نظم “تجمع عرمون بلدتي”، بالتعاون مع اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي للموحدين الدروز، ندوة بعنوان “الحدود اللبنانية بين الواقع والقانون” شارك فيها كل من الدكتور عصام خليفة، والدكتور رامي عز الدين، ومؤسس ومدير “مركز سيتا” الدكتور علوان امين الدين، وأدار اللقاء الدكتور رامي عطالله بحضور رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي الشيخ الدكتور سامي بو المنى، بحضور عدد من الشخصيات والفعاليات في المنطقة.

في البداية، رحب الشيخ يوسف الحلبي، ممثلاً “تجمع عرمون بلدتي”، في كلمته بالحضور، ومن ثم ألقى الشيخ الدكتور بو المنى كلمة أشار فيها إلى أهمية تنظيم هذه الندوة، والندوات المماثلة، خصوصاً في ظل الصراع مع إسرائيل على مسألة الحدود، وما فيها من فقدان خيرات وثروات للبنان حاضراً ومستقبلاً.

وعن مسألة الحدود اللبنانية البحرية في ظل الصراع العالمي، تحدث الدكتور علوان أمين الدين عن التغيرات التي يشهدها النظام العالمي والصراعات التي تترافق مع كل تغيير فيه مشيراً إلى واقع المشرق وما يعانيه من نزاعات أثرت على دوله بشكل كبير جداً خصوصاً فيما يخص “الجيل الرابع من الحروب” التي تعتمد فيها الدول على الحروب بالوكالة.

من هذا المدخل، تحدث الدكتور أمين الدين عن الحدود البحرية اللبنانية وتعريف المنطقة اللإقتصادية الخالصة، بحسب قواعد القانون الدولي لا سيما اتفاقية البحار للعام 1982، واتفاقية ترسيم الحدود ما بين لبنان وقبرص، التي عقدت في 17 يناير/كانون الثاني 2007 والتي لم يقرها مجلس النواب بعد، والخطأ اللبناني في ترسيم الحدود البحرية وكيف استغلت إسرائيل هذا الخطأ لتوقيع اتفاق مع قبرص معتمدة فيه على صخرة تخليت كنقطة أساس، الأمر الذي أفقد لبنان مزيداً من الكيلومترات المربعة، بحدود 1700 كلم بدلاً من 860 كلم.

في هذا الشأن، تطرق الدكتور أمين الدين إلى الوساطة الأمريكية لحل النزاع عبر ما عرف بـ “خط هوف”، نسبة إلى المبعوث الأمريكي فريدريك هوف، الذي قسم المنطقة المتنازع عليها إلى 60% للبنان و40% لإسرائيل، حيث وافق الجانب الأول على حصته مع تحفظه على الجزء الباقي مما أثار حفيظة إسرائيل التي رفضت الإتفاق نهائياً.

إضافة إلى ذلك، تحدث الدكتور أمين الدين عن زيارة الرئيس القبرصي إلى لبنان والتي فسرت على انها نوع من الإعتذار عن خطأ الإتفاق مع إسرائيل لأن المادة 3 من الإتفاقية تشير أنه إذا دخل أي طرف من الطرفين في مفاوضات تهدف إلى تحديد المنطقة الإقتصادية الخالصة مع دولة أخرى، يتعين على هذا الطرف إبلاغ الآخر والتشاور معه قبل التوصل إلى اتفاق نهائي مع الدولة الأخرى إذا ما تعلق التحديد بإحداثيات النقطتين (0) أو (2) النقاط البحرية المستحدثة من أجل تحديد المنطقة الإقتصادية الخالصة في الحوض الشرقي للمتوسط.

