حوار: سمر رضوان
تعمل سياسة الإدارة الأمريكية الحالية، بشكل خاص، على التوسع في كل الإتجاهات. فبعد أن طلب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي – الناتو زيادة الإنفاق، لم يتوقف الأمر عند شركائه، بل ذهبت واشنطن إلى أبعد من ذلك من خلال إستثمار الأحداث الدولية، سواءً كانت سياسية أم إقتصادية، لصالحها وليس آخرها زيادة العقوبات الإقتصادية على كل من يخالف توجهاتها.
حول سياسة واشنطن المتبعة وإستثمار النزاعات في العالم وتوسيع دوائر الصراع، سأل مركز “سيتا” الدكتور سامر عسيكرية، سفير النوايا الحسنة والإعلامي والمحلل السياسي في الإمارات العربية، عن هذا الموضوع.
إعتداءات محتملة
تأتي تصريحات الرئيس ترامب، حول حماية الناقلات النفطية في الخليج، ضمن سياق السعي الأمريكي للخروج من الورطة مع الصين من خلال التفاوض الذي يجري في الوقت الحالي، حيث أن البلدين خاضا بالعام الماضي، 2018، حرباً تجارية. فهذه الدعوة واضحة بإمكانية وجود اعتداءات مستقبلية محتملة، خصوصاً أننا قد تعودنا، على مدى سنين طوال، بأن الولايات المتحدة لا تنتظر الحروب أو المشاكل الدولية بل تفتعلها.
كذلك، تأتي هذه التصريحات ضمن سياق توقيع عقوبات أمريكية جديدة على إيران، والتي ستكون أقسى مما هي عليه؛ وبالتالي، إن ردة الفعل الإيرانية لا يمكن تصور مداها في ظل خنقها وخنق اقتصادها وصولاً لتدميره.
لا حرب
لقد أقرت كلا الدولتين بأنهما لا تريدان الحرب، لكن حشد المزيد من القوة العسكرية في المنطقة يجعل شرارة الحرب أقرب مما هي عليه الآن.
في الماقابل، لن تقف إيران مكتوفة الأيدي بظل عملية خنقها اقتصادياً، فكل ما يجري من أحداث، كالتعرض للناقلات بالخليج وصولاً إلى إسقاط طائرة الإستطلاع والتجسس، يأتي في سياق زمني دقيق لإيجاد صيغة مقنعة تجعل الدول العظمى تزيد من حدة الضغط على طهران لإجبارها على الحوار.
خلافات عميقة
إن أي اتفاق أو توافق تجاري، بين الصين وأمريكا إذا تم فعلاً، لا يمكنه أن يُـنهي الخلافات المشتركة بين البلدين، فهي أعمق من ذلك بكثير.
ولكن ما يمكن تسجيله هنا أن هذه الحرب التجارية بين البلدين قد أضرت فعلاً بالإقتصاد العالمي، لكونها قد تجاوزت مفهوم “النطاق التجاري” لتصل إلى مرحلة “الصراع على الهيمنة”، خصوصاً وأن كل دولة تنظر إليها بنظرة تختلف عن الأخرى. هذا الصراع القائم يمكن إعتباره صراعاً جيو – سياسياً بحتاً، كما وقد بات جلياً بأن “التنين الأصفر” قد إستفاق من الغفوة التي لازمته قرابة قرن من من الزمن.
في المقابل، تتزامن تصريحات الرئيس الأمريكي بأن المحادثات تسير، وهي بأحسن حال، مع ارتفاع نسبة الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بواقع 9.8% في ظل تراجع الواردات بنسبة 25%، حيث يوجد فائض تجاري يحسب للصين بقيمة 35.6 مليار دولار.
هنا، يجب علينا الإنتظار لكي نعلم ماذا ستسفر عنه الهدنة التجارية، المتفق عليها ما بين الرئيسين الصيني والأمريكي والمتمثلة بثلاثة أشهر، وما إذا كانت ستكون هناك ولادة لحل مستدام يزيل أسباب هذا النزاع المكلف على البلدين.
توريط للحلفاء
يشعر الأوروبيون بالقلق، خصوصاً بعد لغة التهديد الأمريكية بضرورة رفع الإشتراكات المالية في الناتو إلى 2% من الناتج المحلي للدول فوراً، من تواجد شكوك حول إلتزام واشنطن بالتعهدات المتعددة الأطراف التي تدعم النظام العالمي.
بالتأكيد، هناك ربط ما بين الطلب الأمريكي هذا، وفي ظل توترات عالمية كثيرة ومن أن “أمريكا لا تقاتل وحدها”، وبين توريط حلفائها، وبشكل خاص دول الإتحاد الأوروبي، في صراعات تصب في مصلحة واشنطن وحدها دون سواها، وأبرزها الإتفاق النووي الإيراني وتداعياته.
مصدر الصور: إرم نيوز.