حوار: سمر رضوان
خلال السنوات السابقة ثبت بالأدلة تورط أطراف دولية وإقليمية في تقديم الدعم المادي والعسكري، أو حتى اللوجستي للجماعات الإرهابية المسلحة كتنظيم القاعدة وداعش وجبهة النصرة وغيرهم، في عدد من دول العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط. ولوحظ تزايد نشاط التنظيمات الإرهابية من خلال إستعادة قدراتهم وتنفيذهم لعمليات إرهابية في مناطق مختلفة من العالم.
عن نشاط الجهاديين مؤخرا وقيامهم بعددٍ من العمليات الإرهابية آخرها وليس أخيرها في القاهرة، ودور القوى الدولية والإقليمية المنخرطة في الصراعات الدائرة في عدد من الدول كسوريا وليبيا وغيرهما، سأل مركز “سيتا”، الأستاذ علي بكر، المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة من مصر، حول هذا الموضوع وتداعياته على مستقبل المنطقة.
رص الصفوف
في تقديري إن تواجد الولايات المتحدة الأمريكية في أي دولة عربية، يزيد الأمر تعقيدا، الدول العربية قادرة على محاربة الإرهاب، إذا ما مُنِع عن تلك التنظيمات الإرهابية الدعم الدولي والإقليمي، على غرار الدعم الذي تقدمه تركيا للتنظيمات الإرهابية بما فيها تنظيم داعش، وبالتالي يجب أولا أن تساهم الولايات المتحدة في بقاء النظم السياسية وعدم إنهيار الدول، والمساهمة في خلق حالة من الاستقرار داخل الدول على غرار سوريا من أجل مساعدتها في مواجهة ومحاربة الإرهاب، فهذه ستكون هي المساعدة الحقيقية.
أما بقاء القوات الأمريكية في سوريا فهو يزيد من تدهور الوضع، كما أنه لا يساهم إطلاقا على محاربة الإرهاب، فأمريكا قادت تحالف دولي منذ عدة سنوات بحجة محاربة تنظيم داعش، ورغم ذلك لم يتم القضاء على التنظيم، بل أصبح يستعيد نشاطه مجددا، وأصبح يشن العديد من العمليات، ولعل ما أشار إليه المسؤول الأمريكي الثلاثاء الماضي بقوله “عن تنظيم داعش بدأ يستعيد قدراته”، وهذا أكبر دليل على أن الولايات المتحدة ليس لها دورا فاعلا حقيقيا، وليس لديها الرغبة الحقيقية في القضاء على هذه التنظيمات الإرهابية.
ورقة ضغط
الجميع علم بعملية نقل الجهاديين إلى ليبيا والمنطقة الأفريقية عبر دول إقليمية، وهذا أكبر دليل على أن هناك دول تستغل المجموعات الإرهابية في تحقيق أهدافها وسياساتها الخارجية على غرار ما تفعله تركيا وقطر، حيث تعتبر كل منهما أن هذه التنظيمات الإرهابية، أداة لبسط نفوذهما الخارجي وورقة ضغط على دول المنطقة، لا سيما تلك الدول التي تحارب الإرهاب كسوريا ومصر وعدد من دول منطقة الخليج.
إن عملية نقل الجهاديين هي محاولة وللأسف خبيثة لتمدد نفوذ خارجي، لم تستطع هذه الدول أن تبسط نفوذها عبر القوة السياسية أو آلياتها العسكرية، فاعتمدت على مجموعة من تلك التنظيمات التي باتت تهدد أمن وإستقرار المنطقة بأكملها.
خطاب ديني معتدل
وعن العمل الإرهابي في مصر، في تقديري أن هذا العمل يدل على أن التنظيمات الإرهابية في تراجع بدليل أنها ألقت آخر ورقة يمكن أن تعتمد عليها وألقت آخر ما في جعبتها وهي السيارات المفخخة بعد أن سقطت كل كوادرها التنظيمية الفعالة ولم يبق لها إلا مجموعة من الهُواة، بدليل أن هذا الهجوم كان يستهدف مناطق حيوية ولكنه فشل حتى في الوصول إليها، وهو ما يعني أن تلك التنظيمات باتت تتراجع فاعتمدت على آخر ما يمكن أن تملكه وهو العمليات التفجيرية.
فالتدابير التي يمكن أن تأخذها مصر والدول العربية تجاه الحد من تمدد تلك الجماعات، يجب أولا منع التدخلات الخارجية في الشؤون العربية ووقف الدعم الإقليمي للتنظيمات الإرهابية والضغط على الدول الراعية للإرهاب لمنع مساعدة الإرهابيين أو الدفاع عنهم أو مساندتهم سواء كان إقتصاديا أو إعلاميا أو سياسيا.
الأمر الآخر، أننا نحتاج إلى حالة من الترشيد الفكري، إضافة إلى ضرورة وجود حالة من الوقاية الفكرية للشباب حتى لا نفاجئ بجيل جديد متطرف، وأرى أن مصر قد قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال بدليل تراجع وإنحسار العمليات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة مقارنة بالأعوام التي تلت عام 2011و 2013، ومن ثم نحن نحتاج إلى تعاون أمني صادق وتجفيف منابع الإرهاب وتجديد خطاب ديني يلائم الواقع، وخلق جاذبية لهذا الخطاب له جاذبية في المنطقة العربية يمكن أن يجابه الخطابات المتطرفة وينتصر عليها.
مصدر الصورة: الإمارات اليوم.