شارك الخبر

 

حوار: سمر رضوان

المخطط التركي ينقلب من الالتزام باتفاق سوتشي لتصفية الإرهاب بالاتفاق مع روسيا وإيران إلى طرح موضوع التقسيم مع الولايات المتحدة الأمريكية على طول الحدود مع سوريا تحت عنوان مواجهة الإرهاب الكردي، في ضوء كل هذه التطورات لا تزال الاتصالات قائمة ومتواصلة بين الحكومة السورية والقوات الكردية وبرعاية روسية، رغم تذبذب الموقف الكردي حتى الآن.

عن إنشاء المنطقة الآمنة في سوريا، بتخطيط تركي- أمريكي، وتحت عناوين مختلفة، سأل مركز “سيتا”، الأستاذ أندريه أونتيكوف، الخبير الروسي في شؤون الشرق الأوسط، حول تداعيات هذا الموضوع.

الموقف الروسي

أعتقد أنه لا توجد علاقة مباشرة بين اتفاقيات سوتشي وتطورات الأحداث الأخيرة.

أولا. اتفاقيات سوتشي، هي لا تزال قائمة، وكل التصريحات الروسية تدل على ذلك.

ثانيا. هناك ضرورة ملحة للقضاء على الإرهابيين في إدلب، في ظل الأحداث الأخيرة، أي انتشار نفوذ “جبهة النصرة”، في تلك المناطق بشكل نوعي.

أعتقد أن هذا الأمر سيتم بحثه خلال زيارة الرئيس التركي القادمة إلى موسكو قريبا، خلال لقائه مع الرئيس فلاديمير بوتين، بسبب وجود مشاكل مع الجانب التركي، حيث كان من المفترض أن يتم منطقة منزوعة السلاح قبل 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وكذلك كان من المفترض أن يتم تحرير طريقي إم 4 وإم 5 قبل نهاية العام 2018 الماضي، كل ذلك لم يحصل، لذلك أعتقد أن هناك ضرورة لإعادة النظر على كيفية التعامل مع قضية تمدد وانتشار النصرة مؤخرا. خصوصا وأنها خارج كل الاتفاقيات سواء سوتشي أو أستانا، فهذا الأمر مطلب وهدف لكل من سوريا وروسيا وحتى تركيا نفسها.

لكن أعتقد أن تركيا وروسيا بحاجة إلى مزيد من التنسيق لإيجاد سبل جديدة للتعامل مع الإرهابيين هناك.

الخطط التركية الجديدة

إن ما طرحته تركيا بخصوص إقامة منطقة عازلة، هذا الأمر بكل تأكيد مؤسف جدا، لكن هو بصراحة أمر ينطلق من قرارات دونالد ترامب حول انسحاب قواته من سوريا، فكما ذكرت لا توجد هناك علاقة مباشرة بين الاتفاقيات في سوتشي وبين نوايا تركيا الجديدة، وهذه النوايا في الحقيقة خطيرة جدا، فهذه الخطط تشكل خطرا على سيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها، ولكن هذا الأمر يتعلق بالقرار الأمريكي.

من هنا ما يمكن قوله، أن سوريا والعراق لن تسمحان بذلك، فالعراق سيرفض هذا التدخل، وهذا شيء واضح، لكن في هذه الحالة الرفض العراقي لن يكون إلا من الناحية الدبلوماسية فقط، أما سوريا سترفض هذا التدخل بشكل قطعي، ولكن بصراحة كلنا ندرك أن الكرة الآن في الملعب الكردي، فهناك الآن مباحثات ومشاورات بين قيادات الكرد ودمشق، فالكرد يدركون كل ذلك بشكل جيد جدا، وما يمكن أن تقوم به سوريا والكرد هو مصالحة شاملة بينهما، وبدون ذلك أو على الأقل في المرحلة الأولى من هذه المصالحة يمكن انتشار قوات الجيش السوري على طول الحدود مع تركيا، فهذه الخطوة ستحول دون كل الاتفاقيات الثنائية التركية- الأمريكية أو غيرها، وستساهم في الحفاظ على وحدة سوريا.

فالخيار بيد الجانب الكردي، وبيدهم درء هذا المخطط، والتداعيات المحتملة جراء ما سيحدث، في حال تنفيذ الخطة التركية الجديدة بخصوص المنطقة العازلة.

