إعداد: يارا انبيعة

في جولة شرق أوسطية – أوروبية مفاجئة لم يُعلَن عنها مسبقاً لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ورئيس هيئة أركان الجيش فاليري غراسيموف بدأت من إسرائيل، في 23 يوليو/تموز2018، وانتهت بباريس، في 25يوليو/ تموز2018، أجريا فيها عدداً من اللقاءات والمباحثات والحلول في المنطقة والعالم.

وتأتي جولة لافروف وغراسيموف بعد أسبوع من قمة الرئيسين الأميركي، دونالد ترامب، والروسي، فلاديمير بوتين، التي عرضت خلالها موسكو على الأميركيين العمل معاً على قضية اللاجئين السوريين وإعادة إعمار البلاد.

إسرائيل ترفض

بعد ساعات من إجراء اتصال هاتفي جمع كل من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حول الأوضاع الراهنة في الجنوب السوري، أعلنت الخارجية الروسية أن الوزير سيرغي لافروف ورئيس هيئة الأركان، فاليري غراسيموف، بحثا مع نتنياهو عملية مكافحة الإرهاب جنوبي سوريا وتوفير الأمن على خط الحدود مع إسرائيل، بما في ذلك تنفيذ معاهدة فك الاشتباك للعام 1974.

وقالت الخارجية الروسية “خلال اللقاء، ناقش الطرفان جوانب مختلفة من أجندة الشرق الأوسط، مع التركيز على الوضع في سوريا وحولها، كما تم التطرق لمشكلة التسوية الفلسطينية – الإسرائيلية، كما تم الحديث بشكل مفصل عن مهام استكمال عملية مكافحة الإرهاب في جنوب سوريا وضمان الأمن على طول الحدود الإسرائيلية، بما في ذلك تنفيذ اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974.”

من جهتها، رفضت إسرائيل خطة روسية لإبعاد القوات الإيرانية مسافة 100 كيلومتر عن المناطق الحدودية جنوبي سورية، وطالبت بإخراجها من البلاد بشكل تام. وذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” أن لافروف، لم يتعهد بتنفيذ العرض الذي قدمه، بل قال إنّه يأمل أن تتمكن روسيا من تنفيذه، ورفض نتنياهو الخطة الروسية، كما طالب بإغلاق الحدود السورية – العراقية، والحدود السورية – اللبنانية لمنع تهريب السلاح الإيراني لـ “حزب الله.

وتضمنت المطالب الإسرائيلية أيضاً، إخراج الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى من سوريا، ووقف إنتاج الأسلحة الدقيقة، وإخراج بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات. وفي السياق ذاته، لفت نتنياهو انتباه لافروف إلى احتفاظ إسرائيل لنفسها بحرية العمل ضد محاولات إيران ترسيخ وجودها في سوريا، وأبلغه أن إسرائيل ترى أن الرئيس بشار الأسد هو المسؤول عن أي هجوم تنفذه إيران ضد إسرائيل عبر الأراضي السورية.

في حديث لمركز “سيتا” رأى الصحافي اللبناني، فراس خليفة، من المؤكد أن ما تسميه إسرائيل “التواجد الإيراني” في سوريا تحول إلى هاجس كبير لدى القيادة الإسرائلية، لأنها لا تحتمل فكرة انتهاء الحرب السورية بمكاسب كبيرة لدمشق وحلفائها، ولا يمكن أن تتقبل فكرة وجود نواة مقاومة شعبية مسلحة بالقرب من حدودها مع الجولان. هذا بيت القصيد وهذا ما يفسر الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة ضد أهداف في الداخل السوري، وكان آخر هذه الرسائل إسقاط طائرة السوخوي السوري. لذلك، من المرجح أن تشهد المرحلة المقبلة جولات “ملاكمة” موضعية إضافية بين إسرائيل، من جهة، ودمشق وحلفائها، من جهة أخرى، في محاولة لتحسين شروط كل طرف.

سورية وشرق أوكرانيا

وصل لافروف وغراسيموف إلى أوروبا آتيين من إسرائيل، إلى العاصمة الألمانية برلين، حيث التقيا بالمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، لبحث النزاعات في سوريا وأوكرانيا.

وفي بيان حول الاجتماع غير المعتاد، بحضور وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، قالت اولرياك ديمر، المتحدثة بإسم ميركل، أن المحادثات تم ترتيبها من قبل ميركل والرئيس بوتين، وأضافت أنها تركزت على الوضع في الشرق الأدنى وخصوصاً سوريا والنزاع في شرق أوكرانيا.

من ناحية أخرى، أشارت الخارجية الروسية إلى أن الاجتماع تناول البحث في الوضع السوري وخصوصاً المهمات المتعلقة بتهيئة الظروف لعودة اللاجئين ودفع العملية السياسية، كما جرى بحث العمل الدائر في إطار صيغة “نورماندي” لتنفيذ اتفاقات “مينسك” فيما يخص النزاع الأوكراني، في إشارة إلى خطة السلام في أوكرانيا 2015 التي تمت بوساطة فرنسا وألمانيا في عاصمة بيلاروسيا.

عودة اللاجئين

بعد زيارة ألمانيا وإسرائيل، استقبل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ووزير خارجيته، جان ايف لودريان، في قصر الإليزيه كلّاً من لافروف وغراسيموف وبحثا الوضع في سوريا مع التركيز على سرعة عودة اللاجئين. ويأتي هذا اللقاء بعد العملية الإنسانية المشتركة التى نفذتها باريس وموسكو فى سوريا، لتلبية احتياجات السكان المدنيين، لا سيما فى الغوطة الشرقية.

وقالت الخارجية الروسية في بيان لها “ناقش وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية فاليري غراسيموف، خلال اجتماع مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تسريع عملية التسوية السياسية في سوريا وإعادة إعمار البلاد وعودة اللاجئين.”

الحسم “العسكري”

تعليقا على هذه الجولة قال الأستاذ طارق عجيب، رئيس تحرير موقع ميدلاين نيوز لمركز”سيتا”، إنه “قد تكون أولى الرسائل من هذه الزيارات هي تأكيد العلاقة الوثيقة للعواصم الثلاث بما يجري في سوريا، ومدى تأثير هذه العواصم على مسارات الحراك الميداني والاستخباراتي والسياسي في الأزمة السورية. إن مشاركة رئيس الأركان الروسي مؤشر على أن هنالك تركيز جوهري على المسار الميداني والعسكري وخاصة بعد التصعيد الإسرائيلي بمشاركة التنظيمات الإرهابية على جبهة الجنوب.”

وأضاف “موسكو تحاول الوصول إلى تفاهمات أو اتفاقات تفتح ولو جزئياً الطريق نحو تهدئة ترفع الدعم عن الفصائل المسلحة المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية. اتفاقان ممكن ترجمتها على واقع الأرض.  لذلك، لا بد من تهيئة أرضيات مناسبة لذلك من خلال التواصل مع العواصم التي تملك تأثير حقيقي على تلك الفصائل في تلك المنطقة، وبقدر التوتر الذي نراه على هذه الجبهة كونها منطقة مليئة بالألغام على كافة الصعد، نرى توتراً في الحراك السياسي يعكسه الحضور العسكري في اللقاءات الدبلوماسية، إذ يرى الروسي أن حل أزمة اللاجئين السوريين وعودتهم إلى بلدهم ومناطقهم وبيوتهم هي بوابة لإستقرار سينعكس إيجاباً على الواقع السوري، وليس هنالك ما يمنع عودتهم.”

وتابع عجيب بالقول “إن العواصم الثلاث الأخرى تعي حقيقة ذلك. هن هنا، تسعى إلى عرقلة هذا الحل وتغلق أبواب العودة طالما أن هذا الحل لا يخدم مشروعهم ويحقق لهم بعضاً من أهدافهم. اعتقد أن العواصم الثلاث التي زارها لافروف ورئيس أركان الجيش الروسي لن تقبل أن تقدم أي موقف أو مساعدة بإتجاه حل الأزمة إلا على وقع الميدان السوري. لذلك، لا يمكن التعويل على نتائج سياسية إيجابية تدعم التحرك السياسي الروسي قبل أن يكون الروسي يحمل في ملفاته أخبار الحسم العسكري في الميدان.”

مصدر الأخبار: وكالات – سيتا.

مصدر الصورة: روسيا اليوم.