وفي نقطة مهمة أيضاً، تحدث الدكتور أمين الدين عن مسألة تشبك الغاز الذي سيتم استخراجه من البحر، بحيث لا يستطيع لبنان الإشتراك في خط الغاز الإسرائيلي المقترح إلى أوروبا، وفي المقابل لا يستطع التشبيك مع خطوط الغاز الروسية التي ستنطلق من سوريا، خصوصاً بعد التوقيع مع شركة “روسنفت” من أجل إعادة تأهيل مصفاة طرابلس، بسبب الضغط الأمريكي الخارجي لا سيما بعد سقوط المشاريع الغربية في خطوط الغاز الأخرى، مثل “نابوكو”، إضافة إلى وجود لبنان على خارطة “طريق الحرير” الصيني، من خلال مرفأ طرابلس، خاتماً مداخلته على ضرورة أن يقوم لبنان بالإستفادة من التغيرات الدولية من أجل تحقيق مصالحه، كما بدأت تفعل العديد من الدول التي أحست برياح التغيير في النظام العالمي.

وعن المفهوم العام للحدود السياسية، تعريفها وأنواعها ووظائفها وعملية تعيين الحدود، تحدث الدكتور رامي عز الدين الذي بيَّن مسألة تعريف الحدود على الخرائط، وترسيمها على أرض الميدان، ثم تثبيتها بالأمم المتحدة والجهات الرسمية، وإدارتها، متطرقاَ إلى الفرق الجوهري ما بين الحدود والتخوم.

بعد هذا الشرح، تطرق الدكتور عز الدين إلى موضوع الحدود البرية موضحاً بأنه لا توجد نزاعات قانونية مع الدولة السورية، فبالرغم من وجود بعض الخروقات وعمليات القضم، لكن الأمر لا يحتاج إلا إلى عملية تنسيق بين الدولتين من أجل حل المسألة.

أما فيما يخص النزاع البري مع إسرائيل، أشار الدكتور عز الدين بوجود ثلاث نقاط خلافية. النقطة الأولى، القرى السبع وكيف تم سلخها عن لبنان، حيث تنازلت عنها فرنسا لبريطانيا دون وجه حق. أما النقطة الثانية، فتتمثل في مزارع شبعا التي كان ضمها إلى سوريا نتيجة خطاً فني. وعلى الرغم من الإعتراف السوري بلبنانيتها، من خلال تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم، إلا أنها لم تقبل كدليل على ملكتيها للبنان في أورقة الأمم المتحدة. أما النقطة الثالثة والأخيرة، فتكمن في قرية النخيلة التي تقع بالقرب من بلدة الغجر، والتي يستثنى ذكرها لأسباب سياسية.

وختم الدكتور عز الدين مداخلته بالإشارة إلى أهمية عملية إسقاط مبادئ القانون الدولي، واجتهادات وقرارات محكمة العدل الدولية على الحدود اللبنانية مع إسرائيل وكل ما يتعلق بمبادئ العرف الدولي والمبادئ العامة للقانون والإجتهادات الحاصلة بخصوص المعاهدات والإتفاقيات، لا سيما بما يتعلق في مبادئ السيادة والتاريخ اللاحق للنزاع وعدم التناقض وإغلاق الحجة، وإسقاطها على النزاع الحدودي، البري والبحري، اللبناني – الإسرائيلي.

بعد ذلك، تطرق الدكتور عصام خليفة إلى مسألة الحدود حيث اطلع الحضور على الكثير من الخرائط التي حصل عليها من فرنسا، المنشورة ضمن كتابه الجديد، والتي تبين الحدود اللبنانية أيام الإنتداب الفرنسي. كما تطرق الدكتور خليفة إلى سجلات العقارات، المتنازع عليها مع إسرئيل وتلك التي يوجد عليها خلاف مع سوريا، التي تشير بوضوح إلى وجود سيادة لبنانية عليها خصوصاً تلك التي تواجدت عليها نقاط عبور ما بين لبنان وفلسطين وكانت تحت إشراف الدولة اللبنانية، إضافة إلى مسألة تثبيت الملكية حيث أن تلك العقارات كانت تدفع ضرائب ورسوم للدولة اللبنانية وهو ما يثبت ملكيتها وحق السيادة عليها.

وفي الختام، وزع رئيس “تجمع عرمون بلدتي”، المنهدس عامر المهتار، الدروع على المشاركين، ووقع الدكتور رامي عز الدين كتابه “الحدود السياسية في ضوء القانون الدولي العام (الحدود اللبنانية أنموذجاً)” الذي وزع مجاناً على الحاضرين.