إعداد: يارا انبيعة
بعد الانخفاض الذي شهدته العملة الإيرانية، والتي وصلت إلى مستويات قياسية جديدة، ووسط مخاوف متزايدة من فرض الولايات المتحدة عقوباتها على طهران، والتي من المتوقع أن يبدأ العمل بها اعتباراً من 6/8/2018، تجددت الاحتجاجات الشعبية المتواصلة حيث انتقلت شرارتها في عدد من المدن الإيرانية، إلى العاصمة طهران، على خلفية تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
وشهدت طهران احتجاجات في مدن أصفهان (وسط)، ومشهد (شمال شرق)، وشيراز (وسط) وغيرها، وسط انتشار كثيف لقوات الشرطة في بعض ساحات طهران.
“التيار الثالث”
دعا قادة مجموعة أطلقت على نفسها “حركة التيار الثالث”، وتضمّ شباناً، إلى التظاهرات حيث نظم المتظاهرون احتجاجات في طهران ومدن إيرانية أخرى، بينها أصفهان وكرج وتبريز ومشهد وشيراز والأهواز وكرمانشاه، وهتفوا خلالها “الموت للديكتاتور” و”الموت لخامنئي، الموت لروحاني، يجب إسقاط النظام”، في إشارة إلى المرشد علي خامنئي والرئيس حسن روحاني. كما هتف المحتجون “لا نريد طاقة نووية” و”لا خوف، نحن معاً”، و”رضا شاه، إرقد بسلام”، في إشارة إلى الشاه الراحل، رضا بهلوي، الذي أطاحته ثورة 1979 والتي قادها الإمام الخميني.
“عدونا هنا”
في طهران، سار محتجون في شارع ولي عصر، وهم يهتفون “جبناء، جبناء”، فيما أفادت معلومات عن اعتقال 10 منهم، وفي الأهواز، هتف متظاهرون “عدونا هنا، يكذبون ويقولون إنه أميركا”. هذا وقد سمع إطلاق نار في مشهد، فيما أُفيد بأن قوات أمن أطلقت الرصاص على متظاهرين في كرج، وجرحت أحدهم، وشهدت الاحتجاجات في أصفهان وشيراز وكرج صدامات مع قوات أمن، فيما ذكرت بعض المعلومات أن المحتجين مارسوا أعمال الشغب، وأضرموا النار في سيارات الشرطة، ورددوا هتافات غير لائقة سجلتها مقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، كما وأضرم محتجون النار في حاويات النفايات قرب ميدان “ولي عصر” في طهران.
كما خرجت مظاهرات ليلية حاشدة في العاصمة طهران ومختلف المدن الإيرانية، واندلعت اشتباكات مع قوات الأمن، فيما تمكن متظاهرون من محاصرة عناصر الأمن وإحراق دراجاتهم النارية، في تحد واضح للسلطة التي دأبت على استخدام القمع الأمني لكنها فشلت في وقف الاحتجاجات. إضافة إلى ذلك، احتشد المتظاهرون في مسيرات خرجت من شارع “ولي عصر” ومتنزه “دانشجو” ومسرح “المدينة”، حيث اشتبكوا مع قوات “الباسيج” التي استخدمت العنف في محاولة لقمع المظارهرات التي لا تزال مستمرة. وتعالت هتافات “الموت لخامنئي” والموت للديكتاتور، فيما أحرق البعض صور المرشد الإيراني والرئيس حسن روحاني، بحسب اللقطات المصورة التي نشرها موقع مجلس المقاومة الإيرانية.
هذا وقد حيَّت زعيمة المعارضة، مريم رجوي، المتظاهرين في أصفهان، وخاصة “الشباب الغيارى” في شابور الجديد الذين يتصدون لهجوم الحكومة، وقالت “هؤلاء هم مبشرو تحرير الوطن الأسير من يد النظام السفاح الذي احتل إيران بإسم الدين”، داعية عموم المواطنين، خاصة الشباب، إلى دعم المنتفضين في أصفهان وكرج وشيراز.
