حوار: سمر رضوان

 

لأكثر من ثلاثة عقود، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على إيران، وفشلت في عزلها وإخضاعها دبلوماسيا، فتوجهت للجانب الاقتصادي، حيث أصدرت حزمة أولية من العقوبات عليها شملت القطاعات المالية والتجارية، على أن يتبعها حزم جديدة من العقوبات في مراحل لاحقة، تطال قطاع النفط.

حول هذا الملف وتداعياته على إيران والدول المتعاملة معها، سأل مركز “سيتا”، محمد محسن أبو النور، رئيس ومؤسس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية.

تدهور الاقتصاد الإيراني

بماذا لم تنجح الولايات المتحدة، هل بإسقاط النظام، أم بإنزال أضرار بالغة جدا بالاقتصاد الإيراني والوضع عموما، بالنسبة لإسقاط النظام، النظام لم يسقط وبالتالي لم تنجح الولايات المتحدة بإسقاطه، لكنها في نفس الوقت أجبرت إيران الجلوس على طاولة المفاوضات في عام 2015 ونجحت في تكبيد النظام الإيراني خسائر فادحة، وحتى هذه اللحظة نرى العملة الإيرانية تتهاوى بفعل هذه العقوبات المتوالية من أمريكا على إيران، على خلفية الاختلافات البنيوية العميقة ما بين طهران وواشنطن.

إذاً أمريكا نجحت في إضرار إيران ضررا بالغا للغاية، ونجحت في إجبارها الجلوس على طاولة المفاوضات، في المرحلة المقبلة الأمر مختلف للغاية لأن العقوبات هذه المرة أكثر تشددا وأكثر حسما وحزما من جانب الإدارة الأمريكية كما أن هذه العقوبات هذه المرة أمريكا لن تتسامح مع كل الدول المتعاملة مع إيران، على العكس من العقوبات الماضية، وبالتالي يمكن القول إن المرحلة المقبلة قد تشهد تدهور في الاقتصاد الإيراني، اعتقد أن أمريكا قد تنجح في إكراه أمريكا مرة أخرى على الجلوس على طاولة المفاوضات.

استهداف البنية الهيكلية

هذه المرة، العقوبات لها وقع مختلف لأنها تستهدف ضرب صلب الموارد الإيرانية، وتستهدف توجيه العقوبات إلى جانبين أساسيين:

الجانب الأول: حرمان إيران تماما من التنمية في السنوات والأشهر الماضية، ما سيزيد من الاحتقان المجتمعي وزيادة المظاهرات.

الجانب الثاني: استهداف البنية الهيكلية الأساسية لعصب الاقتصاد، منها العملة والدولار والبنك المركزي والمعادن النفيسة وقطاع السيارات وقطاع التكنولوجي والبرمجيات.

هذه المرة الأمر مختلف للغاية وأتصور أن النظام الإيراني قد يواجه حالة من حالات البراغماتية تتعلق بضرورة الجلوس على طاولة المفاوضات مع أمريكا لتفادي حدوث اضطراب أو انفجار اجتماعي أو سياسي كبير ومحتمل في طهران.

الخيارات المتاحة

بطبيعة الحال السوق الروسية والصينية ليست كافية على الإطلاق بالنسبة لإيران، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل لسبب أساسي هو أن أمريكا ستمنع إيران من التداول بالدولار أو بالريال، وهذا يعني أن إيران سوف تبيع النفط إما بالأجل أو في السوق السوداء وإما بمقابل سلع أخرى أي بالمقايضة أو بمقابل الذهب، لأن الذهب عليه عقوبات، فإيران لن تستطيع بيعه في السوق العالمية، وتحصل من جراء ذلك على الدولار.

لكن إذا نجحت إيران في بيع النفط إلى الصين مقابل “اليوان” على سبيل المثال أو بيع النفط إلى دول أخرى مثل الهند مقابل العملات المحلية فإنها لن تتمكن الشراء بهذه العملات في السوق الدولية، لأن السوق الدولية تبيع فقط بالدولار وليس بأي عملة أخرى، وعلى هذا النحو يمكن القول إن إيران سوف تعاني معاناة كبيرة للغاية بعد نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (2018) مع دخول الحزمة الثانية من العقوبات حيز التنفيذ.

مصدر الصورة: أرشيف سيتا.