حوار: سمر رضوان
إنّ الدور الأردني السياسي في الأزمة السورية يمتاز بأهمية كبيرة وحساسية لجهة التنسيق والتوفيق بين جميع الأطراف المتداخلة في عدّة ملفات، حيث يخوض الأردن في كل فترة معركة سياسية على أكثر من جبهة، إلا أنّه فضّل المعارك الأمنية والسياسية على الاستراتيجية. لبحث تفاصيل هذه الملفات إقليميّاً ودولياً، يقول الدكتور عامر سبايلة، الباحث السياسي والاستراتيجي لمركز “سيتا“:
سوريا أمن قومي أردني
إن الأردن معني أولاً وأخيراً بأمنه القومي، ولذلك لعب الأردن دوراً مهماً في موضوع بناء منطقة خفض التصعيد في الجنوب السوري بالتنسيق مع روسيا والولايات المتحدة. إن التغيرات في طبيعة التعاطي الدولي مع الأزمة في سوريا تلقي بلا شك بظلالها على طبيعة التعاطي الأردني والتفكير فعلياً في عدم خلق واقع يصعب التعامل معه وتكون انعكاساته السلبية على الأردن وأمنه.
ويرى الدكتور سبايلة أنه ولذلك، فالأردن غير معني باستمرار العنف أو الفوضى في الجنوب السوري، من هنا يمكن قراءة هذا المطلب الأردني على أنه رغبة أردنية في تفكيك عوامل الأزمة وضمان عدم سقوط المنطقة في فخ الفوضى.
عمّان شريكة في الحل
يشير الباحث سبايلة إلى أن الأردن فعلياً ساهم في إنجاح مؤتمر أستانا وهو فعلياً المحطة الأساسية للانتقال إلى سوتشي. لا اعتقد أن الأردن يعارض مؤتمر سوتشي، لكن فعلياً المواقف الأمريكية لا يمكن قراءتها في خارج سياق تحرك الحلف الأمريكي، فمن الواضح عودة الولايات المتحدة للتأثير على مسار الحل السياسي في سوريا، ورغبة واشنطن بتفعيل محورها للمساهمة في إنجاز كسر للتفرد الروسي في صياغة الحل السياسي، الأمر الذي يفسر الوثيقة التي سلمت للمبعوث الأممي ستيفان دي مستورا قبيل مؤتمر سوتشي والتي شارك في صياغتها الأردن إلى جانب السعودية وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.
التحرك التركي غير مريح
ويضيف أنه ومنذ بداية الأزمة السورية لم يكن الأردن مرتاحاً للتحرك التركي في سوريا ولا حتى على الصعيد السياسي في المنطقة، بدءً من دعم تنظيم الإخوان المسلمين أثناء ما يسمى الربيع العربي وصولاً إلى منافسة الملك عبد الله على النفوذ الديني في القدس. مع ذلك، هناك اختلاف جوهري في طبيعة التعاطي مع الأزمة السورية بين الشمال السوري (تركيا) والجنوب السوري (الأردن). مؤخراً هناك محاولات لإصلاح العلاقات مع تركيا عبر تفاهمات جديدة، لكن باعتقادي ليس لهذه المحاولات أي أفق، نظراً إلى أن سياسة الحكومة التركية لا يمكن التعويل عليها ضمن إطار تحالفات ومصالح تتوافق مع الرؤية والمصالح الأردنية. أما معركة عفرين، فهي معركة ترتبط فقط في تركيا، وليس لها تداعيات حقيقية على الأردن.
شراكة مع ألمانيا لا قاعدة متقدمة لها
ويوضح الدكتور سبايلة أن العلاقة الأردنية -الألمانية تطورت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، فلم تعد ألمانيا شريكاً تجارياً فقط بل شريكاً استراتيجياً وسياسياً بالنسبة للأردن. طبيعة نمو العلاقة السياسية والاستراتيجية بين الأردن وألمانيا هي التي جعلت من الأردن خياراً استراتيجياً لألمانيا تنظر إليه كمحطة جيوسياسية مهمة في المنطقة ويشكل بديلاً عن تركيا التي ساءت علاقتها بألمانيا كثيراً في السنوات الأخيرة. الأردن يعول دائماً على ألمانيا كلاعب أساسي على المستويين الأوروبي والدولي.
لافتاً حول أن يكون الأردن قاعدة “أطلسية”، فهذا غير دقيق، فالخيار الألماني هو خيار ألماني مرتبط بطبيعة العلاقة المتوترة مع تركيا والمتطورة مع الأردن. أما بالنسبة لتحول الأردن لمنصة أطلسية، لا اعتقد أنه يمكن ربط الخطوة الألمانية بحلف شمال الأطلسي، بل هي خطوة ألمانية مستقلة، وهذا لا يغير طبعاً واقع العلاقة الأردنية -الأطلسية، فالأردن شريك دفاع بالنسبة لدول حلف شمال الأطلسي وهي واحدة من أهم العلاقات التي تحظى فيها الدول غير المنتمية للحلف.
مصدر الصور: النجاح الإخباري – دي دبليو