محمد شعيب*
شن الهجمات
لا تورد المصادر الإخبارية معلومات دقيقة عن عدد عناصر الجماعة؛ لكن حكومة ميانمار تؤكد أن عددهم يقدر بنحو أربعمئة مقاتل.
وفي 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 أعلن الجيش في ميانمار أنه قتل حوالي 69 من “المتمردين”، كما أفادت وسائل الإعلام الرسمية هناك؛ وفي 22 يونيو/حزيران العام 2017، قالت بأن ثلاثة من “المتمردين” قتلوا على يد قوات الأمن في غارة على معسكر تابع للجيش.
وفي أغسطس/آب 2017، سلطت الأضواء على هذه الحركة عقب تعرض مواقع للشرطة وقاعدة للجيش لهجمات من قبل مسلحين، حيث أورد بيان حكومي أن 150 مسلحاً من الروهينغا هاجموا مواقع في مونغداو، شمال أراكان، بإستخدام متفجرات يدوية الصنع. كما اتهمت حكومة ميانمار، في أغسطس/آب 2017، “جيش إنقاذ روهينغا أراكان” بقتل 12 مدنياً من المسلمين والهندوس، حيث أشارت الحكومة إلى إن معظم هؤلاء اتهموا بالتعاون معها، غير أن الحركة أصدرت بياناً نفت فيه تلك الإدعاءات، وشددت على أن هدفها هو الدفاع عن حقوق الروهينغا.
عقب تلك الهجمات، شهدت مناطق شمال ولاية أراكان حملة عسكرية عنيفة قام بها جيش ميانمار راح ضحيتها، بحسب الناشط الحقوقي بأراكان عمران الأراكاني في تصريحات لوكالة الأناضول، سبعة 7354 قتيلاً وستة 6541 جريحاً.
هدنة من جانب واحد
في التاسع من سبتمبر/أيلول 2017، أعلنت الجماعة عن هدنة من جانب واحد لمدة شهر كامل لتسهيل وصول المساعدات والفرق الإغاثية للمتضررين من الحملة العسكرية التي يشنها جيش ميانمار شمال ولاية أراكان. وفي بيان له نشر على حسابه في “تويتر”، ناشد التنظيم كل الأطراف العاملة في مجال الإغاثة العمل على استئناف جهودها في المناطق المتضررة وتقديم العون لكل المتضررين والضحايا بغض النظر عن دينهم أو عرقهم. كما طلب البيان من جيش ميانمار “وقف عملياته العسكرية وتقديم العون للمنكوبين” حيث تتعرض الولاية لحملة تطهير قتل فيها مئات المدنيين، وأحرقت فيها المنازل والقرى، وهجر عشرات الآلاف من منازلهم.
هل تنشط “حركة اليقين” في مخيمات اللاجئين ببنغلاديش؟
تحاول “حركة اليقين” فرض الشريعة الإسلامية في مخيمات اللاجئين الروهينغا، منطقة كوكس بازار، كما أن عناصره تقوم بالتدرب على القتال ضد جيش ميانمار. كل هذه المعلومات خرجت ضمن بحث للصحفيين البنغلاديشيين من مخيمات الروهينغا.
لا يمكن لأي شخص السير بشكل طبيعي في شوارع مخيمات اللاجئين الروهينغا، حيث يُمنع الأشخاص، من غير الروهينغا، من الدخول في المخيمات ليلاً بما فيهم عمَّال التنمية المحليين والأجانب.
بعد قيام عدد من الصحفيين ببحث طويل عن الموضوع، تم رصد امرأة روهينغاية في أحد المخيمات، قتل مقاتلو “حركة اليقين” زوجها، على حسبما تدعي. وعند إجراء الصحافيين للمقابلة في منزلها، أسرَّت بوجود عدد كبير من رجال الحركة في المخيمات البنغلاديشية، حيث يقول الصحفييون “ذهبنا إلى أحد المنازل بالمخيمات في إحدى الليالي في أغسطس/آب الماضي، وكان سبب ذهابنا إلى المنزل ليلا هو عدم رغبة المرأة بالحديث نهاراً، فهي تعتقد أن حركة اليقين تراقبها، وستقتلها كما قتلت زوجها إذا ما قالت الحقيقة. لم تكن المرأة على استعداد تام لمواجهة مثل هذا الخطر، فإضطررنا إلى الذهاب إليها ليلا. عندما وصلنا إلى منزلها، وجدنا أنها تعيش في غرفة صغيرة مع طفلين صغيرين. وأثناء إجراء المقابلة، كان في حضنها طفل، والآخر يلعب على أرضية الغرفة. وكان في الغرفة بعض قطع الأثاث المنزلي، كرسي وفراش، وأما الغرفة فكانت صغيرة جداً حتى احتل الفراش نصف الغرفة.”
