يارا انبيعة
غالباً ما يوصف الروهينغا بأنَّهم “أكثر الأقليات اضطهاداً في العالم”. ففي تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، صدر في العام 2000، إنَّه بعد الإستقلال اعتبرت الحكومة في ميانمار الهجرة التي وقعت خلال الحكم البريطاني “غير شرعية، وعلى هذا الأساس ترفض منح المواطنة لغالبية الروهينغا.” هذا الأمر، دفع العديد من البوذيين إلى التعامل مع الروهينغا كبنغاليين، ورفضوا الإعتراف بمصطلحهم بإعتباره “اختراعاً” حديثاً أُنشئ لأسباب سياسية.
“مواطنة الإتحاد”
وفقاً لتقرير أعدته “عيادة حقوق الإنسان الدولية”، في جامعة “ييل” لدراسة الحقوق في العام 2015، يشير إلى قانون “مواطنة الإتحاد”، الصادر في العام 1948 والذي يحدد العرقيات التي بإمكانها الحصول على المواطنة، لم يشمل عرقية الروهينغا غير أنه سمح لهم بالعيش مع أسرهم في ميانمار لمدة لا تقل عن جيلين بتقديم طلبات للحصول على بطاقات الهوية. ونتيجة للقانون، ظلّت حقوقهم في الدراسة، والعمل، والسفر، والزواج، وممارسة شعائرهم الدينية، والحصول على الخدمات الصحية مقيدة.
فقدان الأمل
اليوم، لا تبدو هناك أية مؤشرات تدل على أن أزمة الروهينغا في طريقها للحل إذ تحدث تقرير، سربه “المركز الآسيوي لتنسيق المساعدة الإنسانية”، عن عدد من الإخفاقات الواقعية يفوق أي إطار موضوعي للعودة إلى الوطن، في وقت لا يعمد التقرير إلى تخفيف شدة الإضطهادات التي يواجهها مجتمع الروهينغا، وإنما فشل في الإعتراف بهوية اللاجئين بإعتبارهم شعب، وهو ما جعله عرضة للإنتقادات من قبل مجموعات حقوق الإنسان، لكونه يحذف بصورة متعمدة معلومات يمكن أن تضع ميانمار في دائرة الاتهام.
وإثر ظهور التقرير، التقت الزعيمة الميانمارية، أون سان سو تشي، مع رئيس حكومة هنغاريا، فكتور اوربان في بودابست، حيث تبادلا وجهات النظر المشتركة والمثيرة للجدل بشأن هجرة المسلمين، ويعكس هذا اللقاء مدى التغير الذي طرأ على سو تشي، التي كانت رمزاً للديمقراطية، والتي ترى الآن أن اجتماعها مع أكثر قادة أوروبا تطرفاً نحو اليمين وكرهاً للأجانب، إنجازاً غاية في الأهمية.
لكن هذا الاجتماع يجعل تأكيدات ميانمار أنها يمكنها إعادة الروهينغا، وأغلبهم من المسلمين، شيئاً من الماضي ولا يمكن تطبيقه. وإثر الإحتجاجات الغاضبة التي قامت بها المنظمات الدولية ومجموعات حقوق الإنسان، حاول فريق إدارة وتقييم الكوارث، دون جدوى، أن يرسم صورة ناصعة للممارسات المعقدة التي قالت عنها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنها “تطهير تعرقي”. هذا وقد تم التلاعب بالإستفسارات عن أسباب استخدام كلمة “مسلم” بدلاً من الروهينغا من قبل المديرة التنفيذية للمركز الآسيوي لتنسيق المساعدة الإنسانية، أديلينا كمال، خلال محاولتها إبعاد الاهتمام عن إمكانية إيجاد حلول بناءة لقضية الروهينغا، كنوع من المساعدة لميانمار.
وفي واقع الأمر، فإن فريق إدارة وتقييم الكوارث ليست لديه الإستقلالية المناسبة التي تجعله يركز على قضايا معينة دون أن يشاركه في ذلك أفراد من حكومة ميانمار، بما فيها التحقيق في ادعاءات تتعلق بإرتكاب انتهاكات “وحشية” ضد حقوق الإنسان من قبل جيش ميانمار. وبالطبع، فإن ذلك يثير التساؤلات بشأن موضوعية التقرير وصدقيته، إضافة إلى الدوافع وراء هذا التوقيت.
وإذا كان الواقع يشير إلى أن فريق إدارة وتقييم الكوارث عاجز عن تحقيق التزاماته بتقديم التوصيات النزيهة والحرة، فإن ذلك يطرح تساؤلاً بشأن السبب الذي يدفعه إلى القيام بمثل هذا التقرير، وتقديم تحليل غير صحيح للأزمة الدائرة حالياً. وبدلاً من الصدقية، سلط التقرير الضوء على فشل المركز الآسيوي لتنسيق المساعدة الإنسانية في لعب دور فعال لحل الأزمة.
الإسلام هو الخطر؟!
في هذه الأيام، باتت سو تشي من أشهر القادة في العالم الذين يدافعون عن الفكرة التي مفادها أن الإسلام هو الخطر الأكبر لبلدها، معتبرة إياه تحدياً كبيراً في كيفية التعايش بظل وجود أعداد متنامية من السكان المسلمين، مشيرة إلى تحد كبير آخر يتمثل في الهجرة. وعلى ضوء هذا الأمر، فإن إصرار سو تشي على أن ميانمار تتخذ خطوات لإعادة الروهينغا إلى ديارهم، بعيد تماماً عن الواقع، ويمثل دعاية قومية لبلادها.
وثمة أمر مؤكد مفاده أن أزمة لاجئي الروهينغا لم تنتهِ مطلقاً، كما أن الإشارات التي تظهر لا تقدم الكثير من الأمل لهذه الأقلية التي تعرضت لأسوأ أشكال الاضطهاد في العالم؛ بالتالي، فإن الروهينغا لا يمكنهم رؤية سوى مستقبل من اليأس نظراً إلى أن آمالهم تتضاءل بينما يقوم جيش ميانمار بالمماطلة.
عقوبات أمريكية
أوضحت وزارة الخارجية الأمريكية أن قائد الجيش، مين أونغ هلاينغ، ونائبه، سو وين، وعدد من الجنرالات ممنوعين، وعائلاتهم، من دخول الولايات المتحدة، إذ قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إن “الحكومة الأمريكية هي أول من تصرف علنا تجاه أعلى مسؤولين في الجيش البورمي”، مضيفاً “لقد استهدفنا هؤلاء القادة بناء على معلومات موثوقة فيما يخص تورطهم في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان”، معرباً عن “قلقه” إزاء واقع أن الحكومة البورمية لم تحمل منفذي “التطهير الإثني” أي مسؤولية عن أعمال العنف.
من جهتها، ردت إحدى الناشطات الروهنغيين، واي واي نو، بالقول إن خطوة الحظر الأمريكي تشكل خطوة أولى مرحب بها، لكنها دعت إلى بذل مزيد من الجهود لدعم هذه الأقلية التي كثيرا ما تتعرض للاستهداف. وخلال مشاركتها في اجتماع في وزارة الخارجية الأميركية حول الحريات الدينية، قالت نو إنه من المهم التصدي “لعقود من الإفلات من العقاب” التي حظي بها الجيش في بورما، فـ “كثيرون منا في بورما يرحبون بقرار وزارة الخارجية هذا، لكن نعتقد أنها خطوة أولى ونأمل رؤية المزيد من الخطوات الملموسة والفعالة في المستقبل.”
مصدرالأخبار: وكالات.
مصدر الصور: روسيا الآن – Getty.