اعداد: يار انبيعة
شهدت أسعار النفط ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.2% مقارنة بالأسعار المسجلة سابقاً، حيث بلغ سعر مزيج خام برنت 63.46 دولاراً للبرميل مرتفعاً بـ 15 سنتاً أي بما يعادل 0.2% عن الإغلاق السابق، لكنه يبقى أقل من مستوى 65.83 دولار للبرميل حيث بلغ ذروته في يونيو/حزيران من العام 2015، في حين ازدادت العقود الآجلة لبرميل الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 17 سنتاً بما يعادل 0.3% عن التسوية السابقة، ليسجل 57.21 دولار للبرميل.
ارتفاعات طفيفة
ارجع الخبراء سبب ارتفاع الأسعار إلى سياسة منظمة “اوبك” التي تم الاتفاق عليها لجهة خفض الإنتاج المعروض، وتراجع المخزون الاميركي الخام بمقدار 5.1 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 8 ديسمبر/كانون الاول 2017، اضافة الى توقف خط أنابيب “فورتيس”، في بحر الشمال، الذي يعتبر أكبر خط أنابيب في بريطانيا، وتبلغ طاقته الانتاجية حوالي 450 ألف برميل يومياً.
في هذا الخصوص، لفت بنك الاستثمار الأميركي “جيفريز” إلى أن “إينيوس” الشركة المشغلة لخط الأنابيب “فورتيس”، قد أعلنت حالة القوة القاهرة في تسليمات الخام، إثر اكتشاف تسربات في الخط، ما ينبئ بأن أعمال الإصلاح قد تستغرق أسابيع, ويتركز تأثير غلق خط الأنابيب في منطقة بحر الشمال، لكونه مهم عالمياً لأن إمداداته من الخام جزء من المعروض الذي يتحدد على أساسه سعر “برنت” القياسي، وأضاف بيان “جيفريز” انه “إذا دام التوقف أسابيع، فسيدفع سعر برنت إلى الارتفاع”.
الى ذلك، قال رئيس “لوك أويل”، أكبر شركة خاصة لإنتاج النفط في روسيا، إن أسواق النفط لن تشهد ارتفاعاً محموماً مثلما حدث خلال صعود الأسعار في العقد الماضي (2000- 2010)، في الوقت الذي يرتفع فيه الطلب العالمي سريعاً، ويبلي فيه التحالف بين “أوبك” وبعض الدول غير الأعضاء بالمنظمة بلاءً حسناً.
وقال وحيد ألكبيروف، الذي يتولى منصب الرئيس التنفيذي للشركة، إنه يتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط إلى 1.8 مليون برميل يومياً العام 2018, وأضاف أنه بجانب ذلك، فإن من المتوقع أن تزيد إمدادات النفط من المنتجين الذين لا يشاركون في تخفيضات الإنتاج 0.8 مليون برميل يومياً العام 2018.
وقال ألكبيروف، على هامش اجتماع بين منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” والمنتجين المستقلين في فيينا، بأنه “ما زال لدينا وفرة في فائض المخزونات عالمياً, لذا فإن التحركات المشتركة لـ “أوبك” وغير الأعضاء بالمنظمة ستسمح بخفضها.”
“ترنح فنزويلي”
اعلنت المجموعة النفطية الفنزويلية الحكومية “بتروليوس دي فنزويلا” أنها بدأت تسديد 539 مليون دولار من فوائد أربع سندات، وذلك قبل ساعات على انتهاء فترة السماح، بعدما اعتبرتها وكالات التصنيف، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2017، في حالة تخلف جزئي عن تسديد الديون لعجزها عن تسديد فوائد سندات معينة, وما يتوجب ذكره هنا بأن هذه المجموعة النفطية تؤمن 96% من العائدات النقدية الأجنبية لفنزويلا.
في هذا الخصوص، قالت الشركة الفنزويلية “أكدنا صلابة ومتانة صناعتنا النفطية، التي تكافح ضد العقوبات الإمبريالية غير المشروعة”، في إشارة إلى العقوبات الأمريكية التي تمنع مواطني الولايات المتحدة ومؤسساتها المالية المتمركزة على أراضيها من شراء سندات جديدة قد تصدرها الحكومة الفنزويلية.
الى ذلك، تقول الحكومة الفنزويلية إن العقوبات تتسبب في تأخر تسديد الديون، اذ تشكل سندات القروض الخاصة بالشركة النفطية 30% من الدين الخارجي للبلاد والذي يقدره بعض المختصين بنحو 150 مليار دولار، الأمر الذي يتسبب في معاناة سكان البلاد لجهة النقض الحاد في المواد الغذائية والأدوية نظراً لعدم توافر الأموال اللازمة لاستيرادها, وبالرغم من امتلاك فنزويلا أكبر احتياطي نفطي في العالم، فإن العملات الأجنبية تراجعت إلى نحو عشرة مليارات دولار، كما يتعين عليها دفع ثمانية مليارات دولار لخدمة الدين في العام 2018.
