محمد شعيب*
تعتبر “حركة اليقين” جماعة مسلحة تعمل، حسب ما يقال، في إقليم “راخين” غربي ميانمار، بهدف الدفاع عن حقوق الروهينغا المظلومين الذين يتعرضون منذ سنوات لحملة إبادة شاملة وصفها المجتمع بأنها حملة عرقية يقوم بها جيش ميانمار. وكانت الجماعة تنشط بإسم Faith Movement، قبل الكشف عنها في العام 2012، وإسمها الحقيقي “جيش إنقاذ روهينغا أراكان” – Arakan Rohingya Salvation Army، واشتهرت الجماعة محلياً بـ “حركة اليقين” بداية وبـ “أرسا” فيما بعد.
ظهرت هذه الجماعة أول مرة في العام 2012 عقب عمليات البطش التي شنها بوذيون ضد مسلمي الروهينغا تحت حراسة وحماية جيش ميانمار، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد عشرات الآلاف.
وتؤكد مجموعة الأزمات الدولية – International Crisis Group، في تقرير لها أصدرته العام 2016، أن الجماعة تأسست من قبل 20 قائداً من الروهينغا الذين يعيشون في مكة المكرمة ولديهم اتصالات مع بنغلاديش وباكستان والهند، ويتزعهما “عطاء الله” أو “عامر أبو عمار الجنوني” المعروف لدى حكومة بورما بإسم “حافظ طهار”، المولود في باكستان حيث انتقلت عائلته من راخين إلى كراتشي بباكستان، ثم سافر من هناك إلى السعودية حيث نشأ وترعرع في مكة حيث تلقى علومه الدينية. وتشير إحدى مقاطع الفيديو الخاصة به على YouTube إلى أنه يتقن اللغة البورمية والعربية بطلاقة. في العام 2012م إختفى عطا الله من السعودية، ليعود ويظهر إسمه بعد إندلاع موجة جديدة من العنف في أراكان مؤخراً.(1)
وبحسب مصادر محلية من الروهينغا وكذلك مسؤولين أمنيين في ميانمار، فإن “أرسا” درب عناصره قرب الحدود مع بنغلاديش؛ لكن هجومهم الأول وقع في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2016 عندما قاموا بقتل بعض الحراس والجنود على حدود ما بين ميانمار وبنغلاديش.
وبمرور الوقت، تحولت الجماعة إلى منظمة إرهابية، ما دفع بحكومة ميانمار إلى إعلانها كذلك، حيث إتهمت بقتل المدنيين المسلمين لمنعهم من التعاون مع السلطات، وبإشعال النيران في قرى الروهينغا. وفي 25 أغسطس/آب من العام 2012، هاجمت الجماعة مراكزاً للشرطة في ولاية راخين وقتلت 12 شخصاً في أكبر هجوم لها حتى الآن، وقد ردت قوات الأمن بهجوم مضاد.
وفي 14 ديسمبر/كانون الأول من العام 2016، ذكرت مجموعة الأزمات الدولية أنها أجرت لقاءات مع قادة الجماعة كشفوا فيها عن علاقات تجمعهم بأشخاص في السعودية وباكستان، ويعتقد أنهم تلقوا تدريبات سرية حديثة لحرب العصابات على أيدي مقاتلين أفغان وباكستانيين. وإن هذه الجماعة لديها الدعم والتعاطف من الروهينغا المحليين بسبب أنهم يعملون للدفاع عن حقوقهم. كما أشارت مجموعة الأزمات الدولية إلى “أن أعضاء هذا الفصيل هم من شباب الروهينغا الصغار السن والغاضبين من رد فعل الدولة على أعمال الشغب التي وقعت في العام 2012.” وكان العديد من هؤلاء الشباب قد حاولوا ستبقاً الهروب من المنطقة بالقوارب إلى ماليزيا، ولكن بحرية كوالالمبور اعترضتهم فعلقوا في البحر، بينا إتجه آخرون منهم إلى القيام بأعمل عنف، هذا من الجانب الأول.
من الجانب الثاني، صرحت الجماعة علانية، في بيان صدر في مارس/آذار العام 2017، أن عملها يقتصر فقط على حماية حقوق مسلمي الروهينغا في ميانمار، وأن الهدف الرئيسي لهجماتها هي للدفاع عن النفس ضد “الجماعة الحاكمة القمعية في ميانمار” لا غير، حتى أنها تدعي بأنها تضمن سلامة الناس من مختلف الأديان والأمم في “راخين” وتحافظ على أماكن العبادة الدينية التابعة لهم.
وبحسب ما تعلن الجماعة، إنها تطالب الحكومة الميانمارية بمنح مسلمي الروهينغا المواطنة والحق في الكرامة المتساوية، ووقف جميع أعمال العنف ضدهم، مشيرة أنها لم تشارك في أي نشاط إرهابي ضد المدنيين، وأن لا علاقة لها بأية جماعة إرهابية في العالم. ياتي ذلك في وقت تصف سلطات ميانمار هذه الجماعة بأنها منظمة إرهابية، وتحظر جميع أعمالها في البلاد، وتقول إن زعماءها تلقوا تدريباتهم في الخارج، حيث أعلنت اللجنة المركزية لمكافحة الإرهاب في ميانمار أن الجماعة هي جماعة إرهابية وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب في البلد، في 26 أغسطس/آب 2017. في المقابل، أصدرت الجماعة بياناً، في 28 أغسطس/آب، وصفت فيه الإدعاءات الحكومية ضدها بأنها “لا أساس لها من الصحة”، وقالت إن الغرض الرئيسي من تواجدها هو الدفاع عن حق الروهينغا، وأن لا علاقة لها بالجماعات الجهادية، وإن هدفها هو” الدفاع وإنقاذ وحماية شعب الروهينغا”.
على الرغم من كل تلك التصريحات، إتهمت الحكومة الجماعة بقتل ما بين 34 إلى 44 مدنياً، واختطاف 22 آخرين في هجمات انتقامية ضد أشخاص اعتبرتهم الجماعة متعاونين من الحكومة، كما تشك الحكومة في إنتماء عدد من الإسلاميين الأجانب لها وهو ما رفضت الجماعة التي أعلنت بأن “لا علاقة لها بمجموعات إرهابية أو إسلاميين أجانب”، وأن هدفهم الوحيد هو النظام البورمي القمعي.
أما على الجانب الثالث، فلقد صرح نور إسلام، رئيس منظمة أراكان الوطنية للروهينغا -Arakan National Rohingya Organization وهي منظمة مقرها في لندن، لهيئة الإذاعة البريطانية – BBC بنغلا أن “الجميع علموا عن هذه الجماعة أول مرة في أكتوبر/تشرين الأول العام 2017 من خلال مهاجمتهم على مخفر شرطة ميانمارية”، وأضاف إسلام “أن الذين إنضموا إلى هذه الجماعة إنما اختاروا مثل هذا الطريق الشنيع بسبب حرمانهم من حقوقهم الأصلية. إنهم لا ينتمون إلى أية جماعة مسلحة دولية. إنهم مجموعة متنامية في أراكان تزعم أنها تقاتل من أجل حقوق الروهينغا.”
إلى ذلك، قالت مجموعة الأزمات الدولية “إن ظهور جماعات مسلحة داخل البلاد قد يزيد من تعقيد الوضع الأمني في أراكان. فإذا قامت حكومة ميانمار بقمعهم من خلال إستخدام القوة العسكرية التعسفية بدلاً من الحل السياسي، فلن يؤدي ذلك إلا إلى زيادة مستوى العنف هناك.”
*رئيس تحرير مجلة الحراء الشهرية وصحيفة ديلي ماي نيوز الإلكترونية.
المراجع:
(1) بي بي سي بنغلا. 26 أغسطس/آب 2017.
مصدر الصور: يورو نيوز – الوطن الكويتية.
موضوع ذات صلة: ما هو الوضع الأمني في بنغلاديش؟