حوار: سمر رضوان

شهدت مواقف المجلس العسكري الإنتقالي في السودان تغيراً كبيراً، منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير، إزاء الحراك الإحتجاجي والمطالب التي عبرت عنها قوى شعبية في مختلف المدن السودانية. فبعدما أعلن تبنيه مواقف المحتجين، أبدى المجلس تعنتاً في التعامل مع الحراك الشعبي في ضوء تشديد القبضة الأمنية وفض الحراكات الشعبية بالقوة.

عن دور السلطة العسكرية في السودان ما بعد الرئيس البشير ومستقبل البلاد في ظل جو الفوضى وعدم الإستقرار وموقف دول الجوار من ذلك، سأل مركز “سيتا” الأستاذ عبد الواحد إبراهيم، المحلل السياسي السوداني ومسؤول الإعلام بالجبهة الوطنية العريضة، عن تفاصيل هذا الموضوع.

قيادات غير مؤهلة

إن دور المجلس العسكري، ولم يكن مسؤولاً عما يحدث، في أحسن الفروض كان سلبياً، إذ أن معالجاته شابها الكثير من التردد في حسم تفلتات عناصر النظام السابق من المتأسملة وبقايا النظام الشمولي السابق.

فقيادات المجلس لم تكن أصلاً مؤهلة لإستلام السلطة، ولم يدر بخلدهم أنهم سيورثون تركة النظام في فترة مؤقتة، فهم كانوا يعملون في ظل النظام السابق ضمن رتب عسكرية كبرى. أما عن وجودهم في صدارة القيادة، فالمسألة لم تكن دون أدنى شك التراتبية الوظيفية وإنما، من المؤكد أيضاً، رضا النظام عنهم إما لأسباب إيديولوجية أو سياسية أو توازنات داخل تركيبة القوات المسلحة، بحيث تعاملوا مع تكرار استشهاد الشبان المتظاهرين بقدر فيه نوع من الإستهتار، إذ لم يتخذوا من القرارات ما يؤمن حق الأفراد والجماعات في التظاهر السلمي.

من المؤكد أن وجودهم في ظل مؤسسة مسلحة امتهنت القتال في الحروب الأهلية فترة طويلة من الزمن، جعلهم يتطبعون نفسياً مع الموت وفقدان الأرواح، وهو ما سيترك أثره في السلم الإجتماعي إن لم يتداركوا الأمر.

المبادرة الإفريقية

إن القوى السياسية ترفض سياسات المجلس، غير أن الجميع محكوم بإطار رسمه الإتحاد الأفريقي، ولن يستطيع الفكاك منه وهو الحوار والتفاوض بين القوى المدنية والمجلس العسكري لإستكمال بناء السلطة المدنية الوحيدة التي سيعترف بها الاتحاد، ومن ثم جميع بلدان العالم.

إن فكرة إستمرار المجلس العسكري في الحكم منفرداً هو أمر مستحيل، كما أن أغلب القوى السياسية قد قبلت بمبادرة الإتحاد وخفضت مطالبها من استلام كامل السلطة كسلطة مدنية إلى شراكة مزعومة مع قيادات المجلس العسكري.

حالياً، يجري الحوار والتفاوض لتشكيل السلطة المدنية ممثلة بمجلس الوزراء، ومجلس سيادة مشتركة بين القوى المدنية والمجلس العسكري بأغلبية مدنية، ومجلس تشريعي مؤقت، وجميع هذه التكوينات هي انتقالية بطبعها، ومهمتها الأساسية إدارة البلاد لمدة ثلاث سنوات ونصف، بعدها تدخل البلاد في انتخابات عامة.

مواقف متباينة

لدول الجوار مواقف متباينة، بإستثناء إثيوبيا. فالجميع مع استمرار المجلس العسكري كنظام شمولي كي لا يكون له تأثير كبير عليها مستقبلاً، وأغلبها تريد أن تريح نفسها من وجود حكومات ديمقراطية تسبب لها الإزعاج. هذا الموقف، يشكل “وصفة تاريخية” لغالبيتها، فهم يسيرون على ذات الدرب.

إن السعي والحيلولة دون إقامة نظام ديمقراطي في السودان له تأثير كبير على أوضاع تلك داخلياً، ولكن للآسف هذا التوجه يعتبر خاطئاً. فسياسة السودان الديمقراطي والمستقر سوف تنعكس على جيرانه بشكل إيجابي، أما السودان في ظل نظام شمولي فسيعني إستمرار الحروب واللاجئين والهجرات والضغط على موارد هذه البلدان.

مصدر الصورة: Middle East Online.