حوار: سمر رضوان
ما يحدث في بعض البلاد العربية، من إحتجاجات شعبية تطالب بتوفير مقومات الحياة الكريمة لها، يجعل من كل عربي معنياً بمشاركة أحوال الأمة مع إحترام خصوصية كل بلد ونهجه، ومن دون التدخل في الشؤون الداخلية أو المساس بالتركيبة السياسية لها.
حول الإحتجاجات الشعبية الحالية في كل العراق ولبنان والمواقف العربية منها، سأل مركز “سيتا” المفكر والباحث الكويتي عبد العزيز بدر القطان، حول هذا الموضوع.
تأثير الجوار
لطالما كنت مدافعاً عن الإنسان عموماً، والعربي على وجه الخصوص، في معظم كتاباتي ولقاءاتي لدرجة إلقاء الإتهامات حولي وإتهامي بالتبعية لجهات معينة وما إلى ذلك. على الرغم من إجهاري ليلاً نهاراً من أن أسمى ما أحمل هو القضية الفلسطينية والقدس كبوصلة لي، والعدو الأوحد هو الكيان الصهيوني، ومن لا يعلم إن المقاومة ثقافة قبل أن تكون رصاصة وبندقية ضد الأعداء، والجميع يعلم أنها ليست حكراً على فئة معينة بل هي إمتداد لكل أحرار العالم على مختلف توجهاتهم خاصة اؤلئك الأشخاص الذين يملكون حرية القرار والفكر والإستقلالية. إن المظلومية تقع على الجميع، ولا تقتصر على جهة بعينها، لكن هناك من يعمل على تحوير وتدوير الأزمات.
هنا نقولها وبكل وضوح: نحن مع الشعب حتى يُنصَف. وكما الحالة السورية فإن كانت ثورة لأجل الإنصاف نحن معها، لكن إختلفنا عندما قام توجيهها نحو القتل والدمار؛ وبالتالي، خرجت عن مسارها الذي كان ليقف معه كل أحرار العالم.
إن من يريد إنصاف المظلوم لن يقف أحد في طريقه حجر عثرة ليكمل ما بدأ به، فالساحة العراقية ساحة متشعبة وولاءاتها متعددة وهذا ليس سراً. لكن اللافت فيها هو إعلاء الصوت والمطالبات بتغييرات تحقق للمواطنين العيش بكرامة. الأمر نفسه في لبنان، فمن خرج من الجموع فعل ذلك بعفوية ليرفع عنه الظلم بعد التراكمات الطويلة، ولعل الظروف المحيطة بكلا البلدين كان لها العامل الأكثر تأثيراً عليهما، كالإرهاب في كل من سوريا والعراق، والذي أثر سلباً بكل تأكيد على واقع المعيشة في معظم البلاد العربية.
آلية عمل
عندما نريد أن نحافظ على شعوبنا ونصونها، يجب علينا تفعيل آليات عمل وخطط وأفكار تمنح العدل بين الجميع. وهنا لا أقول ذلك وكأني أتدخل في شؤون الآخرين بل من منطلق إنتمائي إلى ثقافة الإنسان، لكن من الواجب والأخلاق أن نقف مع المظلوم أينما وقع الظلم؛ فبلادنا العربية بلاد خيرات وتملك المقدرات، ويجب أن يمنح التوزيع العادل.
هنا، أود الإشارة إلى أن ذلك لا يعني أننا في الدول الخليجية ننعم بما يعتقده البعض، أيضاً في بعض مناحي الحياة يقع الظلم على الشعب، ولا يوجد بلد كامل وعادل، لكن على الأقل يجب أن يكون هناك خطط عمل من شأنها تأمين قوت الناس وتوفير أبسط مقومات الحياة طالما هناك إستطاعة.
تحصين البيت الداخلي
يجب ألا نغفل عن العدو الأزلي الكيان الصهيوني. فإذا ما حدث أي شرخ لا سمح الله، ستخرج الإحتجاجات العفوية عن طبيعتها وسيقوم “الطابور الخامس” بركوب الموجة، والتأثير على الوضع الداخلي. على سبيل للمثال، في لبنان، إن إختلفنا أو إتفقنا، ليس من مصلحة أحد أن يضع المقاومة اللبنانية كوسيلة للتأثير على الأوضاع الداخلية، رغم أنها جزء من هذا البلد ومعنية كباقي الأطراف، لكن يجب الفصل لجهة عدم التخوين وكأنها غير معنية بالشأن الداخلي. وأنا شخصياً ومن خلال إنتمائي لمحور المقاومة، أشد على يد كل المسؤولين أن يوجدوا الحلول لشعبهم من دون المساس برمزية المقاومة وقياديها، وقد تشكل إستقالة رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، مقدمة صحيحة تتجاوب مع مصالح الشعب، مع عدم إغفال ضرورة تحصين البيت الداخلي، كما طالبنا في العراق، ليكون منيعاً ضد الأخطار الخارجية وضد أي متربص بهم.
ومثالي الحي على ذلك، وعلى الصعيد الشخصي وبصفة إعلامية، أنني توقفت عن إكمال بعض البرامج لأبقى مستقلاً، لأتكلم كإنسان حر يُعنى بشعوب العالم ويهتم لقضاياها. فأنا مع الحق أينما وجد، ومع النقد البنَّاء، لا مع أن أكون ناطقاً بإسم أحد سوى ما يمليه عليَّ ضميري وقناعاتي.
كإنسان عربي، تعنيني كل شعوب الأرض، فكيف وإن كانت بلاد ما بين النهرين وعروس بلاد الشام؟! فمن لبنان كانت إنطلاقتي ومنها دخلت قلب كل بيت وكل عربي، وأفتخر بإنتمائي لمحور المقاومة والذي ما عهدته إلا أكثر المنصفين وهذا ما أريده منه. هنا، أستشهد بمقولة للسيد محمد حسين فضل الله “إننا نخاف من الناس أن يفكروا، نحن الذين نعتبر أنفسنا خطأً أم صواباً، في مواقع القيادة، وفي مواقع المسؤولية، في الدين والسياسة والإجتماع، نحن نخاف من الناس أن يفكروا ولذلك نمنعهم من التفكير.”
مصدر الصور: العرب اليوم.