شارك الخبر

إعداد: مركز سيتا

يعود وجود “حراس الأحياء” في تركيا، إلى نحو 100 عام، وتم إلغاؤه في العام 2007 من قبل الحزب الحاكم آنذاك. كانت مهمة قوة الحراس القيام بدوريات في الأسواق منذ عهد العثمانيين، لكن بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة، في يوليو/ تموز العام 2016، أعاد الحزب نفسه، بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، التفكير بإحياء هذه القوى.

وعد مراقبون قانون “حراس الأحياء”، الذي أقره البرلمان التركي، سلاحاً جديداً بيد حزب “العدالة والتنمية” لقمع معارضيه من المواطنين، ما أثار إستياء الكثير من القوى والأحزاب المعارضة ودعاة حقوق الإنسان وحتى أعضاء سابقين في الحزب الرئيس.

شروط القبول

بعد أن إستطاع الرئيس أردوغان السيطرة على أخصامه ومعارضيه إبان الإنقلاب الفاشل، لم يتوقف من حينها عن سن وتشريع كل ما من شأنه الإطاحة بخصومه، رغم المعوقات التي كانت تواجهه من قبل المعارضة التركية التي تشكل شريحة كبيرة على مستوى البلاد. لكن مع إحياء قانون “حراس الأحياء” في هذا التوقيت، أثار مخاوف المواطنين الأتراك خاصة وأن وزارة الداخلية هي التي تعمل على إختيارهم من بين المدنيين وتعينهم، وحصراً الموالين للحزب الحاكم.

ومن أهم شروط القبول هي عدم وجود عائق قانوني لحمل السلاح أو أداء واجب مسلح، أن تكون زوجته طيبة السمعة، ولم تعمل في أعمال مشينة تتعارض مع الأخلاق العامة، وألا يكون من متلقي العلاج بسبب تعاطي الكحول أو المخدرات أو المنشطات، وعدم التورط أو الدعم أو المشاركة في أعمال واجتماعات ومسيرات وتجمعات المنظمات “الإرهابية” وامتداداتها القانونية أو غير القانونية.

هواجس أمنية

بدأ الحديث عن هذه القوى، في أواخر يناير/كانون الثاني 2020، عندما تقدم النائب عن الحزب الحاكم، محمد موش، بمشروع تعديل قانون “حراس الأحياء” في البلاد، حيث وافقت لجنة فرعية في البرلمان على معظم مواد القانون الجديد، في ظل أغلبية نيابية تسمح له بإقراره، على الرغم من أحزاب المعارضة، الذي يسمح لهؤلاء الحراس طلب هويات الأشخاص وتفتيشهم واحتجازهم واستخدام السلاح إذا لزم الأمر، وهي صلاحيات تضطلع بها الشرطة في الأصل، وذلك بهدف الحفاظ على الأمن ضمن الأحياء السكنية، إذ يؤكد بعض أعضاء الحزب الحاكم بأن هذه القواعد الجديدة ستسمح للحراس بمساعدة قوات حفظ النظام بفاعلية أكبر عبر إحباط محاولات سرقة ومنع وقوع اعتداءات في الشوارع.

أيضاً، يرى العديد من المراقبين بأن هؤلاء الحراس سيتحولون إلى “جيش خاص” يعمل كجهاز للتجسس على المواطنين ونقل كل كبيرة وصغيرة تحدث داخل الأزقة إلى رئاسة الجمهورية، وهو ما عززه قول الرئيس أردوغان “أريد سماع صافرات الحراس عندما أنام”.

غضب شديد

أقر البرلمان القانون وسط غضب شديد من المعارضة التي ترى أن هؤلاء الحراس سيتحولون إلى ميليشيا أو جيش خاص للرئيس أردوغان، إذ يمنح القانون الجديد الحراس الصلاحيات نفسها التي يتمتع بها رجال الشرطة، ولقد أصبح بإمكان “حراس الأحياء”، الذين يبلغ عددهم حالياً 28 ألفاً وينتظر أن يرتفع إلى 200 ألف بعد القانون الجديد، لا سيما بعد توسيع صلاحياتهم، وأبرزها إستعمال السلاح.

اللافت في هذا القانون، أن دراسته في البرلمان أدت إلى نقاشات حادة حيث وصل الأمر إلى عراك بالأيدي خلال جلسة صاخبة، حيث قال ماهر بولات، النائب عن حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، عن القيمين على الحزب الحاكم إنهم “يستخدمون مؤسسة حراس الأحياء لإنشاء ميليشيا”، مضيفاً “هناك مشكلة مرتبطة بالأمن في هذا البلد لذلك يجب تعزيز الشرطة والدرك”.

بينما النائب حقي سرحان أولوش، من حزب الشعوب الديمقراطي القريب من الكرد، رأى أنه “عبر تعزيز الحراس، يوجدون الشروط لزيادة الضغط على المجتمع والإبقاء على السلطة وإضعاف دولة القانون بشكل أكبر”. جاء ذلك في وقت تعرض فيه أوزجور أوزال، نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، لهجوم باللكمات في جلسة البرلمان على يد نواب من حزب الحركة القومية تحت زعم أن نواب حزب الشعب الجمهوري أظهروا تباطؤاً في التصويت على القانون.

أيضاً، إعتبرت بعض الأوساط السياسية أن الحراس، الذين تم توظيفهم تحت ذريعة الحفاظ على النظام العام، ستكون مهمتهم فقط الحفاظ على أمن القصر الرئاسي مثلما هي وظيفة الحرس الثوري الإيراني أو الحرس الجمهوري في العراق، في زمن الرئيس الراحل صدام حسين.

أخيراً، أصبح “حراس الأحياء” المسلحون واقعاً جديداً في شوارع تركيا. يبقى السؤال: هل ستنجح المعارضة في إلغاء هذا القانون، أو الحد من تأثيراته، على اعتبار أنهم أشخاص غير مؤهلين ويراد تحويلهم إلى ميليشيات موازية لقوات الأمن يديرها الحزب الحاكم وأن يستخدموا أداة لتقييد حرية المواطنين؟ أم سيبقى للحزب الحاكم اليد الطولى في القدرة على تطويع المعارضين، ولو واقعياً، لـ “التعايش” مع هذا القانون خصوصاً بعد التغييرات الجذرية، التي قام عقب محاولة الإنقلاب، والتغيرات السياسية التي تلت؟ جواب سيتوضح أكثر في القادم من الأيام.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: سعودي برس – لندن توداي نيوز.

موضوع ذا صلة: تركيا و”أوراق التوت” الأخيرة


شارك الخبر
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •