إعداد: مركز سيتا
شارك في القمة البريطانية – الأفريقية، التي عقدت في لندن، ممثلون عن مجتمع الأعمال من المملكة المتحدة وأفريقيا، إلى جانب عدد من القادة الأفارقة، والمؤسسات الدولية، ورواد الأعمال الشباب، بمشاركة 350 شخصية من أجل إقامة شراكات جديدة، حيث كان من أهم الخطوات التي تتخذها بريطانيا لتعزيز الشراكة مع القارة السمراء هي خلق علاقات تجارية جديدة يمكن أن تعوض الخروج البريطاني من التكتل الأوروبي.
وفي تقرير سابق لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد”، أشار إلى أن الإستثمار في أفريقيا حقق زيادة بلغت نسبتها 2% أي حوالي 49 مليار دولار. فضلاً عن ذلك، تمتلك القارة الأفريقية العديد من الثروات الطبيعية الغنية فهي تستحوذ على 12% من الإحتياطي العالمي للنفط، و42% من مكامن الذهب، و19% من اليورانيوم، و45% من التيتانيوم، كما تغطي القارة أكثر من 50% من إجمالي الطلب العالمي على الألماس.
“غزل” بريطاني
تعهد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بأن تركز سياسته الجديدة على مسألة الهجرة، إضافة إلى تركيزه على إستعراض المزايا التجارية التي ستكون متاحة بوجه بريطانيا بعد خروجها من الإتحاد الأوروبي من خلال البريكسيت، وقال في كلمته “انظروا حول العالم اليوم وستدركون بسرعة أن المملكة المتحدة.. هي الشريك الأمثل لليوم والمستقبل ولعقود قادمة”.
من هنا، يمكن القول بأن أفريقيا تمثل فرصة مناسبة لتحقيق الأهداف البريطانية خلال المرحلة المقبلة، حيث نجحت القارة السمراء في تحقيق معدلات هائلة من النمو في السنوات الأخيرة، وهو ما دفع جونسون للقول إن “أفريقيا هي المستقبل، وبريطانيا اختارت أن تلعب دوراً إيجابيّاً في ذلك المستقبل”.
مكاسب وأرباح
تتضح أهمية القمة في ظهور أولى نتائجها متمثلة في إطلاق بريطانيا خدمة “بوابة النمو” لمساعدة المستثمرين الأفارقة، والدوليين، والبريطانيين على الدخول في شراكات استثمارية، وسوف توفر خدمة بوابة النمو لكافة المستثمرين فرصة التعرف على الفرص الإستثمارية والمالية التي توفرها بريطانيا للدول الأفريقية على شبكة الإنترنت.
كما وتتمثل أهمية القمة في تواجد الإقتصادات الكبرى كشريك تنموي في القارة الأفريقية، حيث ظهرت المساعي الحثيثة من جانب عدد من القوى الإقتصادية الكبرى في العالم لتعزيز شراكاتها مع إفريقيا في المجال التجاري، وخاصة عقب إطلاق “منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية” رسمياً خلال القمة الإفريقية الإستثنائية، في نيامي عاصمة النيجر العام 2019، والتي تعتبر الأكبر على المستوى العالمي منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية، العام 1995، حيث يبلغ عدد مستهلكيها 2.1 مليار شخص، وناتجها المحلي الإجمالي حوالي 4.3 تريليون دولار، أي 3% من الناتج الإجمالي العالمي.
من هنا، تقول الدكتورة جيهان عبد السلام، الأستاذ بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجماعة القاهرة، أن القمة البريطانية – الأفريقية للإستثمار 2020 تمثل إضافة جديدة للعمل الدولي في تحقيق طموحات القارة الأفريقية للتنمية على مختلف الأصعدة، وتؤكد حرص لندن على دعم المساعي الأفريقية نحو تحقيق الأهداف التنموية وفق ما تم الإتفاق عليه أفريقياً في أجندة التنمية 2063، والأهداف الأممية للتنمية المستدامة 2030، وذلك استناداً إلى مبدأ المصالح المتبادلة والمشتركة.
