مركز سيتا

بدأ الجيش التركي بتفكيك نقطة مراقبته المحاصرة من الجيش السوري في قرية “الصرمان” بريف إدلب الجنوبي الشرقي، وهي النقطة الرابعة التي يفككها في تلك المنطقة والتاسعة في منطقة “خفض التصعيد”.

تراجع تركي

ذكرت تقارير غربية عن نية الحكومة التركية الإنسحاب من مناطق عديدة في الشمال السوري تحت مسمى “تقليل التصادم”، في إشارة إلى تجنب مواجهات ما محتملة مع الجيش السوري مستقبلاً، خاصة وأن أغلب النقاط التركية، في إدلب ومحيطها، تعتبر محاصرة أو شبه محاصرة حيث سبق حدوث إشتباكات متقطعة أثناء تفكيك نقطة مراقبة سابقة، بين القوات التركية وبين قوات الجيش السوري.

على ما يبدو، هناك تفسيرات أخرى لهذه العملية غير الرواية التركية المعلنة، والتي إن ثبتت صحتها فهذا يعني أن هناك تغييرات دراماتيكية تتعلق بالتنظيمات الإرهابية والتأثيرات التركية عليها لا سيما بعد التطورات الكبيرة التي وقعت.

مؤخراً وطبقاً لمراقبة حثيثة ومتابعات ورصد، نفذت القوات الروسية عملية حيدت فيها العشرات من “جيش العزة” الإرهابي، الموالي لتركيا، والمتحصن في كهوف إتخذها مقاراً لعملياته، جنوب إدلب. تأتي هذه العملية على المستوى نفسه من الغارة الروسية الأخيرة التي قتلت العشرات من عناصر “فيلق الشام” أثناء تخريجه لعناصر إرهابية، ما وضع أنقرة في وضع لا تحسد عليه. فهي شريكة لروسيا ولا تستطيع منعها من مكافحة الإرهاب بالطريقة التي تراها مناسبة من جهة، ولا تريد التعرض للتنظيمات الإرهابية الموالية لها من جهة أخرى وذلك بسبب حاجتها لهم خصوصاً فيما يتعلق بنقلهم كمرتزقة إلى بؤر الصراع التي تتدحل أنقرة فيها، مثل ليبيا.

العين على الشرق

حاولت أنقرة الإلتفاف شرقاً، وبدأت مدفعيتها تدك أطراف مدينة عين عيسى، بريف الرقة، ما دفع القوات الروسية إلى تسيير دوريات عسكرية في تلك المنطقة، التي تقع تحت سيطرة الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية – قسد. على ما يبدو، إن موسكو على علم تام بالنوايا التركية حول تلك المنطقة التي تشكل عاصمة الإدارة الذاتية فهي، كانت ولا تزال، نقطة الدفاع الأولى عن منطقة عين العرب (كوباني) ومنبج ومدينة الرقة، كما أن السيطرة عليها تعني السيطرة على الطريق الدولي “إم – 4”. فمن ينجح ببسط سيطرته هناك، سيضمن تخفيف أية محاولة لتوسع القوى الأخرى، كالقوات التركية أو الأمريكية.

في خضم التنافس اليوم روسي – تركي شرقاً وشمالاً، وضعت موسكو ثقلها الكامل بنسف أي مخطط تركي، حيث قال العديد من المسؤولين الروس أن مكافحة الإرهاب ضرورة ويجب إنهاء هذه الحالة في سوريا إذ أن الدولة الروسية لا تسمح بنسف الجهود الكبيرة التي بذلتها خاصة وأن الدولة السورية صادقت على الإتفاقيات الـ “40” المبرمة مع الجانب الروسي قبل فترة قصيرة، ما يعني أن الأمور لن تعود إلى حالة الفوضى السابقة بل إلى محاولة إيجاد حلول وإستخدام كل الخيارات، والخيار العسكري أحدها.

أخيراً وبحسب المعطيات، إن القرار التركي بالإنسحاب من الشمال السوري وتفكيك نقاط مراقبته، لا يأتي إلا من باب الحصار السوري – الروسي عليه، وهذا القرار سيقلل التصادم من نسبة التصادم فعلياً بين الجانبين خصوصاً أنه واقع لا محالة، إذ لطالما ذكر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أنه مع وحدة سوريا إلا أن ما يجري على الأرض يقول عكس ذلك.

هذا يعني أن الإنسحاب التركي، إن تحقق، سيأتي بعد تأكُد أنقرة من مضي موسكو في مواجهتها، بعد صبرٍ طويل، بسبب عدم تنفيذها لإلتزامها وتعهداتها، وهو ما قد يصل إلى مرتبة “خيانة” تركيا لروسيا، إن جاز التعبير، في عددٍ من الملفات لعل ملف ناغورنو كاراباخ أقواها بعد ليبيا.

مصدر الصورة: العربية.

موضوع ذا صلة: الأهداف التركية في سوريا: تراجع في المصالح؟!