حوار: سمر رضوان
إن تهويد القدس، والقبول بها كعاصمة أبدية لإسرائيل، يعني سقوط الولاية الهاشمية عليها ومقدساتها؛ وبالتالي، فقدان هويتها العربية والإسلامية خصوصاً في ظل وجود الكثير من المقدسات، المسيحية والإسلامية، المهمة فيها ذات المصير المجهول في حال أصبحت “صفقة القرن” أمراً واقعاً. في هذا الشأن، يعتبر الأردن من أكبر المتضررين، لا سيما من الناحيتين الدينية والديموغرافية، علماً أنه يواجه الكثير من الضغوطات الجدية والمصيرية في هذا الشأن.
عن موقف الأردن من صفقة القرن، وتداعيات المخاطر التي تعصف بعمان في حال قبول أو رفض الصفقة، سأل مركز “سيتا”، الأستاذ محمد فؤاد زيد الكيلاني، الكاتب والباحث السياسي الأردني، عن تفاصيل هذا الموضوع.
إرث الهاشميين
لا تعترف الولايات المتحدة الأمريكية إلا بمصلحتها المادية ومصلحة إسرائيل، وهذا كان واضحاً في الفترة الأخيرة، لكن الأكيد بأن الأردن لا يقبل بهذه الصفقة أو حل القضية الفلسطينية على حسابه، كما أنه لا يقبل أيضاً بسحب وصايته عن القدس، إرث الهاشميين، إذ سيخاطب ملك الأردن، عبد الله الثاني، العالم الحر للوقوف معه في هذه الأزمة، وسيستعمل حنكته ودهائه السياسيين، الذي ورثه عن المغفور له الملك الحسين بن طلال، لعدم تطبيق هذه الصفقة لأنها تحمل الظلم للشعب الفلسطيني وتؤثر على استقرار الأردن والمنطقة.
خيارات عمان
هذا الواقع مطروح منذ سنوات، لكن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وبجهله للسياسة يريد تطبيق هذا القرار بالقوة. فلِمَ لا يترك ترامب مجالاً للسياسيين والمفاوضين بإتخاذ الإجراء المناسب؟
كما كان يحدث في السابق من اجتماعات حول بحث حل الدولتين والمفاوضة على هذا الأساس.
طبعاً الأردن لن يوافق على الصفقة، فقد سبق وأعلن الملك عن ذلك صراحة بأنه يرفض كل الضغوطات، عليه شخصياً وعلى الأردن. هذا الرفض، والذي تسبب في قلق عند الأمريكيين، كان رفضاً واضحاً بـ “اللاءات الثلاثة” إذ جاء ليؤكد أنه لا للتوطين، لا للوطن البديل، لا لصفقة القرن.
إضافة إلى ذلك، سبق للملك وأشار بالقول إن “شعبي معي”، وفعلاً كان الشعب، من شتى الأصول والمنابت، معه وَهَبّ إلى الشوارع لتأييد هذا الطلب ورفضه كل الضغوطات الهائلة على الوطن من أجل تطبيق هذه الصفقة.
تصفية القضية
تسعى أمريكا غلى تصفية القضية الفلسطينية من أجل إرضاء إسرائيل، وتحقيق حلمها “إسرائيل الكبرى”. ونظراً لقرب الحدود الجغرافية بين فلسطين والأردن، سيكون الأخير هو الوطن البديل كما أُعلن. لكن الأهم من كل هذا أن مطبّقي “صفقة القرن”، كما هو واضح، مترددون في تطبيقها ويحاولون تسريب شيء بسيط منها كل فترة من الزمن، فإن لاقى التسريب قبولاً استمر وإن لاقى رفضاً عُدل أو أُجل او حتى ألغي.
هنا، أود أن أشير إلى مسألة مهمة وهي أن التأجيل تم، إلى ما بعد شهر رمضان المبارك كما أعلنت واشنطن، بسبب الرفض الأردني، كما أن الشعب الفلسطيني يسير على نفس النهج ويرفض هذه الصفقة.
تحذيرات وضغوطات
الجميع يعلم بأن الأردن على علاقة جيدة مع الولايات المتحدة، لكن في الفترة الأخيرة بدأت هذه العلاقة تتضعضع بسبب “صفقة القرن”. في المقابل، إن الأردن وملكه على علاقات متينة وقوية مع دول العالم، مثل روسيا وألمانيا وفرنسا وغيرها، التي ستقف معه ومع الشعب الفلسطيني في هذه الفترة الحرجة.
بالنتيجة، ستفرض العقوبات على الأردن، كخطوة تحذيرية، وسيزيد صندوق النقد الدولي من ضغوطاته لا سيما من خلال تقليص المنح التي تعطى للأردن من أجل إرغامه للموافقة على هذه الصفقة. لكن الموقف الأردني ثابت ولا تغير فيه لجهة قيام دولة فلسطين مستقلة وعاصمتها القدس، ورفضه سحب الوصاية الهاشمية عن المقدسات، كما أنه لن يكون أبداً الوطن البديل.
مصدر الصورة: موقع مصراوي.