ربى يوسف شاهين*
بعد المشكلات الإقتصادية التي طالت العديد من الدول العربية، تسعى حكوماتها للدخول في مغبة الحل فتجد نفسها تطلب اللجوء للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. لقد أغرقت بنوك الغرب المركزية الإقتصاد العالمي بالقروض ووزعتها على الجميع بفائدة تقترب من الصفر، وكان لبعض الدول العربية حصة كبيرة منها حيث تعتبر مصر والأردن واليمن ولبنان والبحرين وسلطنة عمان من أكثر الدول العربية عرضة للهزات الاقتصادية.
خلال العام الماضي (2017)، عمدت أمريكا إلى سحب ما يقارب على الـ 259 مليار دولار من التداول، فتقلصت الأموال السائلة حول العالم، حيث قامت واشنطن، من خلال هذه السياسة الاقتصادية، إلى رفع الفائدة على القروض الجديدة، مما يحتم على الدول المقترضة سداد ديونها من الدولار. بالتالي، يصبح الطلب على عليها أكثر، وعليه تُضطر الدول للاقتراض من جديد بهدف سد الثغرة الحاصلة.
وعلى سبيل المثال، رفضت مصر الإقتراض بسبب الفائدة غير المقبولة، ولبنان أيضا واجه مشكلات ارتفاع تكاليف التأمين والتخلف عن السداد، الأمر الذي خلق أزمة خانقة للدولة على كافة الأصعدة. لقد بات من الواضح أن النهج الذي تتبعه البنوك الأمريكية سرى أيضاً على البنوك المركزية الأوروبية، حيث بدأت بتقليل ضخ الأموال في الاقتصاد حيث تخطط لبدئ سحب الأموال بدءاً من العام 2019.
يعتبر هذا التدبير مؤشراً على بدء أزمة اقتصادية، في العام القادم (2019)، تستهدف الديون الخارجية للدول، حيث سيتسبب ذلك في عجز يصيب مدفوعاتها التجارية الخارجية وبالتالي يجعلها أكثر عرضة لقبول الشروط المفروضة عليها بعد أن تم إخضاعها. من هنا، بات واضحاً أننا نتجه نحو “الإنهيار الإقتصادي” الذي ترسمه كل من أمريكا وأوروبا.
لذلك، تعمل الولايات المتحدة على زيادة التضخم في معاملات التداول. غير أنه وبالرغم من انهيار الدولار على المدى البعيد ومعاناته من التضخم، إلا أن السياسات الإقتصادية الغربية المتبعة، حتى ذلك الحين، تكمن في أن يصبح حجم التداول بالدولار منخفضاً، وبذلك تقل فرص الحصول على قروض جديدة، ونتيجة للضغوط في الحصول على تلك القروض ستُجبر حكومات الدول على الخروج من البنوك الأمريكية ولكن مع طلب السماح بزيادة الوقت لتسديد هذه القروض، وهذا سيؤدي بهم حتماً إلى اللجوء للرئيس “ترامب” والمعروف بحُبهِ لأن يدفع له الجميع، ليس فواتيرهم فحسب بل حتى فواتير الولايات المتحدة ذاتها.
إن الأمر لا يقتصر في تسديد ديون الدول العربية عليها فقط بدون المرور على رأي إسرائيل، فكل دولة تؤمن بالتطبيع معها ستحضى بـ “تسهيلات في السداد” وهذا ينطبق على العديد من دول الخليج، تحديداً، التي دفعت المليارات، وهي على وشك دفع المزيد ثمناً لحمايتها المزعومة، وكل موقف من أي حكومة عربية لناحية الحرب على إيران سيكون له تأثيره على السداد أيضاً.
قريباً، ستواجه بعض الحكومات العربية انهياراً اقتصادياً سيؤدي إلى أزمة شعبية في الشارع العربي احتجاجاً على سياسة حكام لا يدركون هول الفشل في موازناتهم الإقتصادية، وعلى ما يبدو أن استسهال بعضهم طلب الدعم من ترامب سيكون له تَبعات لا تحمد عقباها.
*كاتبة وإعلامية سورية
مصدر الصورة: العربي الجديد.