إعداد: مركز سيتا
بعد توقف دام أكثر من خمسة أعوام، وعقب فشلها في إيصال قمري “بيام” و”دوستي” الصناعيين إلى المدار العام 2018، فشلت حكومة الرئيس الإيراني، حسن روحاني، للمرة الثالثة في وضع قمر “ظفر – 1” الصناعي في المدار المطلوب، لكن يبدو أن الفشل لم يقلل من أمل الإيرانيين وعزيمتهم لمواصلة برنامجهم الفضائي. وبموازاة ذلك شككت الولايات المتحدة الأمريكية بالأهداف المعلنة لبرنامج إيران لإطلاق الأقمار الصناعية، وتقول إنه ستار لتطوير برنامج للصواريخ الباليستية.
أسباب الفشل
قال المتحدث بإسم القوة الجوية في وزارة الدفاع الإيرانية، أحمد حسيني، إن عملية وضع قمر “ظفر – 1” الصناعي في المدار لم تكن ناجحة بسبب عدم بلوغ السرعة المطلوبة، وأشار إلى أن طهران ستعمل على تصحيح الأخطاء التي أدت إلى فشل المهمة، وستواصل هذه التجارب في المستقبل. يذكر بأن القمر إنطلق عبر صاروخ “سيمرغ” من قاعدة الإمام الخميني الفضائية في إقليم سمنان، 230 كلم جنوب شرقي طهران، وهي منشأة تحت إدارة وزارة الدفاع الإيرانية.
ووفقاً لوكالة “ناسا” الأمريكية، فإن عملية الإطلاق قد فشلت خلال المرحلة الثانية أو الثالثة من الرحلة، لأن سرعته كانت حوالي 1000 متر في الثانية، وهي أقل من السرعة المطلوبة للوصول إلى المدار.
ولكن مع تلك المحاولة الفاشلة، إلا أن مسؤولين إيرانيين بوزارة الدفاع الإيرانية أكدوا بأن 90% من الأهداف البحثية في إطلاق القمر الصناعي الإيراني “ظفر” قد تحققت. وبعد سقوط حطام صاروخ “سيمورغ” في المحيط الهندي وقطع من قمر “ظفر” الصناعي في منطقة سرجنكل بمحافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي إيران، تركز اهتمام الجهات القائمة على المشاريع الفضائية الإيرانية على الخطوات القادمة، وعزمهم على إطلاق النسخة الثانية من القمر ذاته خلال العام الإيراني المقبل، 2021، إلى الفضاء.
وبصرف النظر عن مدى نجاح أو فشل تلك العملية، التي سوف تحظى بمتابعة دقيقة من جانب الدول الغربية لا سيما الولايات المتحدة ، فإن توقيتها يوحي بأن هذه الخطوة الجديدة التي أقدمت عليها إيران لا تنفصل عن التصعيد الحالي مع تلك الدول.
الأهداف الإيرانية
أطلقت إيران أول قمر صناعي محلي الصنع في العام 2009، ثم أطلقت قمراً ثانياً في العام 2011 وقمراً ثالثاً في العام 2012، لكن محاولتين على الأقل لإطلاق قمر صناعي، العام 2019، باءتا بالفشل.
ويقول مسؤولون أميركيون إنهم يخشون من أن التكنولوجيا الباليستية طويلة المدى المستخدمة في إيران لوضع الأقمار الصناعية في مداراتها من الممكن أن تستخدم أيضاً في إطلاق رؤوس حربية نووية مستقبلاً.
في تكملة لما سبق، يرى الغرب أن محاولات إيران العديدة لإطلاق أقمار صناعية إلى الفضاء تمثل انتهاكاً للإتفاق النووي بإعتبار أن ذلك يثبت عدم إلتزامها بالقيود المفروضة على برنامجها الصاروخي، حيث يدعوها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 إلى وقف الأنشطة الخاصة بتطوير تلك الأنواع من الصواريخ التي يمكن لهما حمل أسلحة نووية. إلا أن الرد الإيراني يقول بإستمرار بأن الصواريخ الباليستية التي تمتلكها ليست مصممة لحمل هذه الأسلحة على نحو يكشف، بصفة دائمة، عما تسميه اتجاهات عديدة بـ “مكامن الخلل” في الإتفاق النووي الحالي الذي لم يتضمن التزامات صارمة في هذا السياق.
