حوار: سمر رضوان

عقب إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، “نصره” على تنظيم “داعش” الإرهابي، أعلن سحب قواته العسكرية من سوريا مبقياً على 500 جندي لحماية منشآت النفط في منطقتي الشرق والشمال السوريتين جنباً إلى جنب مع قوات سوريا الديمقراطية – قسد. وحسب مارك إسبر، وزير الدفاع الأمريكي، أن هدف العسكرة ليس لحماية المنشآت من التنظيم فقط، إنما من القوات الروسية والجيش العربي السوري.

في بانوراما حول آخر التطورات السياسية في سوريا والمنطقة ضمن إضاءات توضح أهداف الإدارة الأمريكية وحلفاءها في سوريا والشرق الأوسط، سأل مركز “سيتا” الدكتورة أميرة ستيفانو، عضو مجلس الشعب السوري، عن أبرز هذه التطورات.

بسط نفوذ

لم تكتف واشنطن بهذا، إنما حملت في مروحياتها الأسبوع الماضي مجموعة من المهندسين والخبراء، مصريين وسعوديين، إلى حقل العمر النفطي في الشرق السوري الخاضع لسيطرة قوات قسد الإنفصالية، حيث تكمن مهمتها في تأهيل الحقل وزيادة إنتاجه وتدريب العاملين فيه، وهذا الحقل يعتبر من أكبر حقول النفط في سورية إذ كان ينتج 27 ألف برميل يومياً العام 2011.

إن سيطرة التنظيم على آبار النفط تلك كان هدفه ضمان التمويل الذاتي لإمارته المزعومة حيث كانت وارداته النفطية تقدر بـ 40 مليون دولار شهرياً، في العام 2015. وحسب البنتاغون، فقد التنظيم سيطرته على هذه الآبار لتصبح تحت قيادة قوات قسد، المدعومة أميركياً، بعد أن دمِّر جانب كبير من البنية التحتية النفطية عندما بات واضحاً أن هذه الحقول ستسقط بيد القوات الكردية الإنفصالية.

ومع تصريحات الرئيس عن “حبه للنفط”، وأن من حق بلاده التصرف بهذه الثروة وأخذ جزء منها وإعطاء جزء للقوات الكردية الإنفصالية، أدخل الأسبوع الماضي قافلة تعزيزات لوجستية عبر معبر الوليد الحدودي مع العراق تضمنت 100 شاحنة، حيث سبقتها في مطلع الشهر الجاري قافلة تعزيزات مؤلفة من 150 شاحنة من مركبات دفع رباعي وسيارات إسعاف وصهاريج وقود.

طمع تركي

على المقلب الآخر، وقع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، فايز السراج، مذكرتي تفاهم في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي (2019)؛ تضمنت المذكرة الأولى ترسيم الحدود الملاحية في البحر المتوسط، والمذكرة الثانية تتمحور حول التعاون العسكري وإرسال قوات تركية إلى ليبيا، حيث استنكرت اليونان وعدة دول أخرى ذلك، التي لجأت  إلى الأمم المتحدة بإعتبار ما قامت به تركيا هو انتهاك للقانون الدولي لخرقها إتفاقية الجرف القاري لجزيرة كريت اليونانية، إلا أن الرئيس أردوغان الرد بعدم قدرة كل من يمكن مصر وإسرائيل واليونان التنقيب في البحر المتوسط دون الإذن التركي، ما يعني أن أنقرة باتت قادرة على التنقيب قبالة شواطىء قبرص في منطقة تضم حقول غاز كبيرة.

إجراءات قسرية

لقد أخذت الحرب السورية وجوهاً متعددة، منها السياسية والعسكرية، لضرب محور المقاومة والقضاء على الإسلام المعتدل لصالح الوهابية والأخونة، ومنها الحرب الإقتصادية بضرب البنى التحتية والإجراءات القسرية أحادية الجانب، والحصار الإقتصادي الذي أثر على سعر الصرف وغلاء أسعار السلع ونقص المحروقات، آخرها قانون “سيزر”، ليتبلور جلياً بعد عمليات “البلطجة” الأميركية بإعلان وقح عن استيلائها على منشآت النفط في الشرق السوري، وتأمين تمويل الفصائل الكردية لإقامة كيان إنفصالي بطابع عرقي لإعادة طرح مشروع التقسيم على أساس عرقي – طائفي يبرر قيام الكيان الاسرائيلي وإتمام “صفقة القرن”.

إن الولايات المتحدة لا تزال تدعم أدواتها من قيادات الكردية الإنفصالية رغم اتهام الأخيرة لها بأنها “باعتها” إثر إعلان الرئيس ترامب سحب قواته، وقامت بإبرام اتفاق مع الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي (2019) بعد هجوم القوات التركية لإنتشار الجيش العربي السوري على طول الحدود مع تركيا.

لقد عززت واشطن دعمها للفصائل الكردية عندما استحضرت الخبراء والفنيين السعوديين والمصريين لتأهيل الآبار ليشاركوا عبر التواجد الأميركي اللا شرعي بسرقة النفط السوري من قبل دولة عظمى تدعي أنها تقود “العالم الحر”، وتتحفنا بمبرراتها عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.

قرصنة وإستعمار

إن عمل القرصنة هذا والإستيلاء على ثروات الشعب السوري، بمعدل مليون دولار يومياً، ربما هو مقدمة للسيطرة على آبار النفط في الدول العربية الآخرى، بشكل مباشر أو غير مباشر، خصوصاً عندما سمحت لـ “أداتها النرجسية”، أي الرئيس أردوغان، بسرقة النفط والغاز في البحر المتوسط عبر الإتفاقية المزعومة مع الرئيس السراج.

كذلك، سمحت لإسرائيل بسرقة النفط والغاز اللبناني، وهذا ما يدعو لإطالة أمد الحرب السورية مع الإرهاب وإثارة الفوضى في كل منطقة الشرق الأوسط، وما الإعتداءات الإرهابية التي حدثت صباح يوم السبت الفائت، والتي استهدفت مصفاة حمص ومعمل غاز جنوب المنطقة الوسطى ومحطة الريان للغاز من قبل تنظيم “داعش” الإرهابي، إلا تكريساً لعنوان “حرب النفط والغاز” في المنطقة.

إضافة إلى ذلك، إن استهداف شرق سوريا الإستراتيجي ليس بسبب الإحتياطي النفطي فقط، والذي يشكل 0.14% على مستوى العالم، بل لأنه عقدة وصل تربط تركيا بالعالم العربي وإقليم كردستان العراقي، الغني بالنفط والذي قد يشكل مستقبلاً عقدة التحكم بالطريق الرئيسي لمرور النفط والغاز بإتجاه أوروبا.

مصدر الصور: القدس العربي –  شبكة رصد الإخباري.

موضوع ذو صلة: نفط الشمال للكرد.. والمناطق العازلة لأمن إسرائيل