ازمة مقبلة في الجزائر
يعاني اقتصاد الجزائر ازمة حقيقية بسبب الاعتماد المفرط على المنتوجات النفطية (نفط وغاز)، إذ تمثل عائداتها أكثر من 94% من مداخيل البلاد من النقد الأجنبي, وبعد الانخفاض الكبير في اسعار النفط نتيجة وفرة المعروض، اعتمدت الجزائر، ولسنوات عديدة، سعراً مرجعياً لبرميل النفط في ميزانياتها قدره 37 دولاراً.
ومع قرب انتهاء العام 2017، وجد الجزائريون أنفسهم في وضع اقتصادي واجتماعي صعب نتيجة السياسات التقشفية المنتهجة من قبل الحكومة، نظراً للأوضاع الصعبة التي يعيشها الاقتصاد الجزائري بسبب انخفاض أسعار النفط، اذ توقع بعض المحللين أن ملايين الجزائريين سيدخلون ضمن هامش خطر خط الفقر، إذ إن حوالي 60% منهم يخصصون أكثر من نصف مرتباتهم للغذاء، وهو ما يمثل علامة للفقر, اضف الى ذلك، ان التوقيع على ميزانية 2018، والتي تضمنت زيادات ضريبية وزيادات في أسعار الوقود والمواد الاستهلاكية، تسبب في “احباط نفوس” غالبية الجزائريين من العام 2018.
مع بداية العام 2018، تشير التوقعات الى ارتفاع معدلات التضخم الامر الذي سينعكس سلباً على القدرة الشرائية للمواطنين، وتراجع سعر العملة الوطنية، في ظل قرار السلطات السماح للبنك المركزي بطبع العملة المحلية لتمويل العجز، لاسيما وان العام 2017 قد شهد تآكلاً في مدخرات “صندوق ضبط الإيرادات” الجزائري، والتي تعتبر بمثابة “صمام أمان” لسد عجز الميزانية وميزان المدفوعات لأكثر من 15 عاماً.
ويعد صندوق ضبط الإيرادات مؤسسة مالية تم إقرارها في 2002 مهمتها إدخار الفارق في العائدات المالية الفعلية والعائدات التقديرية في الميزانية والمعتمدة على السعر التقديري لبرميل النفط. بمعنى آخر، ان الفارق بين سعر برميل النفط، كما هو محدد في الميزانية، وسعر البيع الحقيقي كان يحول الى هذا الصندوق ليتم استعماله لاحقاً في سد عجز الميزانية حال وجوده.
ارتفاع الانتاج العراقي
قال، المدير العام لشركة “نفط البصرة”، إحسان عبد الجبار “إن صادرات النفط من الموانئ الجنوبية في العراق ارتفعت إلى 3.5 مليون برميل يومياً في المتوسط في نوفمبر/تشرين الثاني مقارنة مع 3.35 مليون برميل يومياً في أكتوبر/تشرين الأول 2017″، واضاف “إن الرقم الذي كشفت عنه وزارة النفط بخصوص الصادرات الجنوبية والبالغ 3.9 مليون برميل يومياً، وهو الأعلى على الإطلاق، يتعلق فقط بيوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.. اما معدل صادرات شهر نوفمبر/تشرين الثاني فهو 3.5 مليون برميل في اليوم.”
كما ارتفعت الصادرات الجنوبية في وقت يتطلع فيه العراق لتعويض توقف الصادرات من حقول كركوك بالشمال في منتصف أكتوبر/تشرين الاول 2017، بعدما طردت القوات الحكومية العراقية مقاتلي البشمركة الأكراد من المنطقة.
بدورها، نفت وزارة الثروات الطبيعية لحكومة إقليم كردستان – العراق ان تكون قد باعت نفط حقول منطقة شيخان بسعر 18 دولار للبرميل الواحد، حيث قال عضوان في برلمان الإقليم، من الاتحاد الإسلامي وحركة التغيير، أن الوزارة قامت ببيع شحنات كثيرة من نفط آبار في حقول شيخان بسعر 18 دولاراً للبرميل الواحد.
من جهتها، قالت الوزارة في بيان أصدرته “أن مزاعم العضوين حول أسعار بيع نفط حقول شيخان عارية عن الصحة جملة وتفصيلا”، مضيفة أنها اتفقت مع شركة محلية لبيع النفط لها في السوق المحلية بأقل من سعر خام برنت القياسي لنفط بحر الشمال بمقدار 18 دولار للبرميل، حيث اوضحت الوزارة انه “اذا كان سعر برنت وصل إلى ستين دولاراً على سبيل المثال فإن الوزارة متفقة مع الشركة المحلية على بيعه بسعر 42 دولار للبرميل”، مشيراً الى ان “نوعية النفط المستخرج من حقول شيخان من نوعية النفط الثقيل وسعره في الاسواق العالمية يقل عن سعر برنت بحوالي 20 دولاراً.”
