إعداد: مركز سيتا
برعاية الرئيس السوري، بشار الأسد، وتحت شعار “من دمشق إلى العالم”، إنطلقت فعاليات معرض دمشق الدولي في دورته الـ 61 بحفل افتتاح رسمي وبحضور رئيس الحكومة السوري، عماد خميس، وأعضاء الحكومة، وبمشاركة وفود 38 دولة عربية وأجنبية.
يشكل المعرض فرصة لتعزيز التعاون والتبادل الإقتصادي، فالمساحة المحجوزة تعتبر الأكبر منذ تاريخ انعقاده على المستوين المحلي والإقليمي، إذ تجاوزت 100 ألف متر مربع، وفي ذلك إشارة واضحة لمكانة سوريا الإقتصادية والإستثمارية في العالم.
إنفتاح خليجي
زاد عدد الشركات المشاركة في معرض دمشق للعام الجاري بمقدار 400 شركة، مقارنة بالعام الماضي (2018)، ليصل العدد المسجل إلى 1500 شركة، الجديد في ذلك مشاركة وفد من دولة الإمارت العربية رفيع المستوى، يضم 40 رجل أعمال، في مجالي المال والأعمال، ورؤساء شركات تطوير عقاري ومجموعات تجارية، ومديرين عامين وأعضاء في غرف التجارة في إمارات أبو ظبي ودبي والفجيرة ورأس الخيمة وعجمان والشارقة وأم القيوين، من بينهم، حميد محمد آل علي، الأمين العام لإتحاد غرف التجارة في الإمارات، وعبد الله سلطان العويس نائب رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة، وناصر محمد النويس رئيس مجموعة “روتانا”، وعبد الله محمد السويدي مدير شركة “بن دسمال” القابضة، كذلك سيشارك عبد الجبار عبد المحسن الصايغ، رئيس شركة ومجموعة “الصايغ”، إضافة إلى رؤساء وممثلي مجموعة من الشركات الصناعية والعقارية والاستثمارية والتجارية في الإمارات العربية المتحدة.
كما حضر وفد من سلطنة عمان من المشاركين ويضم الوفد العماني 35 شخصاً، إضافة إلى المشاركين بالجناح العماني وهم 15 شخصاً. وبيّن رئيس لجنة المعارض والمؤتمرات والإجتماعات في غرفة تجارة وصناعة سلطنة عمان، زكريا الغساني، أن معرض دمشق الدولي معروف على مستوى الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن المساحة المحجوزة من قبل الشركات العمانية على أرض المعرض تفوق الـ 500 متر مربع، معتبراً أن المعرض يعد فرصة لتعزيز التعاون والتبادل الإقتصادي بين قطاعي رجال الأعمال في كل من سوريا وسلطنة عمان.
تعد هذه المشاركة الخليجية في المعرض في نشاط اقتصادي سوري، بعد تعليق الجامعة العربية عضوية سوريا في العام 2011، في حين تسعى عدة دول عربية إلى إعادة سوريا إلى الجامعة إذ قالت مصادر دبلوماسية عربية إن بعض دول الخليج العربي لا تمانع عودة العلاقات مع دمشق.
دعوة للإستثمار
دعا رئيس الحكومة السورية، عماد خميس، رجال الأعمال للإستثمار في بلاده التي تزخر بفرص استثمارية مغرية قائلاً “سوريا ترحب بكل مشروع للتعاون الاقتصادي ثنائياً كان أم جماعياً، وخاصة أنها تتحضر لمرحلة إعادة الإعمار والبناء بفرص استثمارية مغرية تدعمها جهود حكومية مكثفة”، مؤكداً على أن العقوبات الإقتصادية الخارجية، التي وصفها “بالظالمة” على بلاده، ترقى إلى مستوى الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، مشيراً إلى أهمية هذا المعرض بعد تسع سنوات من حرب شرسة وقاسية تفخر الحكومة بتضحيات قواتها المسلحة وانتصاراتها المجيدة التي بفضلها حرر تراب معظم مناطق البلاد من الإرهاب.
وكان الرئيس الأسد قد شدد مراراً، في خطابات سابقة، على أن إعادة الإعمار هي أولى أولويات سوريا، ولطالما كرر أن بلاده ترفض مشاركة دول أوروبية وغربية منخرطة في الإرهاب على بلاده في إعادة الإعمار، مؤكداً أنها ستعتمد أساساً على دعم “الدول الصديقة”.
في هذا الصدد يقول الأستاذ أحمد حاج طاهر، المدير التجاري لإحدى الشركات التابعة لوزارة الصناعة السورية، لمركز “سيتا” بأن وزارة الصناعة “شاركت بالمعرض على مساحة 443 متر مربع بكل مؤسساتها وشركاتها النسيجية والكيميائية والغذائية والهندسية، إضافة إلى شركتي السكر والتبغ، وقدمت منتجاتها لشرائح متعددة من الزبائن، حيث كان المنتج يتميز بجودة عالية وسعر منافس مراعاةً للظروف الحالية والضائقة المالية في ظل ما يعصف بسوريا.