ويضيف الصحفيون “عندما تحدثنا معها في تلك الغرفة ضجة كبيرة بسبب هطول الأمطار ومع هذا كانت تتحدث بصوت خافض جداً حتى لا يتمكن الجيران من سماعها أو شعور بوجودنا عندها. وتحدثت المرأة بالقول إن زوجها كان يريد الخير للروهينغا، ويريد منعهم من ارتكاب أية جريمة أو مخالفات قانونية. فغضبت الحركة منه وقتلته. وعندما سألناها عن قاتل زوجها، أجابت بإنه أحد عناصر الحركة، بحسب إعتقادها، لكنها لم تذكر اسم الحركة بل ذكرت اسما آخر بلغتها الأم، وهو اسم سابق لهذه الجماعة الذي تشتهبر به في مجتمع الروهينغا.”
وبعد عدة أسابيع من المحاولات التي قام بها الصحفيون، تم تأمين الإتصال مع رجل إدعى أنه عضو في الحركة إلتقته خارج المخيمات، لكن لم يستطع الصحفيون التأكد من هويته بشكل كامل لأنه لم يفصح عنها، أضافة إلى انه تحدث إليهم مرتدياً نقاباً على وجهه، لكنه كان طويل القامة، يمتلك بنية قوية ما يدل على تلقيه لتدريبات عسكرية. خلال الحديث، لوحظ قيام الرجل بمراقبة ما يدور حوله، حيث بدا خائفاً، ويحمل هاتفاً نقالاً في إحدى يديه، ويهز العش بيده الأخرى كي يموه الصوت.
وفي العام 2017، أدى الرجل يمين الإنضمام للحركة، وكان ذلك قبل أيام قليلة من الهجوم على مركز الشرطة الميانمارية، حيث ذهبت بعض العناصر إلى قريته وأفهموهم أنهم في بلادهم تحرمهم من حقوقهم الأصلية، وأنهم يعانون من الإعتداء على الأرواح والأعراض. وإن أرادوا إزالة الواقع الخطير، فلا بد لهم من الإنضمام إلى جماعتهم ومساعدتهم، فقام بالإنضمام إليهم.(1)
وخلال الحديث، إعترف بتلقيه لتدريبات عسكرية أساسية مثل إطلاق النار، وزرع القنابل على جانب الطريق. كذلك، إعترف بأن 3500 عنصراً من الحركة يعيشون ضمن المخيمات في بنغلاديش، لكنهم يذهبون أحياناً إلى ميانمار لتقلي التدريبات العسكرية، فيما يذهب البقية إلى الخارج، مشيراً إلى ان الكثير من أهل قريته قد سبق وإنضموا للحركة في العام 2014.
شكاوى ضد الروهينغا
أولى الشكاوى ضدهم كانت التخطيط لهجمات إرهابية في ماليزيا، في مايو/أيار 2019، حيث قامت قوات الأمن الماليزية بإعتقال أربعة أشخاص يشتبه في تخطيطهم لهجمات إرهابية متعددة خلال شهر رمضان، اثنان منهم كانوا من الروهينغا.
وقالت الشرطة إن الأربعة كانوا يخططون لعمليات قتل وإرهاب تطال العديد من الناس في كوالالمبور والمناطق المحيطة بها خلال أوقات الصيام، وتعتقد الشرطة بأن “حركة اليقين” هي من يقف خلف هذه العمليات الشنيعة.
هل قامت “طالبان” – باكستان بتدريب قادة الحركة؟
وفقا لبيانات الـ ICG، أن مجموعة كبيرة من هذه الجماعة لديها خبرة واسعة في المشاركة بحرب العصابات، في أفعانستان وباكستان، وأن مجموعة أخرى بما فيها عطاء الله رئيس الحركة، تلقت تدريبات من طالبان الأفغانية والباكستانية. ويعتقد إن “حركة اليقين” تعمل على تحرير الروهينغا، وإعادتهم إلى حياتهم العادية.
ويضيف عنصر الحركة “شخصياً، أعارض تماماً القيام القيام بعملياتنا في بنغلاديش التي آوتنا. إن طردتنا، فأين نذهب؟ لا بد لنا من التركيز إلى الكفاح في ميانمار، وينبغي أن يكون هدفنا الوحيد جيش ميانمار فقط.” كما إعترف بأنه “من المستحيل الآن قيام الجماعة بشن هجوم كبير في ميانمار لأن لديها نقص كبير في الأسلحة والذخيرة، ولا أحد يساعدنا”، مضيفاً “إذا حصلنا على ما يكفي من الدعم والأسلحة، يمكننا قتل جيش ميانمار”. وخلال حديثه مع الصحفيين، رن هاتفه النقال، فإنزعج قليلاً، وأوقف تشغيل الهاتف كما حاول فك البطارية. وبعد قليل بدأ يبكي ويقول “لعل أحدا قد رآني. من فضلكم لا تنشروا صورة وجهي. سيقتلونني أنا أيضاً.”
*رئيس تحرير مجلة الحراء الشهرية وصحيفة ديلي ماي نيوز الإلكترونية.
المراجع:
- شاهد مقابلته في الفيديو:
https://bit.ly/2NM96PG
مصدر الصور: الجزيرة – عربي بوست.
موضوع ذات صلة: مشكلتان أمام الروهينغا: المواطنة والإسلام