بعد الانتهاء من موضوع الملف النووي الإيراني وتوقيع اتفاق الـ 5+1 عليه وطيُّ صفحته، بدأ الحديث يتصاعد عن برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية خصوصاً في ظل القدرات الكبيرة التي تمتلكها إيران في هذا المجال، إضافة إلى التجربة الفعلية لهذه الصوايخ عندما استهدفت أهدافاً لداعش، دير الزور السورية، في 18 يونيو/حزيران 2017.
عن هذه المواضيع وغيرها، تحدث مركز “سيتا” إلى الدكتور هادي سيد أفقهي، الدبلوماسي السابق والخبير في الشؤون الإيرانية، لتوضيح أبعادها وخفاياها.
الاتفاق النووي باب لإسقاط النظام
في هذا الخصوص، قال الدكتور أفقهي بأن الغرب “لا زال، متمثلاً بالولايات المتحدة، يكيل ويخطط لزعزعة الاستقرار الداخلي الإيراني بذرائع متعددة على رأسها الملف النووي الإيراني في محاولة يعتبرها الكثير من القادة الإيرانيين بأنها باب للتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية، وتغيير سلوكياتها، والتأثير على أدبياتها السياسية لا سيما مواقفها الخارجية الثابتة.”
ولقد كشف الدكتور أفقهي عن رسالة حملها السلطان قابوس بن سعيد، أبان ولاية الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد، من الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما والتي “كانت النقطة الأبرز فيها انه لا مانع من توقيع الاتفاق النووي وبدء صفحة جديدة مع إيران، وهذا كان العنوان العريض. إلا ان حنكة الساسة الإيرانيين اوصلتهم الى نتيجة مهمة تكمن في أن تلك الرسالة لم تكن سوى نافذة يستطيع الغرب الدخول منها للعبث بالشأن الايراني من جهة الملف النووي. وابرز دليل على ذلك، ولكي لا نذهب بعيداً، التجربة الليبية والتي تعتبر أكبر دليل على النكث بالوعد.”
فصل الدين عن الحكم
بعد مجيء الامام الخميني، من باريس، مع قيام الثورة الاسلامية في ايران وانطلاق شعار “لا شرقية ولا غربية.. جمهورية اسلامية”، يرى الدكتور افقهي بأن هذا الشعار لم يرق للغرب منذ ذلك الوقت، فهنالك “تدخل خارجي كبير فيما يخص موضوع فصل الدين عن السياسة، وتقويض تعاليم ومبادئ الثورة الإسلامية بما يتعلق بنظام الحكم. هذا الموضوع بالتحديد، كان سبباً اساسياً في تكوُّن شعور عميق لدى القيادة أوصل الى نتيجة مفادها عدم الثقة في طروحات الولايات المتحدة، خصوصاً، والغرب، عموماً.”
ويضيف الدكتور افقهي “ان المراد هو فصل الدين عن السياسة في إيران وهذا ما لا يمكن أن يتحقق بالرغم من محاولات الانقلاب السابقة التي تم إجهاضها وباءت بالفشل.”
الانتقال الى المواجهة المباشرة
يقول الدكتور افقهي بأن “المواجهة مع الولايات المتحدة، أبان عهد الرئيس أوباما، كانت تتميز بأنها إيحاءات ورسائل مبطنة ظنوا انهم من خلالها يستطيعون تحقيق نتائج ناجحة. أما مع الرئيس دونالد ترامب، فأن المواجهة اصبحت مباشرة وبـ “إستخدام السيف” إن جاز التعبير، من خلال المحاولات الكثيرة إلى قصقصة أذرع إيران الاستراتيجية في المنطقة (أي سوريا والعراق ولبنان..الخ)، فأدخلوا أدواتهم البديلة، كتنظيمي داعش والنصرة والقاعدة، وقاموا بما يسمى حروب الوكالات ظنّا منهم أن النظام السوري سيسقط وستقوم الخلافة الإسلامية في الشام والعراق وسيسحب سلاح حزب الله في لبنان، وحينها تتوقف إيران عن دعم الحركات الجهادية كحماس وغيرها من حركات المقاومة في المنطقة.”
ويشير الدكتور افقهي الى موضوع داعش، اذ يرى بأنه “لو استطاع هذا التنظيم الارهابي اقامة ما يسمى بدولة الخلافة في بلاد الرافدين والشام، لكان الامر في غاية الخطورة بالنسبة لايران، لأنها كانت ستقع ضمن جبهة تضم عدداً من المحاور المعادية لها. وهذا شيء خطير للغاية. ان ما تم التخطيط له، لاسيما في سوريا والعراق وحتى لبنان، قد باء بالفشل، الامر الذي خلق ردة فعل معاكسة تمثلت في نشوء مقاومة عابرة للحدود من أفغانستان إلى باكستان والعراق واليمن وغيرهم، لتصبح قوة شبه دولية تمتد لعشرات الدول.”
البرنامج الصاروخي والعقوبات الاقتصادية
الى ذلك، يشير الدبلوماسي الايراني “إن الفشل الذي أحاط بالمخطط الاميركية من كل الجهات، انقلب الى ضغط من نوع آخر، أي تشديد العقوبات الاقتصادية على طهران، حيث تم إلغاء صفقات كبرى عديدة كصفقتي طائرات بوينغ وإيرباص بحجة هذه العقوبات، اضافة الى قيام واشنطن بفرض عقوبات جديدة مخالفة بذلك ما تم الاتفاق عليه في فيينا.”
اما بالنسبة لموضوع البرنامج الصاروخي الاستراتيجي، يقول الخبير الايراني بأن هدف الولايات المتحدة، في مفاوضات فيينا، كان “الخروج بحل واحد لسلة تفاوضية تشمل الى جانب البرنامج النووي، برامج الصواريخ وقضايا اخرى، غير ان ايران رفضت هذا المقترح واصرَّت ان يتم التفاوض على كل ملف بمعزل عن الآخر. ولقد كان لافتاً تصريح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حين قال بأنه يجب على طهران توضيح سياستها الصاروخية التي لا تخضع الى ضوابط، وهذا ما استدعى رداً قاسياً من القيادة الايرانية بإعتبار ان هذا الموضوع يدخل في صلب الاستراتيجية الدفاعية للدولة. في خلاصة القول، ان المقصود من كل ذلك وقف تصنيع الصواريخ الباليستية، مما يؤدي الى جعل جبهة إيران غير محصنة ضد أي اعتداء ولا تستطيع الدفاع عن نفسها، حتى ضد الدول الصغيرة.”
في الختام، يقول الدكتور افقهي بأنه “لا جدوى من الحوار طالما ان هناك عقلية غربية تريد هدم اي جهد حقيقي لحوار جدي ينعكس إيجابا على الجميع.”
مصدر الصور: وكالة مهر – قناة العالم