إبراهيم ناصر*
في لقاء يعد الأول من نوعه، إجتمع الرئيس الكيني، أوهور وكينياتا، ورئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، مع نظيرهما الإرتيري، أسياس أفورقي، بالعاصمة الإرتيرية أسمرا، حيث عقد هذا اللقاء في ظل التطورات الجيو – استراتيجية الكبرى التي تشهدها منطقة القرن الإفريقي، حيث تغيرت بموجبها خارطة الأحلاف السياسية في الإقليم.
بالطبع، لهذا اللقاء الثلاثي أغراض متعددة، من بينها مناقشة الملفات ذات الإهتمام المشترك، وكيفية تعزيز التكامل الإقتصادي والسياسي لمنطقة شرق إفريقيا، وتوسيع دائرة التعاون التجاري بين دول الإقليم، وإنتقال كل من الرئيس الأريتري ورئيس الوزراء الأثيوبي إلى جوبا، صباح الإثنين الماضي، عقب اللقاء تأكد ذلك. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: أين السودان من كل هذه الخطوات والإجراءات؟ وهذا ما سنجيب عليه خلال السطور القادمة.
السودان وتغيرات الإقليم
في تصريح صادرعن وزراة الخارجية السودانية، تم الإعلان عن أن رئيس وزراء إثيوبيا سيجري محادثات قصيرة بالمطار مع الرئيس السوداني، عمر البشير، لدى وصوله في الثامنة صباحاً، على أن يغادر بعد ساعة من وصوله.
قصر الزيارة هذا يؤكد عدم مواكبة الخرطوم للمتغيرات الجارية في المنطقة، مما اضطر آبي أحمد للقدوم إليها وتنوير قادتها بما يخطط له وما جرى في اللقاءات بين الزعماء، وبالتالي بدلاً من أن يكون السودان صانعاً للأحداث في المنطقة، أصبح متفرجاً على يجري من حوله، وهذا ما يدفع المتابعين بالإعتقاد بأن دور السودان الخارجي قد تراجع.
بالتأكيد، إن تراجع دور السودان الخارجي لا يعني أنه لا يمتلك إمكانية التأثير على مجريات متغيرات المنطقة، إذ يمتلك موقعاً جغرافياً مميزاً، ودوراً ريادياً تاريخياً محفوراً في قلوب شعوب المنطقة، يمكنه من خلاله ان يستعيد زمام المبادرة، ويشارك في صناعة أحداث المنطقة مجدداً. فمهما طال الزمن أو قصر، ومتى إستفاق العقل السوداني وبدأ يستخدم إمكانياته التأثيرية، بالطبع ستتغير قواعد اللعبة في منطقة القرن الإفريقي.
فدور الوسيط الذي لعبه السودان من خلال الجمع بين أفرقاء أزمة جنوب السودان، وإسهامه في إنهاء الحرب الأهلية في جمهورية أفريقيا الوسطى، يؤكدان بأن لا سلام يتحقق دون أخذ السودان لدوره الذي يعيد الإعتبار إلى منطقة القرن الإفريقي، وهو ما تعيه جداً القوى الإقليمية والدولية. ولكن يتوجب على السودانيين أن يتفطنوا لمكانة بلادهم، ويتعلموا كيف يحولوا هذه الإمكانات إلى فرص، ويأسسوا نظاماً سياسياً ديمقراطياً نموذجياً يصدروه إلى محيطهم، ويجدوا حلولاً جذرية لأزماتهم الداخلية.
إن أكثر الفاعليين المدركين لدور السودان الريادي في منطقة القرن الإفريقي هي القيادة السياسية في أديس أبابا، حتى لو تغيرت. لذا، نلاحظ القيادة الإثيوبية تحيط علماً قيادة الخرطوم بكل تحركاتها وخططها ومشاريعها السياسية في المنطقة، وكذلك هي مجبرة أن تراعي مصالح السودان وأمنه القومي، وإلا فكل تحركات وخطط رئيس وزرائها الطامح، آبي أحمد، لن تجدي نفعاً، ولن تحقق أية نتائج.
*باحث في الشأن الإفريقي
مصدر الصورة: الحرة.