ويضيف طاهر أنه ومما لا شك فيه “هناك صعوبات تم تجاوزها، ونحن نتحدث في هذه المرحلة عن تعافٍ جديد ينعكس حكما على الإقتصاد الوطني، فالإنتاج هو الرئة التي يتنفس منها الإقتصاد الإنتاجي والشركات على قدمٍ وساق. هذا التعافي منح التوجه نحو تحقيق القيمة المضافة والريعية الإقتصادية المناسبة بما ينعكس على قيمة الليرة السورية وعلى الإقتصاد الكلي. وهنا، نتحدث عن مشاركة 38 دولة في المعرض، مثل مشاركة 10 شركات إماراتية و40 رجل أعمال إماراتي ووفود مختلفة كالعماني والبيلاروسي ووفد من القرم والهند والصين بالإضافة إلى مشاركة إيرانية ضخمة بشركات كبيرة مثل شركة إيسنوا وباكشوما، وأميرسان في الصناعات الثقيلة والتجهيزات المنزلية وغير ذلك.”
ويتابع طاهر “القادم من الأيام أجمل بمعناه الحقيقي، وسينعكس ذلك على الإقتصاد الكلي، فهناك سلة منتجات متنوعة، من خلال محاولة الشركات الوطنية الإلتفاف على الحصار المفروض، من هنا نعتبر مشاركتها كفعل وعمل مقاوم، فعندما تتحدث أمريكا عن التحذير من المشاركة وتوعّد المشاركين بدولة بحجمها، يريدون من خلال ذلك أن نتوقف عن الإنتاج، ورغم ذلك نحن مستمرون بكل الجهد والصمود المرادف لصمود الجيش العربي السوري وتضحيات الشهداء وجرحانا الأبطال.”
أمريكا تهدّد
حذرت الولايات المتحدة الأميركية، الأفراد والشركات التي ستشارك في المعرض من إمكانية تعرضهم لعقوبات، ونشرت صفحة “السفارة الأميركية في سوريا” بياناً جاء فيه “يجب على الشركات أو الأفراد الذين يخططون للمشاركة في المعرض أن يدركوا أن قيامهم بأعمال تجارية مع نظام الأسد الخاضع للعقوبات أو ما يرتبط به، يمكن أن يخضعوا أيضاً لعقوبات من الولايات المتحدة.”
وعلى الرغم من التحذيرات الأمريكية هذه، إلا أن الإمارات خالفت توجهات واشنطن من خلال إرسالها وفداً ليس على مستوى الأعمال فقط، بل وصف بالرفيع المستوى، في إشارة واضحة إلى تغليب المصالح الإقتصادية على بعض السياسية لا سيما في الضائقة الإقتصادية العالمية، إضافة إلى العمل على تخفيف الهيمنة الأمريكية على مختلف القضايا العالمية من خلال القبول الضمني بوجود تغير كبير في النظام العالمي، وهذا ما أشار إليه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال قمة السبع – 2019 التي إنعقدت في فرنسا.
في هذا السياق يقول الدكتور أحمد أديب أحمد، الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة تشرين، لمركز “سيتا” “إن إقامة مثل هذا المعرض الضخم على المستوى الدولي، يعكس موقف سوريا السياسي القوي في مواجهة العدوان الصهيو – أمريكي، هذا يعني أن سوريا لم تنكسر رغم سنوات الحرب، وبقي قرارها ثابتاً راسخاً، سواء على المستوى الخارجي المتمثل بالتحدي الدائم لسياسات الغرب الإستعمارية، أو على المستوى الداخلي المتمثل بمواجهة الإرهاب وإعادة إحياء الوطن.”
ويضيف أحمد “كما يعكس إقامة هذا المعرض، الإرادة الحقيقية للدولة السورية بإستمرار الحياة الإقتصادية، ويعكس بالإضافة إلى ذلك، القدرة الأمنية القوية لسوريا على تحقيق عوامل الأمن والإستقرار في ظل الحرب. لكل هذه الأسباب فرضت الولايات المتحدة العقوبات على سوريا، وعلى الدول التي ستشارك في المعرض، لكن ما لم يكن في الحسبان بالنسبة لأمريكا أن الإنتصارات التي حققتها سوريا في هذه الحرب، وخاصة في الفترة الأخيرة، كانت دافعاً لهذه الدول التي لا تريد أن تكون تحت الهيمنة الأمريكية، لتجاوز التهديدات وعدم الإكتراث لهذه التهديدات، لذلك وجدنا العديد من الدول تشارك في المعرض متجاهلة التهديد والعويل الأمريكي.”
وعن سطوة واشنطن، يقول أحمد “إن الفزاعة الأمريكية لم يبقَ لها نفس المفعول السابق في عملية التخويف، حيث بدأت الدول تتعاطى بشكل جديد مع العنجهية الأمريكية، خاصة بعدما شاهد العالم إنهزاماتها المتلاحقة في الحرب على سوريا رغم ترويج محور واشنطن لإنتصارات مزيفة غير حقيقية على أرض الواقع.”
ختاماً، إن إقامة معرض دمشق الدولي للمرة الثالثة، بعد الإنقطاع منذ العام 2011 بسبب الحرب الدائرة، يؤكد أن سوريا في طريقها إلى التعافي من الإرهاب بعد إنحساره بشكل كبير جداً، ويؤكد أن كل الدروب تمر من دمشق وما التحذير الأمريكي للمشاركين إلا تأكيداً على ذلك.
مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.
مصدر الصور: روسيا اليوم – سبوتنيك.