حوار: سمر رضوان
لا يزال الوضع في مصر منقسماً بين مؤيد للتعديلات الدستورية ورافض لها، وارتفعت بعض الأصوات التي تطالب بالمقاطعة إلى جانب التصويب بـ “لا”، حيث شملت التعديلات الجزء المتعلق بفترة الرئاسة، في حين أن هناك الكثير من المواد التي تعديلها يعود بالنفع على كل المصريين.
عن تلك التعديلات الدستورية وتفاصيلها من الناحية القانونية، سأل مركز “سيتا”، الأستاذ خالد حافظ، رئيس حزب الشعب المصري، والخبير القانوني عن هذا الموضوع.
خيارات المصريين
إن الإستفتاءات التي جرت في مصر حول تعديلات الدستور على مر العقود السابقة تشير إلى أن الإقبال على تلك الإستفتاءات يكون إقبالا محدوداً، وليس ذي كثافة مماثلة للكثافة التي تنعم بها صناديق الإنتخابات في الإنتخابات البرلمانية أو حتى المحلية.
أعتقد أن هناك خيار ثالث هو خيار “نعم”، إذ أن هناك ثلاثة أنواع من التصويت، إما “لا”، وإما “نعم”، وإما “إبطال الصوت” وهذا يصب في خانة عدم المقاطعة. أما المقاطعة فتشكل نوع من العصيان المدني أو اللاممانع، حيث أن هناك شرائح كبيرة في المجتمع المصري لا تعرف طبيعة التعديلات الدستورية ولا تعرف ولا يعنيها هذا الدستور، وهذا أمر لا بد من أن نواجهه. ومن أجل هذا، نحن أمام مسيرة طويلة لا بد أن نمضيها ولا بد أن نسير فيها حتى نصل إلى درجة الوعي الكامل الذي يجعل الشعب بالفعل يتخلى عن اللامبالاة ويتبنى مواقف إيجابية.
ضمانات التعديل
إن لجنة الخمسين التي وضعت التعديلات الدستورية الأخيرة، أي الدستور الحالي، كان يرأسها الوزير الأسبق عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية. وإذا نظرنا إلى تشكيلة تلك اللجنة التي وضعت هذا الدستور، نلاحظ أن تلك اللجنة غير متخصصة في المواد الدستورية، أو في وضع الدستور عموماً، و80% من تلك اللجنة غير متخصصين فكان من النتيجة الطبيعية أن يخرج دستور بهذا الشكل.
فالدستور الحالي يشتمل على مواد كثيرة جداً تم تعطيلها كالمادة “240”، التي تنص على “التقاضي في الجنايات على درجتين”، وإلى الآن لم يتم تفعيل ولا تطبيق هذا النص الذي تسبب في دخول آلاف المواطنين إلى السجون بأحكام على درجة تقاضي واحدة، قد تكون أحكاماً معيبة ومن الممكن إلغاءها في حالة وجود درجة ثانية من درجات التقاضي.
هذا مثال من أمثلة التي نشأت عن عدم الخبرة في المسائل الدستورية. فلجنة الخمسين عندما تم تشكيلها بشكل انفعالي عاطفي، استبعدت أغلبية السياسيين والمتخصصين. لذلك، بدأ التداول بالمواد التي تسمى “فوق الدستورية”، وهذه الكلمة هي كلمة فقهية، فكيف هي مواد فوق الدستور وهي من ضمن الدستور؟ أنا أرى أنها كلمة غير دقيقة وغير سليمة فهي مواد موجودة في الدستور وبالتالي مادة دستورية، حتى لو وضعت محاذير أو وضعت نوع من الضمانات أو غير ذلك. إلا أن الآلية التي رسمها التشريع الدستوري، تعطي الحق لمجلس النواب، بعدد يساوي خُمس أعضاء المجلس، بتعديل الدستور واتخاذ الإجراءات وفي النهاية الشعب هو صاحب القرار.
إن من أراد إقناع الشعب أن هناك مواد فوق دستورية، كان يحاول أن يلتف على الشعب بأي شكل ويستغل غالبيته غير المتخصصة. فهذا الزعم بعدم جواز تعديل المواد الفوق الدستورية، نسمع به لأول مرة. صحيح أن لدينا طموحات كبيرة ونحن ضد أي نوع من الديكتاتورية وأي نوع من الإستئثار بالرأي فقط وتكميم الأفواه، إلا أننا الآن أمام ثقافة وأغلبية في البرلمان أرادت هذا الأمر وتقود السلطة التشريعية ولا نستطيع أن نفعل شيئاً في مواجهة تلك الأغلبية التي أرادت تعديل الدستور، كما وأنه يجوز تعديل الدستور وفق السلطة التشريعية ومن ثم يطرح الأمر على الشعب، وهو يصوت كما يريد إما بـ “نعم” أو “لا”.
أصوات معارضة
لا شك بأن هناك أصواتاً معارضة في مجلس النواب، فهناك 17 نائباً قالوا “لا”، اضافة الى مجموعة اخرى من النواب لم تحضر، لكن الأغلبية الساحقة وافقت. إذاً، نحن أمام أغلبية كاسحة، وبالتالي من الطبيعي أن تتوحد المعارضة، فهناك 11 حزباً سياسياً عارض التعديلات الدستورية. أما تحالف الأحزاب المصرية فقد وافق عليها، والذي من ضمنهم حزب الشعب الديمقراطي الذي أمثله، وهم حوالي 40 حزباً. اما باقي الأحزاب، والتي يبلغ عددها حوالي 92 حزباً في مصر، فالأغلبية الساحقة فيها تدور وجوداً وعدما مع الإرادة التي رأيناها جميعاً.
أما بالنسبة إلى الشعب المصري، فهو لم يرفض التعديلات، بغالبيته، وهذه حقيقة لا ننكرها. صحيح أن هناك 11 حزباً رفض، غير أن هناك تباينات في وجهات النظر. فالتعديلات الدستورية لم تشتمل فقط على مد فترة الرئاسة وإنما بها بعض الجوانب الإيجابية المتمثلة في زيادة نسبة تمثيل المرأة، ودعم تمثيل الشباب، والأقباط والمصريين بالخارج، وذوي الإحتياجات الخاصة بشكل دائم وليس مؤقت. إلى جانب كل ما سبق توجد مسألة مهمة وهي عودة مجلس الشورى وهذا أمر مهم جداً، فنهاك غرفة من الغرفتين اختفت، إذ أن لجنة الخمسين لم تكن واعية أو مقدرة لأن تكون هناك غرفتين تشريعيتين؛ ونظراً لعدم تخصصهم، قاموا بإلغاء مجلس الشورى.
أعتقد أنه وفي فترة من الفترات القادمة إن شاء الله سوف نحتاج إلى دستور جديد متكامل يتناسب مع طموحات وآمال شعب مصر.
مصدر الصورة: صوت الأمة.