انعكاس الاسعار على النمو القطري
أظهرت البيانات الاقتصادية الرسمية أن نمو الاقتصاد القطري تباطأ في الربع الثاني من العام 2017 مسجلاً أدنى معدلاته منذ الأزمة المالية العالمية نظراً لتراجع قطاع النفط، بينما تسببت العقوبات التي فرضتها السعودية ودول عربية أخرى على الدوحة في اضرار متصاعدة، فقد عطلت العقوبات بشكل مؤقت وصول كثير من الواردات إلى الدوحة نظراً لقيام السعودية بإغلاق حدودها مع قطر، واضطرت شركات نقل بحري إلى اتخاذ مسارات جديدة بعد فقدان دبي كمركز ترانزيت للشحنات.
بعد فرض الحصار، اضطرت قطر، أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال والنفط، الى “شد الحزام” اقتصادياً بعد الانهيار الكبير في اسعار النفط في 2014، وخلال الاعوام الاخيرة، حيث سعت الدوحة الى تقليل الاعتماد على دخلها من النشاطات الهيدروكاربورية في إطار “رؤيتها الوطنية” لعام 2030 لتحويل قطر الى “اقتصاد معتمد على المعرفة”.
من هنا، يقول بعض المصرفيين إن إعادة تمويل قرض مجمع بقيمة 570 مليون دولار لـ “فاينانس بنك” التركي، المملوك لبنك قطر الوطني، أظهرت الصعوبات المتزايدة التي تواجهها البنوك الدولية وهي تحاول أن تبقى على الحياد في النزاع بين قطر وجيرانها، اضافة الى ان عدداً من بنوك الخليج والبنوك الأجنبية قد قلصت أنشطتها مع المصارف القطرية الامر الذي أدى ذلك إلى اضطراب في سوق صرف العملة، حيث يوجد تباين بين أسعار الصرف في الداخل والخارج.
في المقابل، يرى بعض المحللين بأن قطر لا تواجه خطر حدوث أزمة نظراً لأن بإمكانها تعويض نقص الاحتياطي من صندوق الثروة السيادي الذي ربما يكون لديه نحو 200 مليار دولار من الأصول الأجنبية.
استفادة يابانية
من جهتها أظهرت بيانات من وكالة الموارد الطبيعية والطاقة اليابانية، أن السعودية والإمارات امتلكتا معاً نحو 13.8 مليون برميل من النفط الخام في نهاية أكتوبر/تشرين الاول 2017، ضمن المخزونات اليابانية شبه الوطنية، وذلك بزيادة 2.2 مليون برميل عن الشهر السابق.
من الجدير ذكره هنا بأن الحكومة اليابانية تساهم في تخزين الخام، العائد الى “أرامكو” السعودية و”ادنوط” الاماراتية، مجاناً بما يسمح للشركتين الوطنيتين بتخزين ما يصل إلى 14.47 مليون برميل، غير انه لا يوجد تفصيل لعدد البراميل العائدة لكل من الشركتين, وفي مقابل التخزين المجاني، تحصل اليابان على أولوية في السحب من المخزونات في حالات الطوارئ وتتعامل معها كمخزون شبه حكومي حيث تحسب نصفه كجزء من احتياطيات الخام الوطنية الاستراتيجية.
استراتيجية جديدة للانتاج
كشف وزير الطاقة الإماراتي، سهيل بن محمد المزروعي، أن منظمة “أوبك” تدرس مع المنتجين المستقلين، كيفية الخروج من اتفاق خفض إنتاج النفط الخام، قائلاً “منظمة أوبك والمنتجون المستقلون وضع استراتيجية خروج من تخفيضات الإنتاج في يونيو/ حزيران 2018.” وأكد الوزير المزروعي، الذي تترأس بلاده “أوبك” خلال 2018، أنه من السابق لأوانه الحديث عن شكل هذه الاستراتيجية قبل يونيو/حزيران 2018 وهو الموعد المحدد لاجتماع “أوبك” وروسيا والمنتجين الآخرين المشاركين في الاتفاق، وأضاف “سنعلن عن استراتيجية في اجتماع يونيو/حزيران، لكن هذا لا يعني أننا سنخرج من الاتفاق في يونيو، وإنما فقط سنضع استراتيجية الخروج.”
في المقابل، اشار وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاكالى ضرورة التأني في موضوع الخروج من الاتفاق اذ يجب أن يتم على مراحل وليس دفعة واحدة.
للعلم، اعنلت منظمة “أوبك” والمنتجون المستقلون، وفي مقدمتهم روسيا، في اجتماعهم السابق تمديد اتفاق خفض الإنتاج حتى نهاية 2018. ولقد أسهم هذا الاتفاق، الذي تم التوصل إليه في فيينا العام 2016، في إعادة التوازن إلى السوق النفط، إذ عاودت الأسعار بالارتفاع لتتراوح سعر البرميل بين 50 إلى 60 دولاراً بعد هزات عنيفة تعرضت لها السوق عام 2014.
مصدر الصور: الجزيرة – theatlantic.com –العربي الجديد