الخطوات الإجرائية لدراسة مشروع القناة البحرية، التي تربط الخليج العربي مروراً بالمملكة، إلى بحر العرب، للإلتفاف حول مضيق هرمز، ما يمكن المملكة من نقل نفطها عبر هذه القناة المائية الصناعية الأكبر في تاريخ القنوات المائية الصناعية الكبرى في العالم.”

وتتلخص الفكرة الرئيسية في فتح قناة بحرية من بحر العرب، مروراً بالحدود العُمانية واليمنية، وتمتد إلى داخل المملكة في الربع الخالي ثاني أكبر صحراء في العالم، وتحتل الثلث الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية. ويقع الجزء الأعظم منه داخل الأراضي السعودية، بمساحة 600 ألف كيلومتر مربع، وتمتد ألف كلم طولاً، و500 متر عرضاً.

رغم أن الدراسات والأبحاث حول إمكانية مد أنبوب نفطي من آبار النفط السعودية في المنطقة الشرقية إلى شواطئ البحر العربي ظلت طي الكتمان، إلا أن ما كشفه موقع “ويكيليس” أكد إستمرار المملكة في العمل من أجل تهيئة الظروف لمشروع تمددها جنوباً حتى يصبح حيز التنفيذ.

على ما يبدو، إن محافظة المهرة تحظى بدعم واهتمام من قبل السلطات السعودية، فهي من أكبر المحافظات جنوب اليمن والأكثر حيوية. فهل يكون هذا المشروع بداية لنهاية الصراع في اليمن إذا ما تم الإتفاق عليه بين الطرفين مستقبلاً؟ هذا ما سيتحدد في الفصول المقبلة من الصراع الدائر في تلك المنطقة.

مصدر الأخبار: وكالات.

مصدر الصورة: سكاي نيوز عربية.