حوار: سمر رضوان
أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، القانون رقم /28/ للعام /2018/، حول التنمية الإدارية، وبناء الدولة الحديثة القادرة على النهوض بوطن ما بعد الحرب، من خلال تنظيم عمل وزارة التنمية الإدارية، وهدف وضع وتنفيذ استراتيجية جديدة للتنمية البشرية والإصلاح الإداري ومكافحة الفساد، إضافة إلى تعزيز الجودة والفعالية في الخدمات العامة، بحسب أفضل المعايير العالمية.
حول هذا القانون وأهميته نظرياً وآلية تطبيقه عملياً سأل مركز “سيتا”، الدكتور زاهر اليوسفي، عضو مجلس الشعب السوري، عن أهمية هذا القانون لجهة بناء سوريا ما بعد الحرب.
ماهية القانون /28/
يُعتبر القانون /28/ للعام /2018/، الذي صدر بمرسوم كريم من رئيس الجمهورية، هو من أهم القوانين التي صدرت في الفترة الأخيرة، حيث أن معظم مؤسسات الدولة أصيبت بالترهّل الإداري وتحتاج إلى عملٍ نوعي، يساعد على نهوضها وإظهارها كما يجب، إذ أنّ معظم المؤسسات تعاني من الروتين القاتل، وبعضها تشكو من قِدَم القوانين الخاصة بها، والكثير منها يرزح تحت نير التصلب والتشدد والتلكّؤ في تيسير أمورها، وقد سبق إصدار القانون إحداث وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية ذات العلاقة بالموضوع، وتلا إحداثها إصدار الكثير من القوانين التي تنظّم عملها، وتمنعها الصلاحية من وضع خطط تطوير كل الوزارات والإدارات والمؤسسات.
إستنفار القيادة
ان التفرغ لوضع الخطط الاستراتيجية لتنظيم المؤسسات والإدارات والوزارات، هو أمر مطلوب بناءً على توجيهات السيد الرئيس، لهذه القيادة وحثّها على استنفار الجهود وتبنّي الأفكار الخلّاقة لتطوير الإدارات جميعها، وهنا يجب التنويه بأنّ على القيادة قبل وضع خططها الاستراتيجية الاعتماد على الكفاءات العلمية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، والابتعاد كليّاً عن المحسوبيات والشللية، والأساليب الأخرى غير المدروسة التي كنّا نراها في بعض الحالات وما زلنا، لأن وضع البلد لم يعد يحتمل مثل تلك الأساليب، وحسب اعتقادي يجب محاسبة كل قيادة ترشح إنسانا لموقع معين ويثبت فشله أو عدم كفاءته تفاديا لتكليف من هو غير جدير بذلك.
مكافحة الفساد ضمن القانون /28/
الفساد هو علّة العلل في مجتمعنا، وكل المجتمعات المشابهة، وعلاجه ضروري جداً للارتقاء بسوريا جديدة ذات وجه حضاري متطور. فمحاربته، أؤكد أننا ما زلنا في بداية الطريق، تحتاج للكثير من العمل في هذا المجال، فالفساد يطوّر أساليبه يوماً بعد يوم، وهنا علينا ابتكار أساليب متطورة لمحاربته والقضاء عليه إن أمكن، فأساليبنا ما زالت قاصرة عن محاربته، إذ لا زلنا نكتفي بعزل فاسد أو إعفاءه دون معاقبته، أو معاقبة من كلّفه بهذه المهمة. وبما ان الفاسد ليس شخصاً واحداً بل شبكة مترابطة ومتغلغلة في الكثير من مفاصل الدولة، يبقى أملنا كبيراً بقيادتنا من خلال توجيهات السيد الرئيس، لأن نصل إلى بلد خالٍ من الفساد، أو الحد الأدنى منه، وهذا أضعف الإيمان.
من هنا أرى أنه يجب على الدولة وضع خطة لمحاربة الفساد التي تعتمد على أربعة بنود:
البند الأول: ثقافة الوعي، من خلال نشر الوعي عبر وزارات التربية والتعليم العالي والثقافة ووزارة الأوقاف والإعلام.
البند الثاني: ثقافة الكرامة، أن يعتبر الإنسان المواطن الشريف، أنّ كرامته تمسّ إذا حاول أحدهم رشوته أو إذا تورّط بالفساد.
البند الثالث: ثقافة الوطنية، حب الوطن والغيرة على المال العام، كما يغار على المال الخاص.
البند الرابع: ثقافة العقاب الرادع، وأظنها ضرورية جدا لكي نمنع استمرار الفساد وتطوير أساليبه.
توقيت إصداره وأهميته
إن توقيت الإصدار هو توقيت رائع، ليس كمؤشر فقط على أننا اقتربنا من الانتصار الحاسم على الإرهاب، بل لأننا بتنا نعاني من كثرة الفساد في البلد خلال هذه الحرب منذ العام 2011 وحتى الآن، فلم يصدر فقط القانون /28/ بل صدرت معه عدة قوانين تؤكد أن سوريا بدأت بالإعداد لمرحلة ما بعد الحرب، مرحلة إعادة الإعمار، حيث صدر قانون إحداث مناطق عقارية وقوانين أخرى تنظّم المخططات التنظيمية. هناك الكثير من القوانين التي تؤكد على أنّ الدولة مستمرة وقائمة بمؤسساتها، وتعمل كأنها قاربت على الانتصار على الإرهاب، لتبني سوريا حديثة متجددة إن شاء الله، تعتمد على قوانين حضارية، هذه القوانين تحتاج إلى مسؤولين حضاريين، وإلى مواطن حضاري أيضا.
تطوير للأداء الحكومي
يتم تطوير الأداء الحكومي من خلال عدّة أمور:
أولا: المرونة في تطبيق القوانين والاعتماد على النافذة الواحدة المؤتمنة.
ثانيا: اختيار المسؤول الحضاري المثقف المناسب اللا روتيني.
ثالثا: الاعتماد على الموظف المختص المكتفي بالدخل المريح.
رابعا: خلق مواطن واعي، الواثق من حكومته.
خامسا: الإشراف المستمر على أداء المسؤولين، ومحاسبة المقصرين منهم.
وهنا يأتي دور مجلس الشعب في مراقبة أداء الحكومة ومحاسبتها إن قصّرت.