سمر رضوان
قوبل قرار الحكومة العراقية سحب الأسلحة من الشارع العراقي بسجال واسع بين الأطياف الشعبية والسياسية، بين مؤيدٍ ومعارض له، الأمر الذي فُهِم على أن هناك قرار بحل قوات “الحشد الشعبي”، على خلفية ضغوط خارجية.
حول هذا القرار وتداعياته على الحشد الشعبي والفصائل المتحالفة معه وموقف الحكومة العراقية، سأل مركز “سيتا” الدكتور واثق الهاشمي، رئيس المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية، عن هذا الموضوع وتفاصيله.
مطلب عراقي
إن الشارع العراقي ممتعض من إنفلات السلاح على مستوى الجماعات المسلحة والعشائر، ويريد أن يكون هناك سلاحاً موحدأً بيد الدولة. ففي بغداد تحديداً وقبل بضعة أيام، وقع اشتباك بين عشيرتين قتل فيها نجل مدير الدفاع المدني وآخرين، وتسببت في العديد من الحرائق، كما تم إقفال العديد من الطرق، بعدما سيطرت العشائر على كل شيء.
لا شك أن مثل هذا الأمر يولد إمتعاضاً داخل الشارع العراقي، فالشعب يريد أن يكون هناك قانون ونظام، وأن يكون السلاح بيد الدولة حصراً.
إن مسألة السيطرة على السلاح، باتت قضية تؤرق الدولة الآن على ما يبدو، وأعتقد أن هناك صعوبة بالغة في السيطرة على ذلك. فهذه الجماعات تمتلك أسحلة متوسطة وثقيلة، ناهيك عن أن بعضاً منها يعتبر نفسه غير ملتزم بأوامر وقرارات الدولة. والدليل على ذلك أنه وبعد إصدار رئيس الوزراء للقرار بساعة، ضُربت القصور الرئاسية التي كان يتواجد فيها بعض الخبراء الأمريكيين، وفي اليوم الثاني تم ضربت شركات النفط العاملة في العراق، وأولها شركة “إكسن موبيل”، وهذا الأمر أحرج الحكومة العراقية كثيراً.
من المقصود؟
بالنسبة إلى الحشد الشعبي، فإن وجوده شُرع في ولاية رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي. إلا أن هناك مشكلة تكمن في قدرة الدولة في السيطرة على السلاح المنفلت في كل مكان، على مستوى جماعات مسلحة وعلى مستوى عشائر، وبالتالي تم تخويل السيد عادل عبد المهدي، في اجتماع مع القيادات، بإصدار بيان، عقبه بيان آخر خلال أيام.
إن تقنين وضع الحشد الشعبي، كمؤسسة رسمية عراقية، لا يعني دمجه ضمن القوات المسلحة للدولة، وهو ما اوضحه رئيس الوزراء، قبل أيام، بالقول إن الحشد سيبقى كما هو وكأحد الأذرع التابعة لقوات الدولة الأمنية والعسكرية الأخرى، كالقوات الجوية والبحرية والشرطة الإتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب وغيرها. وتقديراً لدور الحشد وعند إستقبال رئيس الوزراء أحد رؤساء الدول، كان من ضمن حرس الشرف بعض من عناصر الحشد الشعبي.
بالتالي، إن تنظيم الوضع القانوني للحشد الشعبي، بكونه جزءاً من القوات والدولة العراقية، هو أمر جيد. لكننا هنا نتحدث عن بعض الجماعات خارج الحشد التي يسمونها “الحشد الولائي”، أو الذين يتبعون ولاية الفقيه التي تتبع إيران، وأيضاً هناك بعض الأطراف التي لا تلتزم حتى بموضوع الدخول ضمن الحشد. إن المشكلة التي تواجه الدولة العراقية تكمن في الخوف مِن أن تتحول القضية معهم إلى ما حصل مع تنظيم “داعش” الإرهابي.
على المستوى السياسي، رحبت العديد من الأطراف السياسية بهذا القرار، لا سيما السنية والكردية، بينما إنقسمت بعض القوى السياسية الشيعية، حيث وافق البعض الأول، وأُجبر البعض الثاني، ورفض البعض الثالث وذلك خلال الإجتماع الذي عقد في منزل الرئيس العراق، برهم صالح.
ضغوط خارجية
أما بالنسبة إلى قرار رئيس الوزراء، يمكن القول بأن هناك ضفط خارجي يمارس على العراق، وتحديداً أمريكي. فزيارة وزيرا الخارجية، مايك بومبيو، ووزير الخزانة الأمريكيين إلى بغداد، وغيرها من الزيارات، تأتي ترجمة لهذا الضغط، فهي حملت تحذيراً من أن هناك معلومات إستهداف لبعض الأهداف الأمريكية، كما حدث مع شركة “إكسن موبيل” وما حدث في قاعدة بلد الجوية واستهداف مقر السفارة الأمريكية بالصواريخ وغير ذلك.
من هنا، كان الضغط لإصدار هذا القرار لتحاسب فيه أية جماعة مسلحة خارجة عن كل من الجيش والحشد.
رفض إيراني
بإعتقادي، من الضروري القبول بهذا القرار لأسباب متعددة، ومن بينها رغبة إيران في استخدام الأراضي العراقية في حال وقوع أية مواجهات مع الولايات المتحدة مستقبلاً بحيث يكون العراق خط دفاع اولي عنها. فطهران لا يستسيغها صدور مثل هذه القرارات، ولو أنها لم تعلن عن عدم رضاها أو قبولها له، لكونها ستعتمد على بعض تلك الجماعات في حال الصدام مع واشنطن، لضرب مصالح الأخيرة في العراق.
مصدر الصور: موقع الرافدين.