تناغم أمريكي- تركي

هناك تفاهم وتنسيق أمريكي- تركي بخصوص انتشار قوات موالية لأنقرة على الشريط الحدودي، وكما يقول أردوغان نفسه، ستنتشر إلى جانب قوات درع الفرات والجبهة الوطنية للتحرير، القوات التركية، وسيكون لها دور رئيس في ذلك الانتشار، وعلى ما يبدو أمريكا وتركيا، اتفقتا أساسا على ضرورة تشكيل هذه المنطقة، والآن ربما يبحثان التفاصيل الخاصة فقط، وهذا التوافق باعتقادي خطير جدا، وأضيف أن هذا الموضوع سيكون على طاولة البحث ما بين بوتين وأردوغان قريبا.

وما أرجوه هو أن لا تتصرف أنقرة خارج التنسيق مع موسكو، لأن كل الخطوات التركية خارج التنسيق مع روسيا وإيران في إطار أستانا ستؤدي إلى تداعيات سلبية جدا بالنسبة لسوريا، وربما سيحدث تفكك لمسار أستانا وسينعكس سب=لبيا على تطورات الأحداث في إدلب وعلى مناطق شرق الفرات، لذلك هذه الاتفاقيات الأحادية بين تركيا وأمريكا هي غير مقبولة إطلاقا، وبطبيعة الحال يجب الحفاظ على ضرورة التنسيق الكامل بين جميع الأطراف المهتمين بالمسألة السورية، لكن وكما ذكرت يبدو أن هناك توافق مبدأي بخصوص المنطقة العازلة بين أنقرة وواشنطن.

موقف واشنطن من المنطقة العازلة

من الواضح أن وراء كل الاتفاقيات الأمريكية- التركية حول المنطقة العازلة، فالرفض الأمريكي لتسليم قواعدها لتركيا في مناطق شرق الفرات، فنحن نشاهد أن أمريكا تريد الحفاظ بشكل أو بآخر على نفوذها في مناطق شرق الفرات، ربما بشكل غير مباشر، وتريد الحفاظ أيضا على علاقتها مع الكرد السوريين، لكي تشجعهم للانفصال عن دمشق، وهذا أيضا أمر خطير جدا، فالموقف الأمريكي هذا قد يلحق الضرر بالمباحثات الجارية بين القيادات الكردية والدولة السورية، وبالتالي سينعكس ذلك سلبيا على تطورات الأحداث على الشريط الحدودي ما بين سوريا وتركيا، بسبب أن هذه الأحلام الكردية وتعويلهم على الأمريكي قد يؤدي فعلا إلى انتشار القوات التركية في هذه المنطقة العازلة، بدلا من القوات السورية والذي يعتبر أفضل السيناريوهات لهذا الأمر، فعليهم التسليم الفوري لكل مناطق شرق الفرات بما فيها المناطق الحدودية إلى السلطات السورية وانتشار الجيش السوري.

لكن هذا لن يحدث، لأن أمريكا ستحاول الحفاظ على نفوذها بين صفوف الكرد، والكرد موافقين إيجابيا على ذلك، فالإعلان الأمريكي الانسحاب من سوريا، يتحول إلى نقطة خطيرة جدا بالنسبة لسوريا بسبب الخطورة من فقد جزئي لسيادة الدولة السورية. فالكرة كما ذكرت بيد الكرد لكن لا يؤدون دورهم كما يجب وهذا سيكون له تداعيات سلبية عليهم أولا وعلى الدولة السورية ثانيا.

تطورات المشهد القادم

من الصعب التنبؤ لما ستؤول إليه الأمور، فيجب أن ننتظر ونراقب التطورات بخصوص المنطقة العازلة وسنكتشف ذلك بعد زيارة أردوغان القريبة إلى موسكو، فهناك توافق بين أمريكا وتركيا، بخصوص هذه المنطقة، وعلى تركيا ان تأخذ مسار أستانا بعين الاعتبار، لكن الواضح تماما أن تركيا ترفض رفضا قاطعا الدعم الأمريكي للكرد السوريين، فستواصل خطواتها لمواجهة هذا الدعم، بينما أمريكا ستستمر في الحفاظ على علاقتها مع الكرد، هذه الأمور مجتمعة تخلق نوع من الفوضى في سوريا، فالإنسحاب الأمريكي سيشكل فراغا، وكيف سيتم ملء هذا الفراغ، فالأمريكي والتركي متفقين ولا يوجد خلاف إلا بموضوع الكرد بينهما وهذه الخلافات ستستمر، إلا إذا حدثت مصالحة بين الكرد ودمشق وانتشر الجيش السوري سيقطع ذلك الطريق على المخطط الأمريكي- التركي.

مصدر الصورة: سكاي نيوز عربية.


شارك الخبر
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •