يارا انبيعة 

بشكل مفاجئ وبقرار يدخل “حيز التنفيذ فوراً”، أعلنت الحكومة الهندية إلغاء الحكم الذاتي الدستوري في إقليم جامو وكشمير ذي الأغلبية المسلمة في المنطقة المتاخمة لباكستان والصين. وتثير هذه الخطوة المخاوف من نشوب صراع مسلح جديد في منطقة عانت بالفعل من العنف لعقود، وما فاقم هذه المخاوف إرسال الهند لقواتها إلى المنطقة قبل القرار وقطعها خدمة الإنترنت بعد الإعلان عنه.

إجراءات متبادلة

في رد على هذا القرار، أعلنت السلطات الباكستانية طرد السفير الهندي لديها وتعليق التجارة الثنائية، حيث قررت لجنة الأمن القومي برئاسة حكومة رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، قرارات مهمة أبرزها خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الهند، وتعليق التبادلات التجارية معها، وإعادة النظر في الترتيبات الثنائية، وطرح القضية أمام الأمم المتحدة، ولا سيما مجلس الأمن.”

على المقلب الآخر، تنص المادة 370 من الدستور الهندي على منح وضع خاص لولاية جامو وكشمير، وتتيح للحكومة المركزية في نيودلهي سن التشريعات الخاصة بالدفاع والشؤون الخارجية والإتصالات في المنطقة، فيما يهتم البرلمان المحلي بالمسائل الأخرى.

وقدمت حكومة ناريندرا مودي كذلك للبرلمان مشروع قانون آخر حول إعادة تقسيم جامو وكشمير. ويقترح فصل منطقة لداخ الواقعة شرق كشمير وذات الغالبية البوذية عن الولاية. أما المناطق المتبقية في الولاية، والتي تضم سهول جامو الجنوبية، ذات الغالبية الهندوسية ووادي سريناغار الشمالي ذي الغالبية المسلمة، فسوف تخسر وضعها كولاية اتحادية لتتحول إلى “إقليم اتحادي”.

يقول المدافعون عن هذه الخطوة إن إلغاءها سيمثل انتهاكاً وعدم وفاء لوعد الحكومة الهندية بحماية الوضع الخاص لكشمير، ويخشون أيضاً من أنه سيفتح أبواب الولاية أمام استقرار القادمين من خارجها ما سيؤدي إلى تغيير الوضع الديموغرافي فيها.

تجنب التصعيد

شددت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، على ضرورة العمل على تجنب التصعيد في إقليم كشمير، مشددة على قناعة الأوروبيين بأن الحوار بين الطرفين من خلال القنوات الدبلوماسية هو أمر بالغ الأهمية وأفضل وسيلة لتجنب تدهور الأوضاع.

كما أشارت المسؤولة الأوروبية إلى دعم دول الإتحاد لحل سياسي لقضية كشمير بين الهند وباكستان، وهي القضية التي تسببت في نزاع طويل الأمد بين الطرفين تسبب في عدم الاستقرار وانعدام الأمن في المنطقة، مشددة بضرورة الإبقاء على قنوات التواصل مفتوحة لمعاينة تطورات الوضع.

عربياً، أعربت الملكة العربية السعودية عن قلقها من تداعيات إلغاء الهند الحكم الذاتي لجامو وكشمير، داعية لتسوية سلمية وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة، وقال مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية، إن بلاده تتابع تطورات الأوضاع الحالية في الإقليم، مؤكدة على ضرورة حل النزاع من خلال التسوية السلمية وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة، كما دعت الأطراف المعنية إلى المحافظة على السلام والإستقرار في المنطقة ومراعاة مصالح سكان الإقليم.

من جهتها، قالت الولايات المتحدة إنها تدعم الحوار المباشر بين الطرفين، داعية إلى الهدوء وضبط النفس مع تصاعد النزاع، حيث قال بيان للمتحدثة بإسم وزارة الخارجية الأمريكية بأنه “ما زلنا ندعم الحوار المباشر بين الهند وباكستان بخصوص كشمير والقضايا الأخرى محل الإهتمام.”

بدورها، حثت ماليزيا كل الأطراف المتنازعة إلى الإمتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، فماليزيا، كشريك وثيق للهند وباكستان، تأمل في أن تبدي الجارتان أقصى درجات ضبط النفس من أجل منع المزيد من التوترات التي قد تعرقل السلام والإستقرار في المنطقة.

ختاماً، يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: هل يمكن أن تؤدي هذه الخطوة إلى صراع عسكري؟ بالنظر إلى تاريخ المنطقة، فالإجابة بـ “نعم” هي الراحجة خصوصاً بعد إرسال الهند لـ 8000 جندي إضافي إلى المنطقة، وفرضها حظراً للتجول، وقطعها لخطوط الإتصالات والإنترنت، فيما بدا أنها إجراءات استباقية لمنع الإحتجاجات وقطع الإتصال بالعالم الخارجي.

في المقابل ولأن الجيش الهندي يتفوق على الجيش الباكستاني في العدد والعتاد، فإن باكستان قد، ونقول قد، تسعى لتعويض هذا الفارق الكبير في القوة بإستخدام قوة ردع نووي تكتيكي يمكنها من تنفيذ هجمات نووية محدودة جداً ضد مواقع القوات العسكرية الهندية من دون أن يكون لتلك الضربات تأثير على المدن والمناطق المدنية.

مصدر الأخبار: وكالات.

مصدر الصور: سكاي نيوز – الجزيرة.