حوار: سمر رضوان

في ظل اقتراب أوكرانيا من الإنتخابات الرئاسية، تتضاءل فرص الرئيس الحالي، بورتو بورشنكو، بالفوز لولاية جديدة ما حدا به إلى إشغال الداخل الأوكراني عن مسألة الانتخابات، بإفتعال أزمة جديدة مع روسيا، ما فتح شهية الغرب على فرض ضغوطات عليها أكثر من السابق وربما تموضعه في بحر آزوف المشترك مع أوكرانيا بموجب معاهدة بين البلدين خصوصاً مع قيام البرلمان الأوكراني بالمصادقة على إعلان حالة الطوارئ في البلاد، على طول المناطق الحدودية مع روسيا، ولمدة 30 يوماً.

عن تداعيات وتطورات أزمة بحر آزوف والموقف الروسي والدولي منها، سأل مركز “سيتا”، الأستاذ آندريه أونتيكوف، الباحث والمحلل في شؤون الشرق أوسطية – الروسية من موسكو.

قرصنة حكومات

إن ما حدث اليوم والأمس وحتى خلال الأشهر الأخيرة، هذا الإستفزاز الأوكراني ليس الأول من نوعه، ففي شهر مارس/ آذار (2018) تم حجز سفينة الصيد الروسية “نورد”، في بحر آزوف، ونقلها إلى الموانئ الأوكرانية واعتقال طاقمها، مما أدى إلى وجود توتر دبلوماسي إضافي مع روسيا، في ظل السعي الكبير لتحرير الطاقم عبر المشاورات.

من هنا، يمكن القول بأن هناك عدة أسباب لما يحصل حالياً في آزوف، داخلية وخارجية.

الأسباب الداخلية

أولاً: تقترب أوكرانيا حالياً من الانتخابات الرئاسية، وكل المعلومات الإحصائية واستطلاعات الرأي تقول بأن بورشنكو لن يستطيع تحقيق الفوز في هذه الإنتخابات وهذه النقطة المهمة. من هنا، فهو يحاول من خلال اعلان حالة الطوارئ تأجيل، على الأقل، او حتى الغاء تلك الإنتخابات ما سيسمح له البقاء في سدة الرئاسة.

ثانياً: هناك الكثير من المشاكل والصعوبات الاقتصادية داخل أوكرانيا. وكما الجميع يعلم، أن إيجاد العدو الخارجي هو وسيلة جيدة لتفسير أسباب الأزمة للشعب. لذلك، فالعدو جاهز ألا وهو روسيا.

البواعث الخارجية

في العام 2003، تم توقيع اتفاق مشترك بين روسيا وأوكرانيا بخصوص بحر آزوف، وتم الإعلان فيه بأنه بحر داخلي ما يعني أنه لا يمكن لأي سفن أجنبية الدخول إليه دون موافقة كلا البلدين. وفي الأسابيع الأخيرة ارتفعت الأصوات داخل أوكرانيا حول ضرورة إلغاء هذا الإتفاق، إضافة إلى نظيراتها في الولايات المتحدة حيث دعا أحد الخبراء في مجلة “أتلنتيك” إلى إرسال سفن حربية امريكية إلى بحر آزوف لدعم أوكرانيا.

من هنا، يمكن القول بأن هناك مساعٍ حثيثة من أجل عسكرة بحر آزوف من قبل أوكرانيا بهدف الخروج من هذا الإتفاق واستجرار السفن الغربية، وتحديداً الأمريكية، للتمركز فيه. إضافة إلى ذلك، قد يكون الهدف أيضاً استثمار ردة الفعل الروسية على تلك الإستفزازت بفرض مزيد من العقوبات الغربية الجديدة وهو ما أشار إليه العديد من المسؤولين في وزارة الخارجية.

أيضاً، أود أن أشير إلى أن فشل المحاولات الروسية، نتيجة التصويت، في وضع هذا النزاع على جدول أعمال مجلس الأمن ما هو إلا رغبة غربية في إبقاء النزاع مفتوحاً، لجهة التصعيد والتوتر الإضافي، كما هو حاصل في منطقة الدونباس، التي تعتبر المشكلة الحقيقية.

على حافة أزمة شديدة

من الواضح تماما أن نتيجة الحرب المحتملة بين روسيا وأوكرانيا ستكون خسارة كبيرة لكييف وسلطاتها، لكن الغرض من كل ذلك هو خلق ضغط اضافي على روسيا من قبل الدول الغربية. من هنا، إن روسيا ستدافع عن سيادتها وحدودها، وبصراحة شديدة أقول بأننا على حافة توتر كبير، غير أن موسكو لن تتنازل عما تتمسك به وستدافع عن مصالحها. فإحتجاز السفن الأوكرانية الثلاث ونقلها إلى الموانئ الروسية هو رد اول على هذا الوضع المتأزم.

مصدر الصورة: دي دبليو.