إستدعاء روحاني
تزامناً مع امتداد الموجة الجديدة من الاحتجاجات، أقر البرلمان الإيراني رسمياً استدعاء رئيس الجمهورية، حسن روحاني، لاستجوابه حول الأزمة الاقتصادية وتدهور الوضع المعيشي في البلاد. وقد أعلن رئيس البرلمان، علي لاريجاني، إمهال الرئيس روحاني 30 يوماً للمثول بعدما قدم أكثر من 80 نائباً طلباً لمساءلته حول خمسة محاور تتعلق بتراجع العملة، وضعف النمو الاقتصادي، وارتفاع معدل البطالة، والمشكلات البنكية مع اقتراب العقوبات الأميركية التي يفترض أن تبدأ بعد أقل من أسبوع.
ويعد هذا الاجراء “انتكاسة” لروحاني الذي يتعرض لضغوط من التيار المحافظ منذ أشهر، وبذلك سيكون روحاني ثالث رئيس إيراني، بعد أبو الحسن بني صدر ومحمود أحمدي نجاد، يمثُل أمام البرلمان للمساءلة بسبب سوء الإدارة. وكانت حكومة روحاني قد حاولت تفادي مساءلته، خلال الأشهر الأخيرة، عبر تحرك قاده مساعده للشؤون البرلمانية حسين علي أميري، لكن الخطوة وصفت بأنها “غير دستورية”.
فشل حكومي
رفض الرئيس روحاني الدعوات التي أطلقها نواب وسياسيون لإستقالة حكومته تحت دواعي احتواء الاحتجاجات الشعبية، وقد أعلن روحاني، في كلمة بثت مباشرة عبر التلفزيون الإيراني الرسمي، أن الحكومة لن تستقيل لأنها فازت بأصوات 24 مليون ناخب، واليوم تمتلك ثقة 81 مليون مواطن إيراني، وأضاف أنه إذا كان البعض يعتقد أن الحكومة خائفة وستتنحى فهو مخطئ، فالحكومة “لن تستقيل”.
وقد عزى الرئيس الإيراني الأزمات المستعصية في البلاد إلى الضغوط الخارجية، قائلاً “إن الولايات المتحدة الأميركية زادت من ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية ضد إيران.”
يأتي هذا بينما طالب رئيسا اللجنتين “الاقتصادية” والتخطيط والميزانية” بالبرلمان الإيراني (مجلس الشورى)، حكومة روحاني بإجراء تغييرات في حكومته وخاصة في الفريق الاقتصادي، فقد دعا رئيس اللجنة البرلمانية الاقتصادية، محمد رضا بورابراهيمي على هامش الجلسة العلنية للبرلمان حول الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، إلى إجراء تعديلات في الحكومة، وقال إن هذا الوضع ناجم عن الأداء غير المناسب للمسؤولين، وإن الفريق الاقتصادي للحكومة ليس قادراً على إيجاد حلول للمشاكل الراهنة، لأنه يفتقد إلى الإدارة المناسبة لحل المشاكل الاقتصادية.
أما المتحدث بإسم هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، بهروز نعمتي، فقال “إن النواب وقعوا على بيان يطالب رئيس الجمهورية بإجراء تعديل وزاري”، مضيفاً “أن الفريق الاقتصادي للحكومة فشل في حل مشاكل البلاد، ومن المؤسف أن أداء الفريق الاقتصادي للحكومة كان ضعيفاً في اتخاذ الإجراءات الوقائية.”
“لا للحجب”
في موقف قد يضعه في مواجهة مع المتشددين، طالب الرئيس روحاني بالإفراج عن جميع الطلاب الذين اعتقلوا خلال الاحتجاجات، فيما اتهم ساسة إيرانيون، ومنهم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، أعداء إيران، ومن بينهم الولايات المتحدة وإسرائيل، بإثارة الاحتجاجات.
وفي إشارة لافتة، أعرب متشددو النظام عن رغبتهم في السيطرة التامة على شبكة الإنترنت، في حين تعارض بشدة حكومة الرئيس روحاني هذا الإجراء.
مصدر الأخبار: وكالات
مصدر الصورة: وكالة البراق الإخبارية.