ما زال صدى الاتفاق الثلاثي الذي اعلن عن توقيعه فيما خص الجنوب السوري محط تساؤلات كثيرة. وللوقوف على هذا الحدث ومداه الاستراتيجي، حاور مركز “سيتا”، الخبير العسكري والاستراتيجي السوري، الدكتور كمال الجفا والذي قال عنه: “حتى الان، لا توجد خطوات ملموسة على الارض نتلمس من خلالها بوادر لفرض هذا الاتفاق الذي يتم الاعلان عنه للمرة الثانية.”
الى ذلك، يشير الدكتور الجفا الى وجود “تريث سوري يقابله استعجال اردني للبدء بخطوات حقيقية ميدانية لتطبيق بنود هذا الاتقاق الذي وُقِّع سابقاً في القاهرة والسبب يكمن في التحفظ والتمُّنع الاسرائيلي بالقبول بهذا الاتفاق قبل فرض شروطها التي عجزت عن تحقيقها بواسطة المجموعات المسلحة التي دعمتها خلال خمس سنوات متواصلة بالعتاد، والسلاح، والتدخل المباشر في هجماتهم التي شنوها على قطاعات الجيش العربي السوري ومراكزه الحساسه في الجنوب. هذه الشروط التعجيزية لن تستثيغها دمشق حتى لو قبِل بها شريكها الروسي لان قواعد الصمود السوري منعت اسرائيل والفصائل المسلحة من تحقيق أهدافها بالقوة العسكرية، مما يعني عدم قبول دمشق بمنحها مكاسب سياسية مجانية هدية لخيباتها في معاركها العسكرية. من هنا، قد تقبل سورية بسياسة خطوة – خطوة، اي عودة تدريجية لسلطة الدولة وادخال المؤسسات التعليمية والخدمية الى مناطق الجنوب وايجاد حلول وسطية ومصالحات مع مكونات محلية معتدلة تقبل بحقيقة فشل المشروع الصهيوني.”
ويستخلص الدكتور الجفا ان وجود نية بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاميركي دونالد ترامب لاعادة احياء هذا الاتفاق يدل على “رغبه حقيقية في احداث خرق في الحالة الميدانية المتأرجحة بين اللاحرب واللاسلم والبدء بكسر الجدران الفولاذية والاحقاد المتراكمة بين مناطق سلطة الدولة ومناطق سيطرة المجموعات المسلحة. من هنا، قد يساهم هذا الاتفاق في حلحلة بعض القضايا الانسانية ومنها السماح بادخال المساعدات الانسانية، يتبعه دخول تدريجي لمؤسسات الدولة السورية مع البدء بالتحضير لفتح معبر نصيب الحدودي، وهذا ما يصب في المصلحتين الاردنية اللبنانية لجهة اعادة تنشيط خطوط الترانزيت بين هذه الدول والخليج العربي.”
وعن الأُفق الاستراتيجي لهذا الاتفاق، يرى الدكتور الجفا بأن “اتفاق وقف التصعيد وتفعيله سيؤتي بمكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية للجنوب السوري لكن إسرائيل لم تزل مصرة على شرط ابعاد كل القوات الاجنبية من الجنوب السوري وبمسافة لا تقل عن 30 كلم وما تقصده هو عناصر حزب الله وقوات الحرس الثوري الايراني مع اضافتها لشرط تعجيزي آخر يتمثل في ابقاء مناطق سيطرة المعارضة السورية على مواقعها لحين التوصل الى حل سياسي. هذان الشرطان قد لا يعجبان سوريا وحلفائها لعدم توازنهما، فالأقرب للمنطق هو اجراء انسحابات متوازية ما بين الفصائل الارهابية والقوات الصديقة واعادة سلطة الدولة السورية على منطقة الحدود السورية – الفلسطينية.”
وعن الجولان المحتل ومستقبله، يقول الدكتور الجفا “لن يكون هناك حلول استراتيجية طويلة الاجل تعيد الاراضي السورية المحتلة وتطيل فترة الأمر الواقع الاسرائيلي على الجولان الى حين اندلاع حرب قاسية ومكلفة يتحرر الجولان بموجبها ضمن منطق الفهم الأسرائيلي لمنطق القوة منذ نشأتها وهو ان ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة. وبالتالي، فإن هذا الاتفاق لن بديلاً عن حل شامل للمنطقة وللجولان المحتل لأن ذلك يحتاج معاهدة سلام شاملة تتضمن حل كل القضايا العالقة منذ بداية الاحتلال الاسرائيلي للجولان السوري.”
مصدر الصورة: ارام نيوز