حوار: سمر رضوان
وضع رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، استقالته من رئاسة الحكومة بتصرف رئيس الجمهورية، ميشال عون، بعد إستمرار الإحتجاجات الشعبية غير المسبوقة، التي تجتاح البلاد منذ أكثر من أسبوعين، ضد الطبقة السياسية، بشكل عام، والحكومة، بشكل خاص، لا سيما وأن الورقة الإصلاحية التي تقدمت بها لم تكن على مستوى الحدث الوطني لكونها لم تقنع اللبنانيين بأنها قادرة على تغيير الواقعين السياسي والإقتصادي.
للوقوف على آخر التطورات على الساحة اللبنانية بعد إستقالة الحكومة ومآلات الوضع للمرحلة المقبلة، سأل مركز “سيتا” المفتي الشيخ عباس زغيب، عن أبعاد هذا الموضوع.
حافة الإنهيار
يعد الحراك نتاجاً لمعاناة عاشها الشعب اللبناني بسبب السياسات الفاشلة والفاسدة التي حكمت وتحكَّمت بلبنان منذ أوائل التسعينيات، حتى قارب العجز فيه شفير الإنهيار الكامل، فكان على الجميع تأييد هذه المطالب المحقة، ولكن ما حصل بعد ذلك هو تقطيع للطرقات ودخول أطراف مشبوهة وأحزاب وقوى وشخصيات لها تاريخها الصهيوني والأمريكي.
كان لزاماً على كل وطني شريف أن يعلن موقفه الرافض لهكذا جهات، وإطلاق صرخة ومواقف تعيد البوصلة إلى مكانها الصحيح ألا وهي المطالب المحقة التي من أجلها خرج الناس إلى الساحات من أجل الوصول إلى مطالبهم المشروعة بإسترداد المال المنهوب، وقيام السلطة الحاكمة بإيجاد علاج كافي وشافي لأوجاع الناس، وضرورة الإسراع بمحاسبة الفاسدين، وأن عبارة “الكل يعني الكل” تعني أن الجميع تحت سقف القانون ولا حصانة لأحد.
تدخلات مشبوهة
من الطبيعي أن تجد هذه الصرخة، النابعة من الحريصين على لبنان وشعبه، من يخالفها من الذين لا وجود لهم إلا بخراب البلد عبر إشعال فتيل الفتنة كي ترتاح “الغدة السرطانية”، أي إسرائيل، يعني على نفس القاعدة التي عملوا على أساسها عندما أشعلوا الفتنة في سوريا، وكما يحصل الآن في العراق، وكل ذلك تحت عنوان المطالبة بحقوق الفقراء، يعني كلمة حق يراد بها باطل كلمة حق يراد منها إضعاف البلاد الممانعة والواقفة بوجه المشروع الصهيوني ومن في صفه، في المنطقة.
ولكن كل التدخلات المشبوهة لا تلغي أن هناك وجع وأن هناك فساداً سلطوياً وأن هناك فقر ومطالب محقة لدى الناس وعلى الحكومة وكل من في السلطة، العمل على تخفيف هذه المعاناة من خلال إتخاذ إجراءات فعلية وسريعة تثبت لأن التجربة أثبتت، وللأسف، أن كل الوعود التي أطلقت كانت كاذبة وهذا ما أفقد غالبية الشعب اللبناني ثقته بكل من في السلطة. فعند القيام بهذه الخطوات الفعلية الملموسة يمكن أن يتميز من الموجودين في الساحات من هو صاحب مطالب محقة والذين يحملون مشروعاً سياسياً تخريبياً وفتنوياً، وعندها يتم التعامل معه على أساس أنه عدو.
تدارك الأخطار
وبالنسبة لتطبيق العصيان المدني، فإنه لا ينجح ولا يعطي أي ثمار بل على العكس فإنه يزيد الوضع تأزماً وقد يؤدي إلى فلتان الشارع وإلى التصادم والتقاتل لأنه، وكما تعلمون، هناك إنقساماً كلياً بين الشعب اللبناني حول هذا الموضوع، وإذا دخلت المواجهة إلى حد الإلغاء فلن يستطيع أي أحد إلغاء الآخر والخاسر سيكون لبنان وشعبه.
أما بالنسبة إلى قطع الطرقات، هناك تخوف كبير من هذه المسألة لأنها تعيد إلى ذاكرتنا القريبة ما حصل من أحداث في سبعينيات القرن الماضي حيث اندلعت الحرب الأهلية التي دفعنا ولا زلنا أثمانها من نهب للبلد، ومن نظام طائفي فاسد، ومن تحكُّم بمقدراتها من قِبل “أمراء الحرب” أنفسهم، الذين ذبحوا وقتلوا على الهوية ونسأل الله أن يخرجنا من هذا الواقع الغوغائي بأقل الأضرار، وأن يجنبنا مواجهة بين الساحات والشوارع كي لا يكون الخاسر الأكبر بها لبناننا وشعبنا.
ختاماً، نقول بأنه قد حان الوقت الذي نفكر فيه جميعاً بوضع قانون ينتج طبقة سياسية تحكم من أجل الوطن والمواطن وليس من أجل الطائفة أو الحزب أو السرقة والنهب.
مصدر الصور: لبنان الجديد – بنت جبيل.