حوار: سمر رضوان
تفاجأ العالم بخبر إعادة إنتشار القوات العسكرية الإماراتية في الحرب على اليمن، فيما لم يُعرَف بعد إن كان إنسحابا جزئياً أم شاملاً، في ظل ضبابية للمشهد بشكلٍ عام عقب الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة الخليج، منذ أحداث تفجير ميناء الفجيرة وليس إنتهاءً بإتهام القوات اليمنية ضرب ناقلة تجارية في البحر الأحمر.
حول هذا الإنسحاب وتوقيته وأسبابه، والتداعيات المحتملة على إستمرار قوات التحالف بالحرب والتصعيد، سأل مركز “سيتا” الأستاذ أحمد المؤيد، الكاتب والمفكر السياسي اليمني، عن تفاصيل هذا الحدث.
الحفاظ على الإستثمار
من المبكر الحديث عن إنسحاب حقيقي للإمارات من المشهد اليمني، ولكن نسمع أن هناك إنسحابات، أو إعادة إنتشار أو لنسمّه إنسحاباً تكتيكياً خصوصاً وأن هذا الأمر نُقِل عن وكالة فرنسية ذكرت أن هناك مسؤولاً فضل عدم ذكر إسمه. من هنا نجد أن هذا الأمر يتبلور في كون الإمارات تريد أن يُشاع إعلامياً أنها بدأت الإنسحاب؛ وبالتالي، تريد من ذلك تجنب أية ضربة محتملة من قبل قوات حكومة صنعاء، لأن الإمارات حقيقةً لا تقوى على تحمل أية ضربات، سواء صواريخ باليستية أو سلاح الجو المسيّر الذي تطلقه حكومة صنعاء على المرافق الحيوية والمطارات السعودية، وخصوصاً أن الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة في صنعاء قد أكد أن هناك بنكاً من 300 هدف يشمل أهدافاً في كلتا الدولتين.
والكل يعلم أن دولة الإمارات أساساً قائمة على الأمن والإستثمار، فإذا هُدِّدَ الأمن فسيتبخر الإستثمار. وبالتالي، هناك خبر من وكالة “رويترز”، قبل فترة، مفاده أن أبو ظبي رصدت طائرتين مسيرتين كانتا تحلقان في سمائها. وبالتالي، إعتقدت الإمارات أن هاتين الطائرتين قد صورت مناطق حيوية وأخذت إحداثيات، وربما يكون هناك ضربة وشيكة في الأيام التي تلي هذا الحدث.
الإنتقال إلى المقعد الخلفي
بعد هذا الحدث، بدأ الحديث عن موضوع إعادة الإنتشار، الذي قيل عنه أنه تكتيكي ومتوجه نحو السلام، وعبارات من هذا القبيل. أولاً، أؤكد أن الهدف منها مبدئياً هو إبعاد شبح أية ضربة عسكرية من قبل القوات المسلحة اليمنية للإمارات.
ثانياً، أن الإمارات في أقصى التقديرات، حالياً، لن تنسحب إلا إنسحاباً تكتيكياً، أي بمعنى الغياب عن المقعد الأمامي والإنتقال إلى المقعد الخلفي أو ما يسمى “القيادة من الخلف”، لأنها ليست منظمة خيرية. في النهاية، هي دولة غزت اليمن وكان لها أهداف إستراتيجية على عدة مستويات، إقتصادية وعسكرية.
فيما يخص الجانب العسكري، كان سلوكها سيئ لإتهامها بإرتكابها جرائم حرب، كالقصف الوحشي للمدنيين وللبنية التحتية، إضافة إلى أن سلوكها السياسي إتسم بنوع من الغرابة حيث أنها تدخلت في اليمن بدعوة دعم الشرعية، التي تعترف بها هي، ثم منعت تلك الشرعية من العودة إلى اليمن. ومن استطاع العودة منهم، منعتهم من التجول وممارسة أعمالهم. وبالتالي، إتضح أن هناك زيفاً في الإدعاءات مقارنةً بالممارسات على أرض الواقع.
السلام مقابل الإنسحاب
في الجانب الإنساني، كانت الإمارات تحتل مستوً سيئاً جداً في هذا الجانب أيضاً خصوصاً بعد تقرير لجنة الخبراء في الأمم المتحدة، أغسطس/آب 2018، الذي أكد على إمتلاك الإمارات سجوناً سرية وتقوم بالتعذيب، وسجِّلَت عليها إنتهاكات كبيرة فيما يخص الأسرى المناوئين لوجودها هناك.
من هنا، لا نستطيع التحدث عن إنسحاب طالما أن الميليشيات، التي أنشأتها الإمارات، لا زالت قائمة، وطالما هناك تواجد عسكري إماراتي في الجزر اليمنية، مثل جزيرة ميون وسقطرى وأرخبيل حنيش التي تحتلها كلها وتقيم عليها قواعد عسكرية، والحديث عن الإنسحاب في ظل هذا الوضع هو محض إعلامي ونوع من “ذر الرماد في العيون” لا أكثر من أجل تجنب الضربات الصاروخية ليس إلا.
مصدر الصور: الميادين.