مشاريع بالمليارات
سلطت القمة الضوء على فرص الإستثمار في إفريقيا وتعزيزها، ورفع معدلات الإستثمار البريطاني بالتحديد، حيث شهدت القمة إبرام صفقات استثمارية كبرى في مجالات متعددة كالطاقة وصناعة البتروكيمائيات، في تغطية لعدد من القضايا المهمة من بينها التمويل المستدام والبنية التحتية، وخطط الإستثمارات المشتركة المستقبلية، والتجارة خاصة الفرص التجارية والإستثمارية بالقارة الأفريقية، وفرص النمو، وخطط الطاقة النظيفة.
وتشير الإحصاءات إلى أن حجم التجارة بين بريطانيا وأفريقيا تجاوز 33 مليار جنيه إسترليني العام 2018، بينما زاد عدد الشركات البريطانية العاملة بالأسواق الأفريقية إلى نحو 2000 شركة، وارتفع حجم الإستثمارات البريطانية بالقارة إلى نحو 20 مليار دولار في العام 2019، هذا من ناحية. من ناحية أخرى، تعهدت الحكومة البريطانية بجعل الإستثمار في أفريقيا أولوية مؤكدة رغبتها في خلق شراكة جديدة معها ترتكز على التنمية والإزدهار والأمن المشترك، كما أعلنت بريطانيا، في أغسطس/آب العام 2018، عن برنامج استثمار جديد لأفريقيا بقيمة أربعة مليارات جنيه إسترليني.
مضاهاة الصين
جاء الإهتمام البريطاني بالقارة السمراء متأخراً، ما فتح المجال أمام توجه دول أخرى إليها وفتح أبواب الإستمثار فيما بينهم، إذ كان يجب على لندن أن تتعلم من الدول الأخرى في التعامل مع القارة كفرصة تجارية.
وبالمقارنة ما بين هذه القمة والقمة الصينية – الأفريقية، التي عقدت في العام 2018، فلقد كانت أكبر بكثير حيث شهدت مشاركة 50 دولة أفريقية، أما قمة اليوم تشهد مشاركة 21 دولة فقط. وفي تلك القمة، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ، عن تعهدات إستثمارية بقيمة 60 مليار دولار.
في هذا الشأن، أشارت صحيفة فاينانشيال تايمز إلى أن بريطانيا لا تستطيع أن تضاهي قوة الصين، حتى لو لم تنجح جهود (الرئيس) شي بالكامل. لكن التباين يوفر مقياساً آخر لمدى تأخر بريطانيا، وقد اتضح هذا بشكل مؤلم عندما قامت رئيسة الوزراء السابقة، تيريزا ماي، بزيارة ثلاث دول أفريقية في محاولة لإعادة ضبط العلاقات التجارية. وكانت هذه أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء بريطاني في خمس سنوات، وأول زيارة لكينيا، وهي مستعمرة بريطانية سابقة، منذ ثلاث عقود. في حين أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، زار 16 دولة أفريقية، منذ العام 2017، في محاولة لإحياء علاقات فرنسا مع القارة.
أخيراً، تعتبر هذه القمة رسالة مفادها أن بريطانيا، وبعد التخلص من قيود التجارة الخاصة بالإتحاد الأوروبي، ستصبح أكثر حرصاً من أي وقت مضى على القيام بالأعمال التجارية وتعزيز الروابط. وسيأمل رئيس الوزراء أن تستجيب الدول بحماس وتتجاهل انتقاداته السابقة؛ فعلى الأرجح، سيشدد جونسون على موضوع التجارة والإستثمار أكثر من المساعدات، وربما يشيد بمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، التي تم توقيعها في العام 2018 من قبل 44 عضو في الإتحاد، بإعتبارها إشارة لمستقبل أفريقيا ككتلة تجارية. من المهم القول هنا بأن تريزا ماي قد أعلنت في رحلتها الوحيدة لأفريقيا، في العام 2018، أن بلادها تسعى لأن تصبح أكبر مستثمر في أفريقيا بحلول العام 2022.
مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.
مصدر الصور: روسيا اليوم – اليوم السابع.
موضوع ذو صلة: غريفين: جونسون يفتح حقبة جديدة من تاريخ بريطانيا