من هنا، يبدو إن التصعيد سوف يكون السمة الرئيسية لتفاعلات إيران على الساحتين الداخلية والخارجية خلال المرحلة القادمة، رغم المحاولات التي تبذلها أطراف عديدة لتقليص حدة التوتر والعودة إلى خيار المفاوضات.
محاولات أخرى جديدة
في سياق متصل، ذكر التلفزيون الرسمي الإيراني، أن الحرس الثوري كشف عن صاروخ باليستي جديد اسمه “رعد – 500″، وهو مزود بمحرك قادر على حمل أقمار صناعية، والصاروخ هو الأول من نوعه حيث تمت صناعة هيكله من ألياف الكربون، ويزن نحو 2 طن، ويبلغ مداه حوالي الـ 500 كلم.
إلى ذلك، نشرت وسائل إعلام إيرانية أيضاً تقارير عن تصميم العلماء الإيرانيين صاروخ “ذو الجناح”، وقالت إنه قادر على حمل الأقمار الصناعية، وسيدخل الخدمة خلال الفترة المقبلة ليحمل قمر “ناهيد – 1” الذي أمسى جاهزا للإطلاق، إلى الفضاء ويضعه في مداره على مسافة 250 كلم من الكرة الأرضية.
وبموازاة ذلك، أعلنت وكالة الفضاء الإيرانية أنها تعتزم إطلاق خمسة أقمار صناعية، هي “بارس – 1 و2″ و”ظفر – 2″ و”ناهيد – 1 و2” خلال العام 2021، ووضعها في مداراتها على ارتفاع أكثر من 500 كلم في إشارة إلى الإستمرار في التجارب حتى يكتب لها النجاح.
مواقف متشددة
اتهم وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إيران بتطوير مهاراتها المتعلقة بالصواريخ البالستية من خلال إطلاق قمر اتصالات وتوعد بممارسة مزيد من الضغوط عليها، وقال بومبيو في بيان إن “الولايات المتحدة ستواصل حشد الدعم في أنحاء العالم لمواجهة انشطة النظام الإيراني الصاروخية البالستية المتهورة، وسنواصل فرض ضغوط كبيرة على النظام لتغيير سلوكه.”
إلا أن اللافت في هذا التصريح هو العلم التام لدى الولايات المتحدة بأن الإيرانيين باتوا على مسافة خطوات من الإنضمام إلى نادي الدول الفضائية ذات تكنولوجيا الفضاء المتطورة؛ فعلى الرغم من الحصار التام منذ 40 عاماً، إستطاعت إيران للوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة من التكنولوجيا الفضائية التي تمثلت بعمليات إطلاق الأقمار الصناعية تلك، والإعتماد على الصناعات المحلية في مختلف القطاعات.
وفي أول تعليق إسرائيلي على فشل إيران بإيصال قمرها إلى المدار، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن طهران فشلت في إطلاق قمر صناعي إلى الفضاء، مضيفاً “أن الإيرانيين يفشلون أيضاً في نقل الأسلحة إلى سوريا ولبنان، لأن إسرائيل تعمل هناك بإستمرار، بما في ذلك هذه الأيام بالذات، على حد تعبيره.”
أخيراً، إن الأخطاء التي تحصل قد تكون على “شفا حفرة” من النجاح العلمي وهو أمر طبيعي ولا يمكن اعتباره فشلاً، في حين يسعى أعداء إيران إلى عرقلة عجلة التطور فيها بحجة أن نشاطاتها العلمية هدفها تنفيذ سياسة عدائية ما إستوجب فرض العقوبات عليها، إلى جانب محاولاتهم التقليل من قدراتها التقنية.
من هنا يبرز سؤال مهم: في حال تمت الموافقة على إعادة التفاوض بشأن الملف النووي، هل ستقبل إيران بإخضاع هذه التجارب العلمية للمراقبة أيضاً خوفاً من إستخدامها في أغراض تجسسية، خصوصاً بعد الرغبة الأمريكية في إدراج الأسلحة الباليستية ضمن الإتفاق وهو ما رفضته إيران، أم أنها ستبقيها خارج نطاق المراقبة لكونها تخضع لنطاق البحث العلمي ليس أكثر؟ سؤال يطرح والجواب عليه مؤجل حتى جلاء الأحداث.
مصدر الأخبار: سيتا + وكالات
مصدر الصور: ميدا إيست أونلاين – ایران إینترنشنال.
موضوع ذو صلة: على خشبة المسرح الدولي الكل يتقن دوره: عن شمّاعة النووي الإيراني