إعداد: يارا انبيعة

يبدو أن التظاهرات الفرنسية الغاضبة أصبحت عدوى ستغزو البلاد العربية قريباً، حيث زاد الموقف الأردني اشتعالاً ما قام به ناشطون أردنيون من تدشين حركة “الشماغات الحمر”، على غرار “السترات الصفراء” في فرنسا، على اعتصاماتهم في محيط الدوار الرابع أمام رئاسة الحكومة في عمان.

مقاطعات وإحتجاجات

أعلنت الحركة الوطنية الأردنية المعروفة بـ “الشماغات الحمر” عن تنفيذ وقفة احتجاجية في منطقة الدوار الرابع بمحيط مقر رئاسة الحكومة الأردنية. وبدأ عقد مقاطعة النقابات والأحزاب للحركة الإحتجاجية بالإنخراط بحجة أنها مجهولة وتقف خلفها جهات خارجية وتمولها، إضافة إلى التضيق عليها، وذلك بعد دخول نقابة المهندسين الأردنيين على خط الانحياز إلى الحركات الإحتجاجية والمطالبة بالإفراج عن أعضائها المعتقلين بسببها.

إلى ذلك، دعا نشطاء أردنيون، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، رئيس الحكومة إلى لقاء المحتجين في الشارع، والإستماع إلى مطالبهم أو مخاطبتهم.

“عام التغيير”

منذ انطلاق الإعتصامات، يطالب المتظاهرون بإصلاحات جمة أهمها تعديل قانون الإنتخاب بحيث يمهد لتشكيل حكومات منتخبة من الشعب، فضلاً عن إلغاء قانون الجرائم الإلكترونية، كما طالب الناشطون المشاركون في الإعتصام بضرورة ارتداء الشماغ الأردني الأحمر أثناء المشاركة تحت عنوان “الشماغات الحمر 2019  – عام التغيير”.

من جانبها، أكدت الحكومة الأردنية على حق الأردنيين في التظاهر السلمي، وقالت المتحدثة بإسم الحكومة جمانة غنيمات، إن التظاهر والإحتجاج هو حق مكفول للمواطنين في إطار الدستور والقوانين والأنظمة المعمول بها.

وفي ذات السياق، دخلت نقابة المهندسين الأردنيين، والتي تعد من أكبر النقابات على الخط، حيث أشارت في بيان لها بالقول “حركة الإعتقالات الأخيرة انعكاساً لعقلية أمنية عرفية وإمعاناً في سياسة تقويض حرية الرأي والتعبير وكبت الحريات والعودة إلى منهجية أثبتت فشلها في التعامل مع الفعل الشعبي والناشطين.” كما دعت كافة المعنيين إلى التعامل بإدارة ترسم صورة مشرقة للوطن وحالة الحريات العامة فيه بعيداً عن ذهنية “صناعة الخوف” والترهيب.

وطالبت النقابة بالإفراج عن كافة معتقلي الرأي والتعبير السلمي وعلى رأسهم المهندس سعد العلاوين، المعتقل منذ خمسين يوماً، مؤكدة على أهمية نفاذ سيادة القانون دون تغول ولا تعسف، فـ “في الوقت الذي يحتاج الوطن إلى الاستفادة من كل الفرص الممكنة لاستعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة والدفع بإتجاه اصلاح وطني شامل يمتن الجبهة الداخلية ويرسخ البنيان، تتنامى حالات الاعتقال السياسي واستدعاء الناشطين في تمادٍ مستنكر على الحريات العامة وحقوق المواطن المكفولة دستورياً وقانونياً.”

وبنفس الإطار، أكدت الحملة الوطنية في بيان لها أنه “رغم الإعتقالات المتتالية اليومية والإستدعاءات من قبل الأجهزة الأمنية فنحن مستمرون في وقفتنا، مشيرة إلى أن هذه الممارسات تعتبر “انتهاكاً سافراً” للدستور وللقوانين الأردنية والمعاهدات الدولية، واصفة الأفعال التي تقوم بها السلطة، من اعتقالات ووضع العراقيل مثل “الزيت المحروق” وقطع الإنترنت وتحييد الإعلام المحلي، بأنها تدلل على “تخبط قوى الشد العكسي” والأزمة التي وصلت إلى “شيطنة ” الإحتجاجات.

 

موجة إعتقالات

النائب في البرلمان الأردني، المهندس خالد رمضان، حمل الحكومة وكافة أطرافها المسؤولية السياسية والأخلاقية والقانونية عما يجري من انتهاكات في البلد، على حد تعبيره، مؤكداً شن السلطة حملة اعتقالات واستدعاءات لناشطين وناشطات في محاولة لترهيب والتضييق على الحراك الشعبي المتنامي ضد سياسية الإفقار التي تنفذها الحكومة، والضرب بعرض الحائط بحق الناس بالتعبير والاعتصام السلميين.

وأشار رمضان بالقول “نتابع وبقلق شديد ما صدر عن شبيبة الحزب الشيوعي والوحدة الشعبية والحراك الشعبي من حملة استدعاء وترهيب لمنعهم من التعبير والإستمرار بإستدعاء للعديد من الناشطين والناشطات لترهيبهم من المشاركة في النشاطات التي تدافع عن حق الناس في الحرية والعدالة الإجتماعية.”

متابعة حكومية

من جهته، تعهد وزير الثقافة والشباب والرياضية الأردني، الدكتور محمد أبو رمان، أنه سيقوم بمتابعة ملف من تم توقيفهم على خلفية نشاطهم في الحراك الشعبي، وجاء ذلك خلال رد أبو رمان على تعليقات في موقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك” عندما كان يتبادل التعليقات مع مواطنين حول هؤلاء الموقوفين.

هذا، وقد حشدت الحكومة كافة طاقاتها لإحباط الحركات الاحتجاجية التي أقامها “حراك المتقاعدين العسكريين” و”حراك عمان” و”حراك المحافظات” و”حراكات عشائرية”، وذلك من خلال إطلاق “إشاعة” رسمية تفيد بأن الإحتجاجات مجهولة المنشأ، وأن تمويلها خارجي إضافة “رش زيوت محروقة” في منطقة الإعتصامات بمحيط مقر الحكومة، وقطع الإنترنت في أسبوعها، ونجاح الحكومة بتحييد الإعلام المحلي والنقابات والأحزاب وغيرها.

ختاماً، يبدو أن الأردن يمر بظروف صعبة، لا سيما على الصعيدين المالي والإقتصادي. فوصول الرزاز إلى سدة رئاسة الوزراء، والتي سبقته احتجاجات ضخمة، كان بسبب الحالة المادية المزرية للشعب، وبالتالي كان هناك أمل كبير بتخفيف وطأة العيش على المواطن.

يبدو بأن الرزاز يواجه مشكلة حقيقية في هذا الشأن، خصوصاً وأنه من المتوقع بأن تزداد تلك المظاهرات يوماً بعد يوم، لا أن تخف أو تتوقف. فالخوف من أن تتدحرج الأمور إلى مكان قد يصعب العودة منه لا سيما وأن عمان، كما يقول العديد من المحللين، بأنها تقف على “صفيح ساخن”.

مصدر الأخبار: وكالات.

مصدر الصور: روسيا اليوم – العرب.